هل نشهد «طلاقاً انترنتياً» بين أوروبا والولايات المتحدة؟

هل نشهد «طلاقاً انترنتياً» بين أوروبا والولايات المتحدة؟

أعلنت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، عن مسودة قواعد تهدف إلى كبح جماح كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، وتتعلق باستخدام البيانات، إذ تُعد الأهم من بين مجموعة من الإجراءات التي اتخذها المنظمون في جميع أنحاء العالم.

وربما يستغرق اعتماد تلك القواعد فترة طويلة، إذ سيتعين على المفوضية صياغة التشريع النهائي مع 27 دولة في الكتلة والبرلمان الأوروبي، قبل أن يصبح قانوناً، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".

ما هي القواعد؟

هناك مجموعتان من القواعد، الأولى تتعلق بقانون الأسواق الرقمية، فيما تتعلق الثانية بقانون الخدمات الرقمية.

ويستهدف قانون الأسواق الرقمية، شركات "حراس البوابة" التي تتحكم بالبيانات، التي تعتمد عليها آلاف الشركات والملايين من الأوروبيين في عملهم أو تفاعلاتهم الاجتماعية.

وشركات "حراس البوابة"، هي تلك التي يزيد حجم مبيعاتها الأوروبية السنوية عن 6.5 مليار يورو في السنوات الـ3 الماضية أو 65 مليار يورو من حيث القيمة السوقية في السنة المالية الماضية، وموجودة في 3 دول أوروبية على الأقل.

وستخضع شركات مثل "ألفابت" المالكة لشركة "غوغل"، بالإضافة إلى "أمازون" و"آبل" و"فيسبوك"، إلى قواعد مشاركة أنواع معينة من البيانات مع المنافسين والمنظمين، من بينها وقف تفضيل خدماتها الخاصة على منصاتها، أو جمع البيانات من منصاتها للتنافس مع المستخدمين.

وسيُطلب منهم إبلاغ الهيئات التنظيمية بعمليات الاستحواذ المخطط لها، في خطوة تهدف إلى منع ما يسمى بـ"عمليات الاستحواذ القاتلة".

وستواجه الشركات، حال انتهاكها تلك القواعد، غرامات تصل إلى خفض 10% من حجم مبيعاتها سنوياً، في حين يمكن أن تصل إلى حد تصفية تلك الشركات.

أما قواعد الخدمات الرقمية، فتستهدف منصات كبرى الشركات على الإنترنت، والتي لديها أكثر من 45 مليون مستخدم في أوروبا.

وسيُطلب من تلك الشركات بذل مزيد من الجهود لمعالجة المحتوى "غير القانوني" مثل خطاب الكراهية ومواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، أو إزالة المحتوى الذي يمس الحقوق الأساسية، مثل استخدام الروبوتات للتأثير على نتائج الانتخابات والصحة العامة.

كما سيُطلب منها، نشر تفاصيل مُعلنيها عبر الإنترنت، وإظهار خوارزمياتها لاقتراح المعلومات وترتيبها، فيما سيراقب المدققون المستقلون امتثالها لقواعد الاتحاد.

 

الأهداف

وقالت رئيسة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، مارغريت فيستاجر، إن تلك القواعد يجب أن تُكمل قانون مكافحة الاحتكار، الذي يمنح المنظمين سلطة التحقيق مع الشركات بشأن السلوك السابق، فيما أوضح مسؤولو الاتحاد، أن القواعد الجديدة صُممت لـ"منع السلوك التكنولوجي السيئ قبل حدوثه".

وفي تغريدة على "تويتر"، قالت فيستاجر: "سننشئ خدمات آمنة وجديرة بالثقة مع حماية حرية التعبير. ستضمن القواعد الجديدة الاستخدام العادل للبيانات، وإمكانية التشغيل البيني وعدم التفضيلات الذاتية".

وأوضح مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي، تييري بريتون، أن "الحل الأفضل هو فرض قواعد توضح لعمالقة التكنولوجيا أنهم ليسوا أكبر من أن يتم ترويضهم"، رافضاً أن تكون تلك القواعد "تمييزية".

وقال في مؤتمر صحافي: "الكل مرحب به في أوروبا. مسؤوليتنا هي إعطاء التوجيه والقواعد لحماية ما هو مهم بالنسبة لنا".

 

موقف الدول الأوروبية

وكانت فرنسا وهولندا أصدرتا في أيلول الماضي، وثيقة مشتركة حثتا فيها السلطة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي على "اتخاذ موقف صارم ضد عمالقة التكنولوجيا"، ما يشير إلى توافق الردود مع الإجراءات المقترحة.

وأبدت ألمانيا إعجابها بتلك الاجراءات، إذ اتخذت وكالة مكافحة الاحتكار التابعة لها إجراءات ضد "فيسبوك" و"أمازون". ومن المتوقع أن يدعم المشرعون في البرلمان الأوروبي نهج المفوضية.

من جهتها، حذرت الحكومة التشيكية من "الإفراط في وضع القواعد الصارمة". ومن المرجح أن ترفض أيرلندا، التي تعد مقراً أوروبياً لشركات مثل "تويتر" و"غوغل" و"فيسبوك" القواعد، من أجل المحافظة على نهج تنظيمي معتدل.

وكانت غرفة التجارة الأميركية رفضت تلك القواعد، قائلة إنها "تستهدف الشركات الأميركية بشكل حصري تقريباً بمتطلبات تنظيمية جديدة مرهقة ومدعومة بعقوبات مالية شديدة".

 

دعاوى وتحقيقات

ورفعت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية وتحالف كبير من الدول، الأسبوع الماضي، دعوى قضائية ضد "فيسبوك"، لانتهاكها "قانون مكافحة الاحتكار".

وجاء ذلك في أعقاب دعوى قضائية رفعتها وزارة العدل الأميركية في تشرين الأول الماضي، اتهمت فيها "غوغل" باستخدام قوتها السوقية بشكل غير قانوني لعرقلة المنافسين، في خطوة قد تؤدي إلى تصفية الشركة.

وفي السياق، تحقق "هيئة مكافحة الاحتكار" في الهند في مزاعم انتهاك "غوغل" موقعها في السوق، للترويج لتطبيق المدفوعات الخاص بها، فضلاً عن التحقيق مع "أمازون" ومنافستها "فليبكارت" بشأن الانتهاكات المزعومة لقانون المنافسة وبعض ممارسات الخصم.

ودعت لجنة المنافسة وحماية المستهلك الأسترالية إلى إجراء تغييرات شاملة لكبح جماح استخدام شركتي "غوغل" و"فيسبوك" المحتوى المحلي وبيانات المستهلك، فيما اقترحت بريطانيا قواعد جديدة للقضاء على شركات التكنولوجيا.

 

المصدر: رويترز