"جمّول".. للجيل الجديد أيضاً
ياسمين شوّاف ياسمين شوّاف

"جمّول".. للجيل الجديد أيضاً

في السادس عشر من أيلول من كل عام، تنتفض «جمّول» من بين الرماد لتسقط عن أكتافها الأعباء والمشاكل. ففي هذا اليوم تلبس البطلة ثوبها الأحمر وتنزل لتزين ساحة «بسترس» بذكريات الصمود والمقاومة، هي «جمّول» التي لا لون ولا رائحة لها سوى النصر.

احتفلت «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية»، أمس، بذكرى تأسيسها الـ31. وتخللت الاحتفال كلمتان، الأولى لرئيس القطاع الشبابي في «الحزب الشيوعي» أدهم السيد، والثانية لخليل سليم عن منطقية بيروت في الحزب.


وكانت كلمة السيد لافتة نظراً لما فيها من روح شبابية مفعمة بالأمل في ما يخص مستقبل «الحزب الشيوعي اللبناني» ومسار القضية. وهي جاءت مناسبة للأجواء العامة السائدة في الاحتفال، والتي برز فيها حضور الشباب الذي لم يعرف أيام الحرب ولم يعاصر بطولات «جمّول» وإنجازاتها. إلا أن هذا الشباب المشارك لم تقل حماسته للقضية ولم ينقص استيعابه لها وتقديره لأهميتها.


يؤكد جاد، أحد المشاركين في الاحتفال والذي يبلغ العشرين من العمر، أن التعدي على الوطن «سكين يحز في القلب وإن لم يحز في الذاكرة». ويضيف جاد تاركاً خياله الجامح يتحدث: تخيلوا لو أن «جمّول» لم تكن يوماً. تخيلوا لو أن الإسرائيلي لم يهزم في بيروت ولم يتقهقر في ساحاتها وأزقتها الضيقة! ويلتفت الشاب الذي تقمصت فيه روح المقاوم وينظر من حوله ليتأمل بيروت التي يرى أنها لما كانت لتكون اليوم «حرة طليقة تفتخر بمقاومتها أمام العواصم العربية والعالم بأسره لولا شجاعة آبائنا الذين جمعتهم راية النصر ومهمة دحر الاحتلال».


لكن «جمّول» اليوم، للأسف، ذكرى جميلة ومشرفة تتخبط في واقع مرير شاءت به الظروف أن تنتقل إلى جهة واحدة ورثت شعلة النضال من «جمّول» وتابعت المسيرة.


لكن ما آلت إليه الأمور لا يرضي أحد أبطال «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» التي لا تظل بسترس تذكره وتذكّر بوقع أقدامه وأقدام رفاقه المناضلين. فيؤكد هذا الأخير «أن المقاومة حين تقع في فخ الفئوية تضعف، فلا يكون ذلك إلا في خدمة العدو». ويتحسر على المقاومة التي يرفض إلا أن يتذكرها «جامعة لكل أبناء الوطن مهما كانت انتماءاتهم السياسية والدينية، ففي وقت الحرب القضية هي الأهم فتعلو سامية عن تفاصيل ألوان التفرقة التي يبتدعها البشر».


وعلى أنغام الأغاني الثورية رسم الأسير المحرر والمبعد مرتين، عن فلسطين وسورية، صلاح قويقس (أبو ميلاد)، أرقى صورة للمناسبة. إذ خلع حذاءه وراح يرقص متمتماً كلمات الأغاني التي أشعلت فيه ما عمل الاحتلال جاهداً على إخماده في السجون والمعتقلات. تحرر «أبو ميلاد» من كل القيود والعيون، ورقص تاركاً قدميه تلمسان الأرض التي قهر عليها العدو وابتدأت فيها عملية قد تطول، لأن شبح «جمّول» لم يستسلم لما قاساه «الحزب الشيوعي» وهو لا يزال يهيم في «بسترس»، فتعود إليه الحياة في 16 أيلول من كل عام ليذكّر بأن العدو واحد والقضية واحدة، حتى لو كانت التصورات والعقائد كثيرة.

 

 
المصدر: السفير
17/09/2013 العدد: 12581