أمريكا تحذّر من عودة «داعش» إذا انسحبت من العراق وللمفاجأة: ينشط في اليوم التالي!
عاد الحديث عن تواجد قوات التحالف الدولي في العراق، وعلى رأسها الوجود الأمريكي، ليتصدر المشهد السياسي في البلاد، حيث برزت ضغوطٌ جديدة تدفع بهذا الاتجاه، ولتُقدم واشنطن على تكرار مسرحية سياسية وإرهابية لشراء المزيد من الوقت.
صدر في كانون الثاني من عام 2020 قرار برلماني يقضي بإخراج جميع القوات الأجنبية من العراق، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ الضربات العسكرية شبه اليومية على مواقع قوات التحالف الدولي والقواعد العسكرية الأمريكية بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، فضلاً عن استهداف مركبات النقل اللوجستية لهذه المراكز بالمفخخات والعبوات الناسفة، دون أن يجري تأكيد أو نفي بخصوص هويّة الفاعلين، كان من أواخرها استهداف قاعدة «فيكتوريا» الأمريكية في داخل مطار بغداد الدولي في 22 من الشهر الماضي، ثم استهداف قاعدتي «بلد الجوية» في محافظة صلاح الدين و«عين الأسد» في محافظة الأنبار يومي 3 و 4 من الشهر الجاري... وتتوازى حملة التصعيد والاستهداف العسكري هذه مع ضغطٍ شعبيّ يطالب باستقلال العراق عن جميع التدخلات الخارجية، الاقتصادية والسياسية والعسكرية، مما يفرض على جميع القوى السياسية، والحكومة، الرضوخ لهذه المطالب والاستمرار بالحديث عنها، وعدم تمكّن أحدِ من طيّ القرار البرلماني السابق.
بعد استهداف «فيكتوريا» بيومٍ واحد، خرج كينيث ماكينزي، قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي، من جحره ليصرّح بأنّ «العراق يريد بقاءنا، ولن نخفض عدد القوات هناك»، وفي ذات اليوم جرى اتصالٌ بين رئيس إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أعلنا خلالها بياناً صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الإقليم ومما جاء فيه: «الجانبان أدانا الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد الإقليم والقواعد العراقية وقوات التحالف الدولي، وجرى الاتفاق على الحاجة المستمرة لقوات التحالف الدولي في البلاد».
بالردّ على تصريح ماكينزي، والاتصال الهاتفي السابق، صرّح المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، بأن «العراق لا يحتاج إلى أي قوات عسكرية أجنبية، أمريكية كانت أو غير أمريكية، ونعمل حالياً على جدولة خروجها من العراق» وليكون التصريح محصلة للضغط الشعبي وضغط فصائل المقاومة بهذا الاتجاه، وليعيد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، يوم 26 من الشهر الماضي، تأكيده وجوب انسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق، وذلك خلال لقاء مع السفير الكندي في بغداد، مطالباً كندا بذلك أيضاً، بوصفها «عضواً في التحالف الدولي، وهي معنية بانسحاب القوات المقاتلة في التحالف وفق جدول زمني متفق عليه»... لتبدأ بعد ذلك مسرحية الأمريكي:
صرّح قائد القيادة المركزية الأمريكية (السابق) في الشرق الأوسط، الجنرال جوزيف بوتيل بأنّ انسحاب الولايات المتحدة من العراق ساهم في ولادة تنظيم «داعش» الإرهابي ومهد لانطلاق أعماله. التصريح الذي اعتبره العراقيون تهديداً مبطناً بعودة نشاط داعش إذا ما تمّ إخراج القوات الأمريكية من العراق، وهي اتهاماتٌ لم تبذل واشنطن جهداً في نفيها، وإنما جرى تأكيدها، فبعد يومين بالضبط، في الأول من الشهر الجاري، تنشّطت خلايا «داعش» وشنت هجوماً شمالي العراق في إقليم كردستان، على نقطة تفتيش تابعة لقوات «البيشمركة»، راح ضحيتها عددٌ من القتلى، وسارع رئيس الإقليم مسرور بارزاني إلى إطلاق تصريحه حول: «ضرورة أن يواصل التحالف الدولي تدريب ومساعدة قوات البيشمركة والجيش العراقي، والبقاء في العراق للتصدي إلى تنظيم داعش وإنهاء التهديدات الإرهابية المستمرة على إقليم كوردستان والعراق عموماً»، ولتستمر تحركات «داعش» بعدها مستهدفةً قوات الجيش العراقي نفسه في قرية المحمودية بمحافظة نينوى، وصولاً إلى استهداف بئرين نفطيين في محافظة كركوك فجر اليوم الأربعاء.
وقد أدى هذا التصعيد إلى مزيدٍ من الضغط على الحكومة العراقية، ليعلن رئيسها مصطفى الكاظمي يوم أمس عن بحثه مسألة خروج القوات الأمريكية من العراق مع وفد أمريكي ترأسه منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، ثم صرح مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي اليوم خلال استقباله رئيس أركان حلف الناتو، بأن بلاده لا تحتاج أي قوة قتالية وأن «انسحاب القوات الأجنبية القتالية من العراق يساعد على استقرار وتعزيز أمنه».
لا يضيف هذه الفصل الهزلي المكرر من واشنطن أي جديد على السلوك الأمريكي ومسرحيته التي جلّ ما يفعلونه بها محاولة إطالة إغلاق ستارتها في العراق، وتوضح هذه التطورات الأخيرة الضغوط الجديدة التي تُمارس من قبل العراقيين بهذا الاتجاه، ولن تقف حتى إخراج آخر جندي أمريكي من البلاد.