الوساطة الألمانية بين تركيا واليونان واستئناف المباحثات

الوساطة الألمانية بين تركيا واليونان واستئناف المباحثات

أعلنت وزارة الخارجية اليونانية في وقت سابق من هذا الشهر أن الجولة الـ61 من المباحثات الاستكشافية بين اليونان وتركيا ستعقد يوم 25 كانون الثاني الجاري في اسطنبول.

كما أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو هذا الإعلان، قائلا إن "جولة جديدة من المحادثات الاستكشافية مع اليونان ستجري في اسطنبول في الـ25 من الشهر الحالي".

وكان جاويش أوغلو قد دعا في وقت سابق ، اليونان إلى استئناف المحادثات الاستكشافية، حول مطالباتهما البحرية المتعارضة في البحر المتوسط وقضايا أخرى، تعقد هذا الشهر.

هذا وتعود الخلافات التركية اليونانية إلى فترة انتهاء الدولة العثمانية المترافقة مع الحرب العالمية الأولى واقتسام تركة الدولة العثمانية المتفتتة، التي تحاول تركيا اليوم تغيير نتائجها التي حرص الغرب من صناع وضامنين لها كالولايات المتحدة على الحفاظ على نتائجها بما تمثله من تقاسم.

بدوره، أكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن بلاده تسعى لإقامة علاقات مثمرة مع تركيا، وحضور المحادثات الاستكشافية بشأن قضية المناطق البحرية المتنازع عليها لدى تحديد موعدها.

وكانت هذه المحادثات، انطلقت بعد الاجتماع الذي عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.

وأعلن ستولتنبرغ في الرايع من أيلول انطلاق محادثات فنية بين تركيا واليونان لتأسيس آليات لتجنب حدوث مناوشات شرقي المتوسط، وأكد أنها محادثات فنية وليست مفاوضات، وأنها أعمال مكملة لجهود الوساطة السياسية التي تقودها ألمانيا.

وفي إطار الوساطة السياسية الألمانية توجه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى العاصمة التركية أنقرة يوم الاثنين الماضي  لعقد محادثات مع المسؤولين الأتراك في إطار جهود الوساطة لفض الخلاف التركي اليوناني.

وتوجه اليونان الاتهام لتركيا بالتنقيب غير المشروع عن الغاز في شرق المتوسط، بدعوى أن القانون البحري الدولي لا يجيز البحث في هذه المناطق إلا لليونان، وفي المقابل ترى أنقرة أن هذه المناطق امتداد للجرف القاري التركي.

من المنتظر أن يبحث ماس أيضا العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي مع المسؤولين الأتراك خلال زيارته.

وتقود ألمانيا جهود وساطة سياسية تقول أنها تجريها لتجنب حدوث مناوشات شرقي المتوسط بين تركيا واليونان.

وفي هذه الأثناء انطلقت، يوم الاثنين، في العاصمة البلجيكية، بروكسل، المباحثات التقنية بين الوفود العسكرية التركية واليونانية.

وانطلقت الجولة الأولى من المحادثات الاستكشافية بين البلدين عام 2002، من أجل تحضير أرضية لحل "عادل ودائم وشامل" يقبله الطرفان من أجل مشاكل بحر إيجة، وعقدت آخر جولة منها (رقم 60)، مطلع آذار 2016 بأثينا.

وبعد ذلك التاريخ، استمرت المفاوضات بين البلدين على شكل مشاورات سياسية، دون أن ترجع إلى إطار استكشافي مجددا.

 وتجري الوساطة الألمانية عقب مناورات عسكرية يونانية أمريكية قبرصية اعتبرها الإعلام تركي "استفزازا خطيرا" لأنقرة.

ومن الواضح أن ألمانيا تقود جهوداً حثيثة  بتوجيه يبدو للوهلة الأولى أمريكياً أطلسياً لإعادة تركيا إلى الحظيرة الغربية ولضبطها وابقاءها في الفلك الأوروبي الذي ترأسه ألمانيا حالياً من خلال الوصول إلى تفاهم  بعد أن أصبحت المصالح الأميركية (ومنها اس 400 مثالً ) مهددة لتركيا التي ضاقت ذرعاً بالتحكم الأمريكي بها ولو بالحد الأدنى، حيث تحاول ألمانيا أن تحل محل الولايات المتحدة الأميركية كقائد أوروبي ويبدو كل ذلك صعباُ مع تغير توازن القوى العالمي الذي يتمظهر في التراجع الغربي على النطاق العالمي. حيث تبدو المغريات التي تقدمها ألمانيا في قضية الصلح مع اليونان نوعاً من التمهيد والعزف على وتر رغبة تركيا القديمة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.