ماكرون و«الإسلام السياسي».. محاربة الجموع المنظمة «بالذئاب المنفردة»
هل تعلم أنّ الإسلام وما حدث قبل 1400 سنة هو آخر ما يعني أمراء «المال السياسي الإٍسلامي» وقادة الإرهاب الدولي! هل تعلم أن هؤلاء عملياً أشدّ علمانية وعالمية من «أتخن مثقف»... إنهم يفصلون الدين عن المال والمصالح: يمتلكون حصصاً في أكبر المصارف الغربية وشركاء (لقادة الليبرالية) العالمية، وهم أسياد في قطاع الظل العالمي، ولهم علاقات عابرة للإيديولوجيات مع مافيات دولية من آسيا للشرق الأوسط إلى أوروبا إلى الولايات المتحدة، حتى إنهم يواكبون آخر التطورات، فهم مثلاً جزء من الاستثمار في العملات الإلكترونية مثل بيتكوين التي تفيد في تحويل الأموال دون رقابة.
هل تعلم أنّهم بهذا جزء لا ينفصل عن المنظومة المالية الغربية! وأنّ دورهم فيها فعّال (كعدوّ وهمي ينفع لكل الأزمات)، دور يعتمد على الحشد واصطفاف المجتمعات: مع الإسلام أو ضدّه... يقسم العالم شرقاً وغرباً، الحشد الذي يحشر «العلمانيون» أنفسهم به، كما يحشر «المدافعون عن النبي» أنفسهم في الصف المقابل.
وبينما يناصر بعض «مقدّسي الغرب» ماكرون، ويصيحون عاش عاش... فإنّه أقرب لهؤلاء «الأثرياء الإسلاميين» من قربه لمناصريه، إنّهم أبناء منظومة واحدة. فلا هو يدافع عن حرية الرأي، ولا هم يدافعون عن الإسلام، وكلاهما يدافع عن حكم النخب العالمية ضد المجتمعات.
وبينما يحلل «مثقفونا» الأزمة بالعودة إلى «فتح عمرو بن العاص لمصر!» وإلى «الإسلام كسبب لتخلفنا»، ويصدرون «صكوك براءة فايسبوكية»... فإنّ النخب العالمية تتجهز سوية لحشد ملايين من الشباب المهمش الغاضب ووضعهم مقابل بعضهم البعض. إنّهم يسعون إلى تغيير لون الستر الصفراء في فرنسا مثلاً لتحويلها إلى صفوف متقابلة متصارعة: أصليين ومهاجرين، إسلام ومسيحيين، سود وبيض وإلخ... لماذا؟! الأسباب عديدة ولكن أقربها وأهمها أن البطالة والغضب سيطال الجميع في ظل الأزمة الاقتصادية، ويجب أن ينقسم هذا الجمع... ويحوّل غضبه إلى فوضى، فلا يتحول إلى قوة جدية موحّدة ودافعة نحو التغيير.
إنّ الموقف من «الإسلام السياسي المتطرف»، لا ينفصل عن الموقف من فوضى «منظومة المال الغربية» وأزمتها، إنّه ذراع لها... وليس امتداداً لنا ونحن سببه!
هل تصدقون مثلاً أن عشائر من أهلنا في دير الزور صنعت داعش؟ أو حتى أن أميراً خليجياً امتلك مثل هذه «الحكمة» بعزيمة «وهابية»؟! فكيف تعتقدون إذاً أن «الإسلام هو سبب الهجمات في فرنسا؟»...
إنّ منظومة الإرهاب والتطرف المنظمة نبعت من الغرب وهي هناك «في أرضها ومركز عملياتها»، إن عقوداً من إفقارنا وإثقالنا بأنظمة تحصد أوطاناً وترسل الغلّة للغرب، أنظمة تلفظ شبابنا حشوداً من المهاجرين اليائسين من آسيا وإفريقيا، ليتعبّؤوا في ضواحي «مدن الأنوار» مهمشين ومعزولين ومهانين... فينجوا منهم من امتلك مقدرات وفرص، ويتعبّأ جزء هام آخر عبر منظمات إعانة وإغاثة وتعليم وتشغيل تتبع لأثرياء المال السياسي الإسلامي العالمي، وصولاً إلى تجنيد هؤلاء وإرسالهم قادة ومنظَّمين لجموع التطرف من مهمشي دول العالم الثالث كما يسموننا، أو ذئاباً منفردة تمارس إجراماً هنا وهناك يتم استثماره سياسياً... فهل يعتقد أحد فعلاً أن هذه العمليات الاجتماعية المنظمة التي تجري في الغرب خلال عقود... متروكة بداعي حرية الرأي؟! أم أنها جزء من المنظومة و«سياسة الهجرة»!
«نحن» لا تعني أهل الشرق أو الغرب، العلمانيين أو الإسلاميين! «نحن» هي كل من تستهدفهم وحشية المنظومة بحاضرهم ومستقبلهم ودولهم وتهددهم بالعنف، بل تستهدف حتى غضبهم وتحاول أن توظّفه، بينما «هُمْ» هي أوجه المنظومة المتعددة ملاكها وحكامها وحرسها وإعلامها ومثقفوها ومرتزقتها. وضمن الـ «هم» لا يختلف ماكرون عن فتح الله غولن مثلاً، ولا تختلف نتيجة «دعاة الثأر للنبي» عن دعاة الثأر للحرية و«تقديس الغرب»، كلاهما يُشعل التطرف ويغذّي المعركة.
إن ما يعجبك في الغرب من حقوق وحريات هو ما حصلت عليه تلك المجتمعات بنضال طويل، اضطر المنظومة للتنازل لمجتمعاتها ولكن على حساب تعميق نهب مجتمعاتنا... إن هذا التاريخ النضالي للمجتمعات الغربية هو تحديداً ما لا يعجب ماكرون وما يمثّله، والهدف من حملة اليوم رفع التوتر لرفع درجة القمع ومنع المجتمع من التقدم للأمام، بينما «الإسلام» و«الحرية» ليست أكثر من أدوات.
«تيارات الإسلام السياسي المتطرف» تحتضر في منطقتنا بعد أن وصلت إلى ذروة بتشكيل «داعش» وما يجري اليوم يستهدف ضمن ما يستهدف إعادة إحيائها، وأهم أداة فيه هي تحويل «الإسلام» إلى قضية تدافع عنها أو تهاجمها، بينما كل القضية هي خلاصنا جميعاً من كل أوجه المنظومة من ماكرون إلى ممولي التطرف إلى أنظمة البؤس والإفقار والتخلف.