ما أبرز المشكلات التي تعترض وصولَ منتخب سورية إلى كأس العالَم بقطر 2022؟
في الوقت الذي يعاني فيه منتخبنا من التخبُّط الإداري والفني والنفسي، تتطور منتخبات القارة الآسيوية بسرعة. فالمنتخب القطري يفوز على منتخبات لوكسمبورغ وأذربيجان، ويلتقي الآن مع منتخب إيرلندا، بعد اتفاق على مشاركته ودّياً في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى المونديال، بين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والاتحاد القطري، علماً أنّ المجموعة تضم إضافة للمنتخبات المذكورة، فريقي البرتغال وصربيا.
الطاقم الفني لمنتخبنا
بعد عام على التعاقد مع التونسي نبيل معلول لقيادة فريقنا، لم يلعب فريقنا تحت قيادته سوى 4 مباريات حتى اليوم، فخسر فيها 3 مرات، مع الأردن 1/0، والبحرين 3/1، وإيران 3/0، واكتفى بفوز وحيد على أوزبكستان بهدف.
ويواجه المدرِّب المعلول، انتقادات واسعة من الشارع الرياضي، لعدم تواجده الدائم في سورية، وتأكيده المستمر على تحقيق هدف التأهل إلى المونديال، وأنّه متابع لمباريات الدوري عبر شركات «أنستات ومحلل الأداء» قبل أن يتبيّن لاحقاً بعدم توفّر أي معلومات عن الدوري السوري لدى الشركة، ليظهر المدرب التونسي بمظهر المخادع أمام جمهور المنتخب، دون أن ينفي ذلك اتحاد كرة القدم، أو المدرب نفسه.
اتحاد الكرة
حصل اتحاد الكرة على تأييد واسع مع بداية انتخابه، والتي جرت بحضور وفد مراقب من الاتحادَين الدولي والآسيوي، وبظرف وصول فراس معلّا لرئاسة الاتحاد الرياضي العام، الذي أعطاه صلاحيات العمل اللازمة بهدف التأهل إلى المونديال، فأطلق تصريحات عن تفعيل العمل المؤسساتي عبر اللجان التابعة له، وتحدّث عن تغييرات بعمل بعض اللجان وأسمائها، وتشكيل بعضها الآخر، كما انتقد الأداء الفني الذي يقدمّه المنتخب الأول بقيادة المدرِّب فجر إبراهيم، والمنتخب الأولمبي بقيادة أيمن الحكيم.
إثر ذلك ازدادت شعبية الاتحاد المذكور، فلجنة المنتخبات مثلاً، تواجَدت فيها أسماء قديرة من الخبرات الكروية مثل عبد القادر كردغلي ونزار محروس وأنور عبد القادر، فرشحت المعلول لقيادة المنتخب، ليتم التعاقد معه.
ومع توالي الأيام، ظهرت مشكلات عديدة في مسابقاتنا المحلّية، والتي أرجعها بعض الفنيين، إلى فساد وتورط في البيع والشراء، عدا عن الأخطاء التحكيمية المتكررة، وخطأ آخر غيره بعدم تثبيت المشاركة الآسيوية لفريقي تشرين والوحدة، «صاحبَي الجماهيرية الواسعة»، وكذلك قرارات كثيرة خاطئة من لجنة الانضباط التي كانت تقرر العقوبة، لتعود وتلغيها بضغط من الجمهور حول عدم صوابها، فاهتزت هيبة الاتحاد بتأثير ذلك، ولم يسمع أحد عن التغيير سوى بالإعلام.
في هذه الأثناء ظهر المنتخب الوطني بصورة مهزوزة في مبارياته الودية، ليتعرّض اتحاد الكرة لانتقادات لاذعة، ومطالبات بالاستقالة، خاصةً، بعد تأكيدات إعلامية، على عدم قدرة الاتحاد على إقالة الكادر الفني، تجنباً لدفع الشرط الجزائي لفسخ العقد، علماً أنّ قيمة الراتب الشهري للمدرب وطاقمه المساعد ستبلغ قريباً مليون دولار ستدفع من حساب الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، لدى الاتحاد الدولي، والمجمّد بسبب العقوبات.
