عن (ثقافة) التأفّف والتشكيك والـ لا...!

عن (ثقافة) التأفّف والتشكيك والـ لا...!

على خلفية التعقيد العالي في التراجيديا السورية، وتشابك القضايا توطّنت في سورية ظاهرة قديمة تتجدد وتتوسع باستمرار، يمكن تسميتها بظاهرة التأفف من كل شيء والشك بكل شيء، والحكم السلبي المسبق على أي شيء، بما في ذلك أي جديد...

من حيث المبدأ، الشك والتأفف والـ لا.. خصوصاً بعد أن حدث كل ما حدث في سورية، هو ظاهرة موضوعية، ظهرت وتظهر عادة في المراحل الانتقالية بين موت القديم وولادة الجديد، في تاريخ أية دولة أو حركة أو حزب، وهذه الظاهرة في العمق تعبير عن رفض ما هو سائد، وبحث عن الجديد.

ولكنها تحولت في الخاص السوري إلى ما يشبه الوسواس القهري، خصوصاً في عالم الملتيميديا، بحيث أنها باتت حالة لذاتها، وبذاتها، وليست أداة لرفض السلبي السائد، وإزالة أسباب ما نحن فيه، وتقديم البدائل.. بل باتت حالة فوضى فكرية وسياسية وإعلامية، أدت وتؤدي إلى غياب أو تغييب الحلقة الأساسية، أي التشويش على المهمة المحددة التي ينبغي أن تتمحور الجهود حولها للخروج من حالة العبث الراهنة، بحيث إن طاقة الرفض الإيجابية الكامنة في الاجتماع السوري تتبدد، وتصبح غير ذات جدوى، لتتحول إثر ذلك إلى طاقة سلبية.

إن لسان حال الأغلبية السورية اليوم يتكثف في عبارة (تعبنا... بدنا نخلص) التي يكررها السوريون في كل لحظة، وهي التسمية الشعبية (للحل السياسي) كطريق للخروج من المتاهة، وهي الحلقة الأساسية التي يجب أن تفرّغ فيها كل الشحنات التي تتراكم في أرواح السوريين، بحيث تتحول ثقافة الشك والتأفف إلى طاقة فاعلة؛ فعلى أساس الموقف من الحل السياسي يجب أن يتحدد الموقف من كل حزب أو شخصية أو تيار أو دولة أجنبية، على اعتبار أنه لم يعد من الممكن إنجاز أية مهمة في سورية دون حل سياسي، بما يعنيه من إعادة القرار إلى السوريين في تقرير مصير دولتهم، بما فيها النظام السياسي.