«السوبر ليغ» مجرّد رأسمالية احتكارية
أطلّ من جديد دوري السوبر الأوروبّي «السوبر-ليغ» ليحتل العناوين: وهو المقترح لإنشاء بطولة أوروبّية يضمن فيها 15 نادياً من الكبار عدم استبعادهم، الأمر الذي قوبل باستياء واسع النطاق من محبّي ومتابعي كرة القدم. إذا ما مضوا قدماً في الخطّة، فسيتم تشكيل مستقبل كرة القدم من خلال التلفزيون والإعلان، حيث سيضمن هذا الدوري للأندية الكبار إيرادات تقارب 450 مليون دولار سنوياً، وهو ما يتخطّى بكثير إيرادات الدوريات المحلية ودوري أبطال أوروبا.
من المهم الإشارة إلى أنّ السوبر-ليغ ليس حالة شاذة، بل هو استمرار للمسار الذي سلكته كرة القدم لفترة طويلة. وربما إنشاء الدوري الإنكليزي الممتاز في التسعينيات بتحفيز أموال شبكة سكاي يخدم كمثال ممتاز. لكنّ الأمر اليوم أكبر لكونه يمثل مدى سيطرة الأندية الكبرى التي تريد قوننة سيطرتها.
ليس الاتحاد الأوروبّي لكرة القدم «الويفا UEFA» بمنظمة يريد المرء الدفاع عنها، لكنّ محاولة الأندية الكبرى تصوير الأمر وكأنّه انقلاب على بيروقراطية وفساد الويفا لا يعبّر عمّا يجري. حاولت الويفا الانحناء للأندية الكبرى عبر تعديل هيكل دوري أبطال أوروبّا، حيث زادت عدد المباريات المضمونة التي يتم لعبها في مراحل المجموعات من 6 إلى 10 مباريات، وإجمالي المباريات من 125 مباراة إلى 225. كما وعدت الويفا بمكان واحد يُمنح بناء على الأداء السابق أو على «العامل التاريخي» لأحد أندية النخبة الذي لم يتمكن من التأهل من خلال الدوري المحلي.
لكنّ هذا لم يكن كافياً للأندية الكبرى. كان أندريا أغنيلي – مالك شركتي فيات ونادي يوفنتوس الإيطاليين – رئيس مقترحات جمعية أندية النخبة وأول من انسحب من الاجتماع ليوقع ناديه على «إعلان النوايا» مع الفرق الكبرى الأخرى.
لكن بالنظر لفقدان اللعبة روحها على مدى سنوات من حشرها في السوق، لماذا أثار السوبر-ليغ سخط العامة؟
الإجابة بسيطة: قوننة سيطرة المحتكرين عبر منع استبعادهم.
إنّها قصّة الكبار المهيمنين القادرين على مركزة سطوتهم على حساب الجميع. باتت سيطرة الأندية الكبيرة على اللعبة أكثر عمقاً وتعقيداً من أن تسمح بالقدر الضئيل من الفرص الذي تبقى للأندية الأصغر كي تنجح وتبرز. يريدون تكريس شعاراتهم كعلامات تجارية عالمية لا يمكن استبدالها أو منافستها.
كيف يمكن حلّ مشكلة كهذه؟
الإجابة البسيطة: الاحتجاج بمعناه الواسع.
تمكّن المشجعون الألمان من قبل من الانتصار في معركة عرض كرة القدم ليلة الإثنين من خلال المقاطعة. أثّرت المقاطعة المنظمة على إيرادات الأندية وقللت الأموال في خزائنها، فاضطرّت للخضوع. حاول المشجعون الإنكليز تنظيم الاحتجاج ضدّ رفع أسعار التذاكر من قبل، لكنّهم لم ينجحوا لعدم تمكنهم من التنظُّم لفترة طويلة كفاية.
هناك وسيلة أكثر جذرية: أن يمتلك المشجعون النادي كبديل عن امتلاكه شركاتيّاً. يوجد في ألمانيا نموذج جنيني عن هذا الأمر، ويمكننا أن نجد بأنّه أمر ذو دلالة عدم انضمام أيّ نادٍ ألماني للسوبر-ليغ. بل إنّ ناديي بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند «حيث يعتبر مشجّعو الأخير الأكثر التزاماً بالنادي والأكثر تنظيماً في قراراته على النطاق الأوروبّي»، أصدرا تصريحات قوية ضدّ السوبر-ليغ. نموذج مشاركة المشجعين المحدودة لن ينفع، فها نحن أمام فشل مشجعي نادي برشلونة بمنع فريقهم من الانضمام للسوبر-ليغ، حيث أنّ صوت رئيس النادي هو الذي يؤخذ في الحسبان.
قد يواجه مقترح السوبر-ليغ عقبات بسبب تضارب المصالح. فقد صرّحت الفيفا والويفا بأنّ أيّ لاعب يتخطى تعليمات الاتحادات سيعاقَب بعدم السماح له باللعب لمنتخب بلاده. لكنّ الكثير من المموِّلين أعلن استعداده لدعم المشروع، مثل بنك جي.بي.مورغان الذي أكّد بأنّه سيستثمر 6 مليارات دولار سنوياً في السوبر-ليغ.
لكن وبغضّ النظر عن مصير السوبر-ليغ، يبدو أنّ الوقت حان لدَمَقْرَطَة لعبة كرة القدم وإنقاذِ ما تبقّى منها لصالح محبّيها من العمال الذين أنشأوها. امتلاك المشجعين للنادي أمرٌ لا مفرّ منه لكسر الاحتكار الرأسمالي للأندية الكبرى، ولإعادة الروح الرياضية للعبة، وهذا لن يتحقق دون تحرّك من تحت.
بتصرّف عن: Capitalist Greed Created the European Super League