الديمقراطية الأوروبية تحت الاختبار الاسباني

الديمقراطية الأوروبية تحت الاختبار الاسباني

في رد واضح وصريح على اعتقاله وتعاطف كبير مع المغني الثوري الذي لامس آلام الناس بكلماته ومواقفه، اندلعت أعمال الشغب في عدة مدن إسبانية في وقت متأخر من يوم الخميس 18 شباط بعد الاعتقال المثير للجدل في 16 شباط لمغني راب بتهمة إهانة العائلة المالكة في إسبانيا.

والسبب في هذه المظاهرات يعود إلى أن إحدى المحاكم الإسبانية أصدرت حكما بالسجن تسعة أشهر بحق المغني هاسل، واسمه الحقيقي، بابلو ريفادولا دورو، لأدائه أغان تتضمن إهانات للنظام الملكي وتمجد العنف على حد وصفها.

وكان هاسل وصف الملك السابق خوان كارلوس الأول، الذي غادر إسبانيا إلى أبو ظبي بعد اتهامات بالفساد، بأنه "لص" و"زعيم مافيا" ، في كلمات أغانيه، وشبه القضاة الإسبان بـ"النازيين". واتهم الشرطة بتعذيب وقتل المتظاهرين.

ونظمت مسيرات سلمية دعماً لمغني الراب بابلو هاسل، الذي حكم عليه بالسجن تسعة أشهر، في عدد من مدن البلاد. في برشلونة وتاراغونا وجيرونا وساباديلا وفالنسيا، ومع تصاعد الاحتجاجات رشق المحتجون قوات الأمن بالزجاجات وأضرموا النار في حاويات القمامة وحطموا واجهات المحلات التجارية واستخدمت قوات الأمن الكتالونية قنابل الغاز لتفريق المتظاهرين.

وتكررت مشاهد للاحتجاجات في ليريدا، مسقط مغني الراب، وكشفت هذه الاحتجاجات العنيفة والمواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين عن فجوة تزداد اتساعا بين مكونات الائتلاف الحاكم في إسبانيا الذي يتشكل من الحزب العمالي الاشتراكي وحزب (بوديموس)، والذي وقف إلى جانب المحتجين وأعلن تأييده لهم ورفض إدانة عنف المتظاهرين مقابل توجيه انتقادات واتهامات لقوات الأمن.

ولد بابلو ريفادوغليا في لييدا في عام 1988 (في اقليم كاتالونيا)، وكرس أعماله بشكل أساسي لانتقاد العائلة المالكة وأنشطتها.

وينتقد بوضوحٍ الديمقراطيةُ الحديثة، التي يصفها بالطغيان.
لماذا يكره بابلو الملك الإسباني؟

تتستر الحكومة من وجهة نظره على مكائد الملك المتقاعد الذي اضطر لمغادرة بلاده للاشتباه بتلقيه 65 مليون يورو بشكل غير قانوني من زملائه السعوديين وعدم دفع ضرائب عليها .
تعتقد وسائل الإعلام الإسبانية أن بابلو بدأ في سن مبكرة للغاية “قراءة الكتب” ونتيجة لذلك “تشكلت نظرته للعالم تحت تأثير شخصيات مثل فلاديمير ماياكوفسكي وجوزيف ستالين وتشي جيفارا”. كان هذا طريق بابلو إلى الحزب الشيوعي الإسباني.

كان قد تم القبض على هاسل لأول مرة في تشرين الأول 2011، مباشرة تقريبًا بعد إصداره فيديو كليب مكرس لمصير الرفيق أريناس. وحكم على مغني الراب بالسجن لمدة عامين “، في 2017، طالب مكتب المدعي العام بإضافة “خمس سنوات” أخرى. في 2018 حكم عليه بالسجن، وتأخرت عملية تقديم الاستئناف والنظر فيه حتى كانون الثاني 2021. في هذا الوقت، بدأت وسائل الإعلام الإسبانية بتحليل “64 تغريدة وقولاً أودع السجن بسببها”.
أقواله الأكثر إثارة للإعجاب هي:
“رجل عصابة آل بوربون [الملك خوان كارلوس الأول] توافق مع النظام الملكي السعودي، وكان من بين أولئك الذين يمولون داعش. كل شيء لا يزال كما كان من قبل”.
“أدا كولاو [عمدة برشلونة] لن يصف الملك بأنه مجرم على بيعه أسلحة للسعودية أو على رفاهية العيش على حساب فقر غالبية الناس”.
“تم طرد عائلة أخرى من منزلها، بعد أن كانت قطعت المياه والكهرباء عنها من قبل: الرأسمالية هي البربرية، وأنا أشعر، بالطبع، بالحنين إلى الاتحاد السوفيتي.”
أنا مذنب لإدراكي أن الرأسمالية هي أصل المشكلة. انها تخدم مصالح حفنة من حيتان المال الذين يستغلوننا “.
وتستمر المظاهرات العفوية في عدة مدن في إسبانيا مطالبة بالإفراج عن مغني الراب بابلو هاسل فقد وقع حوالي 200 فنان في إسبانيا، بمن فيهم المخرج السينمائي بيدرو المودوفار والممثل الشهير خافيير بارديم، عريضة تطالب “بمراجعة قانون التشهير وعدم المساواة بين انتقاد الملكية والإرهاب”.

ويبدو أن هذه المظاهرات تشكل تعبيراً مباشراً عن الاحتجاج على السياسات الاقتصادية الأوروبية عموماً والديمقراطية المزعومة التي تسمح للفاشيين فقط بالتعبير عن " آراءهم" وتمنع الشباب الاسباني من المطالبة بحقوقه الأساسية.

آخر تعديل على الخميس, 11 آذار/مارس 2021 13:16