صدع الكربون في التربة «2: إصلاح الصدع»
فريد ماغدوف فريد ماغدوف

صدع الكربون في التربة «2: إصلاح الصدع»

الخلاصة: إذا ما أردنا بناء زراعة خصبة ومستدامة لأجيال وأجيال، فمن الجوهري أن ندير ونعتني بالتربة باستخدام ممارسات صحيّة. للتربة الصحية ثلاث جوانب: كيميائي وبيولوجي وفيزيائي. 

الكيميائي: للتربة الصحية معدل حموضة معتدل، وهي تخزّن كميات نافعة من المغذيات لنمو النباتات، ولا تحوي على كيماويات تضرّ بالتربة. البيولوجي: تحوي على كائنات نشطة متنوعة، من الكائنات الدقيقة إلى ديدان الأرض والخنافس. هذا التنوّع هو الذي يساعد في السيطرة على الأمراض النباتية والآفات الحشرية. وهو يفرز الكيماويات اللازمة لنمو النباتات. الفيزيائي: تحتوي التربة الصحيّة على هيكل يسمح لجذور النبات بالاستكشاف والتطور بسهولة، ويسمح للمطر بالتسلل للداخل بسهولة «لا أن يجري بشكل سطحي في الحقل»، وقادر على تخزين الكثير من المياه لتمنحه للنباتات بين الهطولات المطرية أو أعمال الري.

الأرض حامية بالفعل، وحتّى إذا ما أوقفنا استخدام الوقود الأحفوري عمّا قريب، ستستمر حلقات التغذية المرتدّة بإطلاق المزيد من غازات الدفيئة. ولهذا يقترح العلماء أن تكون لدينا خطط «انبعاثات سلبية». إحدى هذه الخطط هي تحسين خصوبة التربة. ولكن يجب تنفيذ هذه الأنشطة على أجزاء شاسعة من العالم كي يكون له تأثير ملموس. ويتم ذلك عبر زيادة المادة العضوية في التربة، أي توفير الشروط اللازمة للتربة «لتستنشق الكربون» وتخزنه.

يتطلب مثل هذا العمل مبادرات حكومية كبيرة ومستمرة لدعم المزارعين وتعليمهم ومساعدتهم. إنّ عزل الكربون في التربة ليس «رصاصة سحريّة» لمكافحة الاحتباس الحراري، لكن مع إيقاف استخدام الوقود الأحفوري وزيادة المادة العضوية في التربة، سيتباطأ معدل الزيادة في الكربون في الغلاف الجوي، وسنصل في نهاية المطاف إلى إعادة بناء تربة قادرة على تخزين الكربون بفاعلية.

لكنّ بناء التربة لا يتعلق فقط بإيجاد خزّان للكربون. فتطوير تربة صحيّة هو في الجوهر لخدمة الزراعة والمزارعين، وخاصة أولئك الذين يفتقرون للموارد. لكنّ تربة صحيّة تعني استخداماً أقل للمبيدات الكيماوية والأسمدة الصناعية. فإذا ما قارنّا كمثال بين الأسمدة الصناعية النتروجينية التي تستخدم الوقود الأحفوري كمواد وسيطة، والبقوليات التي تزود التربة بالنتروجين عبر التركيب الشمسي، سيبدو لنا الخطأ فادحاً.

سيعني إصلاح التربة أيضاً مستوعبات مائية أفضل تزودنا بالمياه السطحية النظيفة وكذلك بالمياه الجوفية القادرة التي تغذيها، والقادرة على الصمود في وجه فترات الجفاف التي باتت تحدث بوتيرة أسرع بسبب تدهور المناخ.

أساليب بناء التربة

رغم عدم وجود وصفة حصريّة لإصلاح التربة، فهناك عدد من الممارسات، التي تتعارض جميعها مع نظام الزراعة وتربية الماشية الرأسمالي، ستساعد في تحقيق الغاية:

1- إبقاء الأرض مغطاة بالنباتات أطول فترة ممكنة من خلال تنويع المحاصيل في الأرض الزراعيّة الواحدة.

2- تغيير نمط عمليات حرث الأرض بحيث تبقى أكثر سطحيّة بهدف ترك بقايا المحاصيل على الأرض.

3- استخدام «الدورات المعقدة»، بما في ذلك النباتات المعمرة والزراعة البيئية، لتوفير التنوع على سطح الأرض وفي باطنها.

4- استخدام البقوليات من أجل تزويد الخضار والحبوب بالنتروجين.

5- إضافة كميات مناسبة من مصادر متنوعة من المواد العضوية عبر زراعة محاصيل الكتلة الحيوية العالية ومحاصيل التغطية، أو جلب مواد مثل السماد الطبيعي ومخلفات الأغذية إلى الحقول.

6- إعادة إدماج الحيوانات في أنظمة الزراعة، الأمر الذي يتطلب القضاء على شكل تربية الماشية الأحادي التي تعتمده الشركات.

أهمية إعادة بناء التربة والأساليب اللازمة باتت منتشرة على نطاق واسع كافٍ لاعتمادها من الناحية المعلوماتية. لكنّ الشركات الزراعية المسيطرة على الأسواق لا تزال لها الكلمة الفصل في النظام الزراعي العالمي الحالي، وخاصة تلك التي تروّج للمدخلات الزراعية الصناعية مثل البذور والأسمدة والمبيدات والمعدات.

هذا أمر مفهوم نظراً لكون الشركات لن تجني الكثير من الأموال إذا ما تمّ اعتماد الوسائل العضوية. وهو ما يعني بأننا بحاجة لبرامج دعم وتوعية حكومية ضخمة ومتعددة الأوجه لدعم الممارسات البيئية النافعة.

رأب الصدع الكربوني في التربة أمر قابل للتحقيق، وهو سيزيد مرونة الحقول والمزارعين في مواجهة عدم الاستقرار المناخي، الأمر الذي يعني اقتصاداً أكثر تعافياً وغذاء عالمياً أكثر استقراراً. ولهذا فنظام الزراعة وتربية الماشية الرأسمالي القائم يجب تخطيه إذا ما أردنا الاستمرار في الحياة.

ملخّص عن: Repairing the Soil Carbon Rift

 

 صدع الكربون في التربة «1: توصيف الصدع»

معلومات إضافية

ترجمة:
قاسيون
آخر تعديل على الجمعة, 09 نيسان/أبريل 2021 21:50