الدوري المحلّي
يشكّل لاعبو الدوري المحلي أكثر من نصف مَلاك المنتخب، وتعاني فيه الأندية من مشكلات مالية كبيرة، باستثناء بعضها المدعوم من الهيئات، أو من وجد شركة راعية تكفلّت بتكاليف مشاركة النادي بالدوري وتعاقداته مع اللاعبين.
ويوصف بأنّه «دوري النقطة» بسبب سعي معظم الأندية للحصول على النتيجة، قبل الأداء، حتى ولو لم تبلغ دقائق اللعب المتواصلة 40 دقيقة من أصل 90، بسبب ترامي اللاعبين على الأرض وتمثيلهم للإصابة وتضييع الوقت.
كما أنّ أرضيات الملاعب سيّئة، ولا تساعد اللاعبين على تقديم مستوى جماعي منظّم، فيتم الاعتماد بنسبة كبيرة على إمكاناتهم الفردية.
وهكذا يصل لاعبو الدوري إلى المنتخب، غير جاهزين بدنياً، وغير معتادين على اللعب المنظم، وإن كانت الفترة الزمنية التي سيقضونها مع المنتخب خلال المعسكرات التدريبية، أو قبل المباريات الرسمية، قصيرة نسبياً، فهل هي كافية لتحضير مثاليّ للمنتخب، وتشكيل هويّة للفريق؟
اللاعبون المغتربون
تعاني اللجنة المعنية بضمّ اللاعبين المغتربين إلى المنتخب من صعوبات كبيرة في تأمين الأوراق الثبوتية لهم، مثلاً يُطلب «الحصول على بيان عائلي لجدّ الجد»، ولم يصرّح الاتحاد سوى عن الإجراءات المطلوب منهم تنفيذها، دون أن نعلم ما هي الوزارات المعنية بذلك بشكلٍ فعلي.
كما انتشرت مؤخراً أخبارٌ إعلامية تفيد باستمرار دور الواسطة والمحسوبيات في انتقاء اللاعبين، وإعطاء الأولوية للاعبي الدوري المحلي على حساب اللاعب المغترب، بهدف ظهورهم الخارجي، وتسويقهم دولياً بما يعود بالفائدة المالية على النادي الذي يقدّم لأحد لاعبيه عرضاً خارجياً
الإعلام الرياضي
حتى اليوم بلغ عدد الصفحات الناشطة والداعمة للمنتخب الوطني، أكثر من 40 صفحة، ويوصف عمل البعض منها بالاحترافي، إلا أنّ نسبة غير قليلة منها، تفتقد إلى الجانب المهني في عملها، الذي يقوم على منشورات النسخ/لصق، والأخبار التي تخلق بلبلة دون التأكد من موثوقيتها.
ولكن بشكل عام، فإنّ هذا الكم الهائل منها، خلق حالة إيجابية بمراقبة عمل المؤسسة الكروية، وتمثّل المهمّة الأساسية لتلك الصفحات بدعم المنتخب، عبر إيجاد الشعرة الفاصلة بين تحميل اللاعبين مسؤولياتهم، ورفع الضغط النفسي عنهم وتحفيزهم.
ختاماً، يجب الابتعاد عن الشخصنة بتحليل الأمور، لأنّ التأهُّل هو حصيلة توحُّد واندماج عمل جميع ما ذكر بهدفٍ واحد، وهو ما نحن بعيدون عنه، ومن غير الواضح وجودُه بعد، بسبب غياب استراتيجية البناء اللازمة للمنتخبات الوطنية والأندية على حدٍ سواء، عدا عن أسباب أخرى غير المذكورة، والتي لا يسعنا عرضها جميعها في مقالٍ واحد.