ماذا يريد بومبيو من تدنيس الجولان السوري؟
أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أنه سيقوم اليوم الخميس 19 تشرين الثاني، بزيارة لمرتفعات الجولان السوري المحتل خلال زيارة يقوم بها للكيان الصهيوني...
ربما ليس من الصعب تفسير أهداف بومبيو - الذي من المرجح أنه لن يستمر في منصبه بعد 20/1/2021، مع تسلم الإدارة الجديدة- من زيارته للكيان الصهيوني في هذا التوقيت، وأكثر من ذلك من الإعلان عن جولة سيقوم بها في الجولان السوري المحتل، بالتوازي مع الإعلان عن اتجاه الولايات المتحدة لتصنيف حركة مقاطعة إسرائيل BDS حركة معادية للسامية، ما يعني حظر نشاطاتها والتضييق عليها، وفوق ذلك فإنّه ضمن زيارته سيمر على عدة مستوطنات صهيونية ليكون بذلك أول مسؤول أمريكي بهذا المستوى يزور رسمياً مستوطنات صهيونية.
يمكننا أن نجمل الأهداف المتوقعة بما يلي:
أولاً: استمراراً للاشتباك الداخلي الأمريكي، فإنّ مغازلة الصهاينة الأمريكان ومن يدور في فلكهم كان جزءاً أساسياً من الحملة الانتخابية لكل من ترامب وبايدن على حد سواء. والقيام بهذه الخطوات في هذا الوقت، بما فيها الجولة في الجولان المحتل وزيارة مستوطنات، إضافة إلى تصريحاته التي أطلقها في مؤتمره الصحفي مع نتنياهو حول مسألة الاستيطان، ليس إلا استمراراً للصراع الداخلي الأمريكي نفسه، ومحاولة لتقوية أوراق ترامب ضمنه.
ثانياً: أبعد من ذلك، وبغض النظر عن الاشتباك الداخلي الأمريكي، فإنّ بايدن لن يتراجع عن الخطوات التي قام بها ترامب بما يخص التطبيع، ما يعني أيضاً أن الإدارة الحالية تمضي قدماً في حمل وزر هذه الخطوات الكثيفة عن كاهل الإدارة القادمة، وفي الوقت بدل الضائع.
ثالثاً: أيضاً، فإنّ الأزمة الداخلية التي يعيشها الكيان الصهيوني، بأبعادها المتعددة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي تمثلت خلال السنوات الماضية بعدم استقرار أي من الحكومات، وبالإعلان عن جولة جديدة من الانتخابات بعد أشهر قليلة، هي الأخرى تلعب دوراً في تفسير هذه الزيارة؛ فنتنياهو ومعسكره بحاجة إلى تظهير «الإنجازات» التي قام بها لحرف الأنظار عن الأزمة المتصاعدة، ولتقوية أوراقه ضمنها.
رابعاً: تعكس الزيارة أيضاً النهج المستمر للنخبة الأمريكية اتجاه القضية الفلسطينية، والقائم على العمل المستمر على تصفيتها نهائياً، خاصة أنّ اتفاق القاهرة الموقع مؤخراً بين فتح وحماس يحمل إشارات معاكسة للميل العام المطلوب أمريكياً؛ فبينما تتعزز الانقسامات على الجانب الصهيوني، تزداد احتمالات التقارب والتفاهم على الجانب الفلسطيني.
خامساً: تخصيص الجولان السوري المحتل بالزيارة، يحمل أيضاً دلالة واضحة على النظرة الأمريكية للمسألة السورية؛ وهي النظرة الاستعمارية التقليدية المعادية للشعب السوري ولحقوقه ولوحدة بلاده، الأمر الذي يصفع مرة أخرى الوجوه العديمة الحياء لأولئك الذين ما يزالون يرددون موافقتهم على العقوبات الأمريكية، بل وأكثر من ذلك يسمون الأمريكي حليفاً لسورية... أكثر من ذلك، فإنّ الزيارة ترسم بخط عريض الرؤية الأمريكية الصهيونية التي يجري تقديمها في الكواليس وتحت الطاولات بما يخص مستقبل الصراع بين سورية والكيان المحتل، وهذا أيضاً من شأنه أن يصفع العاملين تحت الطاولات ومحاولاتهم تحويل الجولان إلى قضية عقارية عبر فصله عن القضية الفلسطينية.