الحرب الاستخباراتية وربع الساعة الأخير في عمر الكيان
على خلفية التقدم الحاصل في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، وترجيح كفة عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، شهدنا تكثيفاً غير مسبوق في المواجهة والحرب الاستخبارية بين إيران وكيان الاحتلال الذي يرى في إنعاش الاتفاق النووي واحد من عوامل تسريع نهاية العمر الافتراضي للكيان.
سبق للكيان أن استهدف منشآت طهران النووية وأماكن تطويرها عبر مجموعة متنوعة من الأساليب الاستخباراتية، من الهجمات الإلكترونية إلى الاغتيالات المباشرة، بما في ذلك استهداف عدد من العلماء النوويين الإيرانيين.
عمليات الكيان وبداية المواجهة البحرية
في 6 نيسان الماضي، فتحت الستارة على جولة أخرى من المواجهة في شكل حرب بحرية مستمرة غير معلنة بين الجانبين: بالقرب من ساحل جيبوتي في البحر الأحمر، بدأ جيش الكيان، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، هجوماً بالألغام على السفينة الإيرانية «سافيز». وكما ذكر الجانب الإيراني، كان قد تم نشر السفينة في البحر الأحمر وخليج عدن لضمان الأمن البحري وحماية السفن التجارية الإيرانية من القراصنة العاملين في المنطقة، لتكون بمثابة «مركز لوجستي» لإيران في هذه المناطق.
وتجدر الإشارة إلى أن الكيان، كما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في آذار، نفذ بالفعل هجومات ضد ما لا يقل عن 12 سفينة إيرانية منذ عام 2019، ولا سيما تلك التي تنقل منتجات نفطية إلى سورية.
وبالإضافة إلى حادث سافيز، وقع حادث آخر مدبّر في منشأة شهيد أحمدي روشان النووية الإيرانية في نطنز يوم 11 نيسان، وهو الحادث الذي أعلن مسؤولو المخابرات الأمريكية والصهيونية مسؤوليتهم عنه، وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز».
ردود إيرانية وحلقة جديدة من الاستهداف
في 12 نيسان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد الخطيب زاده إن إيران تعتزم الانتقام من الكيان لتخريبه منشأة نطنز، معلناً أنه «سيكون رد إيران على هذا الحادث انتقاماً في الوقت والمكان المناسبين. وإذا كان الهدف من هذا المخطط إضعاف الطاقة النووية الإيرانية، فسيكون العكس هو الآخر. وسنستبدل أجهزة الطرد المركزي IR-1 المتخلفة بأخرى أكثر تقدماً».
في اليوم التالي، 13 نيسان، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية «فارس»، نقلاً عن مصادر غير رسمية، أن «مجموعة من الرجال المسلحين» هاجمت (في شمال العراق) مركزاً للمعلومات والاستخبارات العملياتية تابعاً لوكالة الاستخبارات الصهيونية (الموساد)، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الصهاينة. وفي اليوم ذاته، هوجمت السفينة الصهيونية «هايبريون راي» بالقرب من ساحل الإمارات وتعرضت لأضرار مادية.
بعد ذلك، واصل الكيان استهدافه العسكري غير المعلن ضد الناقلات الإيرانية التي يقال إنها تحمل النفط إلى سورية. وهكذا، اندلع حريق يوم السبت، 24 نيسان، في سفينة تحمل نفطاً قبالة الساحل السوري بالقرب من مدينة بانياس. وفي ذلك اليوم، هاجمت القوات الجوية الصهيونية مرة أخرى قواعد إيرانية في سورية. ورداً على ذلك، أطلقت «وحدات مجهولة» صواريخ مضادة للطائرات ذات تصميم سوفييتي قديم تجاه فلسطين المحتلة، سقط أحدها على بعد حوالي 30 كم من مفاعل ديمونة النووي الصهيوني.
القلق الوجودي والعمر الافتراضي
كما ذكر سابقاً، تعكس التطورات الأخيرة قلقاً حقيقياً لدى الكيان الصهيوني، ذلك أن الوصول إلى توافقات حول الملف النووي الإيراني سيشكل عاملاً إضافياً من عوامل القلق الوجودي الصهيوني في المنطقة، وهو ما نراه اليوم حاضراً في تصريحات العديد من قادة الكيان حول «العمر الافتراضي لإسرائيل» وقرب انتهائه.
وكذلك الحال في الجانب الإيراني، الذي يرى أن نتيجة المواجهات الأخيرة أثبتت هشاشة وضعف القدرات العسكرية «الإسرائيلية» ليس على الجبهة الخارجية فحسب، بل وكذلك داخلياً حيث يعكس انفجار مصفاة حيفا، وتسرب الأمونياك، وتعرّض ثمانين شركة لهجمات إلكترونية، والانفجار قرب مطار بن غوريون، وتدمير مركز الاستخبارات شمال العراق وأخيراً سقوط الصاروخ قرب مفاعل ديمونة، مستوى الضعف الأمني والعسكري غير المسبوق لدى الكيان، إلى حد دفع قائد «الحرس الثوري» الإيراني، اللواء حسين سلامي، إلى اعتبار أن «عملية عسكرية واحدة يمكن أن تؤدي إلى انهيار إسرائيل».