هل هنالك مخرج من استعصاء أفغانستان؟
على مدى عقود، شكّلت أفغانستان واحدة من أكثر المناطق سخونة في العالم. وخلال عشرين عاماً من وجود القوات الأمريكية وقوات الناتو على أراضيها، شهدت البلاد مستويات غير مسبوقة في معدّلات الجريمة والانهيار الاقتصادي وانتعاش التجارة السوداء ولا سيما تجارة الأفيون.
بموجب اتفاق الدوحة، الذي وقعته إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، وحركة طالبان، يجب سحب جميع القوات الأمريكية بحلول 1 أيار المقبل. وهو ما استدعى من المتحدث باسم طالبان، محمد نعيم ورداك، إعلان أنه عدم المشاركة في أي مؤتمر حول أفغانستان قبل خروج جميع القوات الأجنبية من البلاد. غير أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، صرّح مؤخراً إنه سيكون من الصعب سحب القوات من أفغانستان بحلول أول أيار «لأسباب تقنية»، مؤكداً مع ذلك أن القوات الأمريكية «لن تبقى هناك لفترة طويلة».
في مقابل هذه المناورة الأمريكية، أكدت طالبان أنها ستستأنف هجماتها ضد القوات الأجنبية إذا لم تتم عملية الانسحاب في الموعد المحدد. وبالفعل، شهدت الحركة اجتماعات عدّة بين القادة السياسيين والعسكريين داخلها للتحضير الصريح لمرحلة ما بعد 1 أيار.
وبشكلٍ يفصح عن الوجه الحقيقي لطبيعة التدخل الأمريكي السافر في شؤون البلاد، بعث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، رسالة إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني في آذار الماضي ينذر فيها حكومة كابول بقبول المقترحات الأمريكية بسرعة بشأن «التسوية الأفغانية»، وتشمل المقترحات: تشكيل حكومة مؤقتة تحافظ على النظام السياسي الحالي مع بعض التغييرات الطفيفة مثل إدخال عدد من النواب المحسوبين على طالبان إلى البرلمان، وتخفيض العنف في غضون 90 يوماً، وإنشاء لجنة لوضع دستور جديد للبلاد.
بطبيعة الحال، رفضت طالبان الشروط والرسالة الأمريكية وتمسكت بمطلب انسحاب القوات الأجنبية عن البلاد. ورداً على ذلك، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في 14 نيسان إن الانسحاب من أفغانستان سيبدأ في 1 أيار وأنه «يمكن أن يكتمل بحلول 11 أيلول» أي الذكرى السنوية العشرين للهجمات في نيويورك، مضيفاً أنه في حالة قيام طالبان بعمليات عسكرية خلال انسحاب القوات، فإن الولايات المتحدة سترد «بكل الوسائل المتاحة».
في المقابل، تصرّ طالبان أن هذه التصريحات ليست سوى مراوغة أمريكية للمماطلة والتسويف، حيث تملك الولايات المتحدة سلسلة من الإجراءات في أجندة عملها، تبدأ بإطالة عمر الانسحاب قدر الإمكان، ولا تنتهي عند حقيقة الوجود الذي سيستمر للآلاف من ممثلي الشركات العسكرية الخاصة الأمريكية والبريطانية وعدة دول غربية في البلاد وهي الشركات التي لعبت خلال السنوات السابقة دوراً رئيسياً في الاضطلاع بالمهام التي كانت تسند بشكلٍ تقليدي للقوات المسلحة، ما يجعل التحضير الفعلي لمواصلة العمليات ضد القوات الأجنبية الأداة الوحيدة الفعالة لضمان إجبار الولايات المتحدة نحو الخروج الحقيقي والجدي من البلاد والكف عن التدخل في شؤونها الداخلية.