انفجار (ذروة الفوضى) في بيروت
انفجار في بيروت يقول البعض إنّه من حيث قطر التدمير قد يكون ثاني أكبر انفجار في العالم بعد هيروشيما... مرتبة تليق بالمرحلة التي نعيشها، والمنطقة التي نعيش فيها.
حتى الآن تتضارب الأقوال حول سبب التفجير، ولكن ما يمكن قوله إن منظومة متخلفة وإجرامية تركت أطناناً من مواد شديدة الانفجار في رحم منشأة حيوية في العاصمة، ولا يمكن أبداً وربما لا ينبغي... نفي احتمال العمل العدواني من العدو.
الأوضح نسبياً هو النتائج، إن الانفجار يؤدي إلى تعطيل شريان الاقتصاد اللبناني، إنّه يوقف حتى بقايا الخدمات والريع والتجارة في المنظومة الاقتصادية الهشّة، وذلك بعد أن أوقفت العقوبات تدفق وحركة الدولار إلى البلد الذي اعتاد التغذّي من الخارج...
يأتي الانفجار ليوقف الحركة المحلية المتبقية، وينقل النصف الثاني من الشعب اللبناني إلى الفقر بعد أن أدت أزمة العقوبات إلى إفقار النصف الأول.
ولكن المسألة لا تقتصر على هذه التداعيات، فالتفجيرات دائماً تؤدي إلى هزة وصدمة اجتماعية حيث تهدف كتلة النار والجراح والدماء إلى إزاحة العقل والتحكم وإعلاء الغرائز والفوضى، إنّها تنقل التوتر الاجتماعي إلى أقصى حالاته وتسمح بالتمهيد لانقسام واحتراب عنيف في معركة تحميل المسؤوليات التي تمارسها القوى اللاوطنية والمأزومة.
وهو كل ما تحتاجه قوى الفوضى في لبنان، تلك القوى التي فخّخت منظومة المال والاقتصاد، وفخّخت المرفأ (إهمالاً أو عمداً) وربطت لبنان بمشروع الفوضى الأمريكي، ليكون فتيل العقوبات كافياً لانهيار المنظومة الاقتصادية، و(فتيل النترات) المشتعل اليوم كفيلاً بنسف أهم منشأة حيوية في لبنان وتحويل بيروت في ساعات إلى مدينة منكوبة!
لبنان هو موضع انعطافات حادة في منطقتنا الساخنة، والانفجار الذي حصل اليوم هو ذروة في مسعى إيقاد الفوضى، وهو ذروة لأن الأدوات الاقتصادية استخدمت، والأدوات العسكرية المباشرة غير ممكنة مع كيان هشّ نسي طعم الانتصارات العسكرية منذ مطلع الألفية.
إنّه ذروة في محاولة تسخين المجتمع بقوة وبعنف، وتحديداً عبر محاولات تحميل الأطراف المسؤوليات وربطها بالمحكمة الدولية لاغتيال الحريري التي ستصدر حكمها قريباً! معطية سبباً جديداً للتسخين؛ محاولات ممتدة منذ عام 2006 على الأقل لتفجير البنية الاجتماعية اللبنانية الهشّة التي لم توحّدها دولة.
التفجير يهدف إلى إيصال لبنان سريعاً إلى نقطة لا عودة، فهل وصل لها؟! ربما، ولكن اللاعودة لها وجوه عدّة... ومجدداً الأزمات هي منعطف يحوي بذور الفرصة لأنه ما من حلّ في وجه كل هذا الدمار الذي ينسف منظومة الريع، إلا البناء الحقيقي وتعبئة المجتمع والوحدة، فلن يسعف لبنان صندوق النقد أو(الأصدقاء الفرنسيين القدامى) أو حكومة توافقية بين أمراء الطوائف، لن يلتفت إلى لبنان المنكوب إلا أبناؤها المنكوبون والقوى الدولية المعنية باستقرار المنطقة في (الشرق) بعد أن أدماه الغرب طويلاً...