صعود القرن الأوراسي
أندرو كوربيكو أندرو كوربيكو

صعود القرن الأوراسي

حملت التطورات الأخيرة آمالاً بصعود القرن الأوراسي بوتيرة أسرع من توقّع أيّ مراقب متفائل. الأحداث ذات الصلة هي اتفاق «فك الارتباط المتزامن» بين الصين والهند، ووقف إطلاق النار الهندي-الباكستاني، والتهديد الأمريكي بمعاقبة الهند إذا ما أتمّت مخططها بشراء منظومات إس-400 الروسية الدفاعية، والتصعيد الأمريكي ضدّ الصين وروسيا، وافتتاح الحوار الأمني في إسلام أباد والتطورات الأخيرة في حل الحرب الأفغانية.

ترجمة: قاسيون

أولاً: لطالما كان مثلّث الصين-الهند-الباكستان مكان توتر محتمل شديد الخطورة، والذي اقترب من الانفجار في أكثر من مناسبة مثل المعركة الجوية الهندية-الباكستانية في شباط 2019، أو في القتال الحدودي الصيني-الهندي الصيف الماضي. لكنّ الأطراف الثلاثة أدركوا بأنّ مصلحتهم العليا تكمن في استقرار الوضع، ولهذا تمّ توقيع اتفاقي فكّ الارتباط الصيني-الهندي، ووقف إطلاق النار الباكستاني-الهندي. يسمح الوضع الجديد بخلق بيئة هادئة تسمح لهؤلاء الأطراف بحلّ خلافاتهم سلمياً.

ثانياً: التهديدات الأمريكية المتكررة بفرض عقوبات على الهند إذا ما مضت في صفقتها لشراء إس-400 الروسي ستحسّن بدورها أمن أوراسيا رغم ما يبدو من غرابة في هذا الطرح. لا بدّ وأنّ الهند قد أدركت الآن بأنّ الولايات المتحدة ليست حليفاً موثوقاً. فالأمريكيون يفرضون شروطاً سياسية واقتصادية واستراتيجية مقابل تعاونهم العسكري مع الهند من خلال «الرباعية» التي تهدف لاحتواء الصين. إذا ما نفّذت واشنطن تهديدها، فنيودلهي ستتراجع خطوة للوراء عن «الرباعية»، الأمر الذي يعني حتماً تحسين العلاقات الهندية-الصينية.

ثالثاً: التصعيد الأمريكي ضدّ الصين وروسيا يعني تقوية العلاقات الصينية-الروسية أكثر، الأمر الذي بدأنا بالفعل نشهد تحركاته بشكل هائل، وهو ما سيحسن الوضع في أوراسيا من خلال تركيز البلدين أكثر على التعاون مع بلدانها.

رابعاً: يَعِدُ الحوارُ الأمني في إسلام أباد بتطوُّرٍ ثوريّ في الأوضاع. فإسلام أباد تشجّع نيودلهي على القيام بالخطوة الأولى تجاه حل النزاع في كشمير، وذلك مقابل تسهيل باكستان للاتصال الهندي بأفغانستان. تشكّل أفغانستان نقطة مهمة بالنسبة لجميع دول المنطقة، وقد تنعكس استجابة الهند لباكستان على استقرار أوراسيا والشراكات فيها بشكل لا يمكن تصوره.

خامساً: التطورات الأخيرة في حل الحرب الأفغانية يمكنها أن تطلق إمكانيات الاتصال بين دول وسط وجنوب آسيا. وهذا ينطبق بشكل خاص على الاتفاق الذي تمّ بين باكستان وأفغانستان وأوزبكستان لإنشاء خطّ حديد يصل فيما بينها. وما يمكن أن يحمله هذا من نفع على الدول الأخرى ليعمّ على كامل منطقة أوراسيا.

بالمجمل، تشير التطورات السريعة في الأسابيع الأخيرة إلى صعود القرن الأوراسي. تشترك كلّ من الصين والهند وباكستان وروسيا في الهدف المتمثل في تحسين الاتصال بينهم وبين شركائهم العديدين، وهذا يدفع رؤاهم للتقارب بشكل متزايد على ضوء الأحداث الأخيرة. إن صمد فكّ الارتباط الهندي-الصيني ووقف إطلاق النار الهندي-الباكستاني، بالتوازي مع إحراز تقدم ملموس في حلّ الحرب الأفغانية والنزاع في كشمير، سيعني هذا تمكن هؤلاء اللاعبين من مقاومة المخططات الأمريكية – التي تسعى إلى تفريقهم لضربهم بسهولة أكبر – وبالتالي ضمان مستقبل يربح فيه الجميع.

 

عن: The Rise Of The Eurasian Century

 

آخر تعديل على الإثنين, 29 آذار/مارس 2021 15:10