تحديد موعد الجولة القادمة.. مسألة أيام!
برزت مؤخراً دعوة الائتلاف المعارض، وعلى لسان رئيسه أنس العبدة، لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي يدرس فيه «مصير قراراته حول سورية». يأتي ذلك ضمن منطق البحث عن «استراتيجية جديدة» للحل السوري، والذي بدأ وفد الرياض بالترويج له خلال الأيام القليلة الماضية.. فما الذي يعنيه ذلك؟
ينبغي التذكير بداية، بأنّ القرار 2254 الذي صدر في الشهر الأخير من 2015، قد وضع عملياً استراتيجية للحل السوري، ووفقاً لجدول زمني محدد، وأنّ تنفيذ الأجندة الزمنية المنصوص عليها بات مهدداً في حال لم يتشكل الجسم الانتقالي بحلول شهر أيلول المقبل، لأن القرار نفسه يشير إلى أنّ عدم تحقق ذلك يتطلب العودة إلى مجلس الأمن مجدداً، والتي يمكن أن ينتج عنها –نظرياً- استصدار قرار جديد.
ترافقت دعوات وفد الرياض هذه، مع سلوك دي مستورا المتلكئ في الدعوة لجولة جديدة من المحادثات، والمتردد في حل مسألة وفد المعارضة الواحد، رغم أن القرار الدولي يمنحه صلاحية حل هذه المسألة، ورغم أنّ خطوط الحل العريضة والجزء الأكبر من خطوطه التفصيلية باتت منجزة بعد الجولة الماضية من جنيف وما تلاها من مشاورات.
إنّ ممانعة وفد الرياض المستمرة للحل السياسي، وهو الذي كان سابقاً تحت اسم «الائتلاف الوطني» وقبل ذلك «المجلس الوطني»، إنّ هذه الممانعة المترافقة مع محاولة احتكار التمثيل، لا للمعارضة وحدها بل وللشعب السوري بأسره، كانت مفصّلة على قياس «المعارضة العراقية» التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية لاستلام الحكم، بغض النظر عن المصير البائس لتلك المعارضة نفسها. حين لم يسمح الوضع الدولي بتكرار «التجربة العراقية»، وتحديداً مع الفيتو الروسي- الصيني وما تلاه، أسقط في يد هذه المعارضة، ولكنها لم تتعلم الدرس، ولم تفهم ما يجري، بل بقيت تمانع وتعيش عقدة انكار الواقع متوسلة قوة الأمريكي وجبروته، وصدمة ميشيل كيلو التي عبر عنها مؤخراً لن تكون الأخيرة في هذا السياق..
وبعد لأيٍ، وبعد دم كثير، عبّر الوضع الدولي الجديد عن نفسه بالقرار 2254، الذي يضمن مدخلاً حقيقياً باتجاه حل الأزمة السورية، ولما كان الحل الحقيقي مستنداً إلى الواقع الحقيقي للقوى دولياً وإقليمياً وداخلياً، فإنّ الواهمين الذين يعيشون الإنكار، اضطروا لقبوله وجهدهم كلّه موجه لنسفه، لعل وعسى تتغير الظروف.. واليوم والحل على وشك أن يتحول واقعاً ملموساً يبذلون جهداً إضافياً في محاولة نسف القرار 2254.. وهو الأمر الذي إن أصروا عليه فإنهم سيجدون أنفسهم خارج الخارطة السياسية نهائياً.. ليتقدم الحل دونهم..
إنّ الهوامش التي يتلاعب ضمنها وفد الرياض، ورغم أنها مشتقة ظاهرياً من مواقف السعودية وقطر، وتركيا بدرجة أقل مؤخراً، إلّا أن حقيقة الأمر أن تلك الهوامش أمريكية من حيث الأساس، فأمريكا بدورها، وإن لم تكن تنكر في دوائرها الضيقة مسألة التراجع، إلّا أنها تحاول إعاقتها قدر الإمكان وتأخيرها، لتقليل آثارها إلى الحدود القصوى.
ظهر خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، بالترافق مع محاولات وفد الرياض ومن وراءه العمل نحو نسف 2254، وتالياً نحو تعميق الأزمة واستدامتها، ظهر إصرار روسي وضغط عالي المستوى على واشنطن تحديداً، سواء بتصريحات لافروف أو تشوركين أو بوغدانوف، من أجل السير بالحل قدماً، والتي يظهر في خلفيتها إيحاء بأنّ الروس مستعدون لتطبيق 2254 لوحدهم إن رفض الأمريكي الامتثال للقانون الدولي.. ومن الواضح أنّ واشنطن لن تضع نفسها في موقف كهذا، واجتماع الخميس- الجمعة بين لافروف وكيري ربما يشهد تقدماً دراماتيكياً لحل المسألة وربما يظهر موعد الجولة الجديدة خلال أيام قليلة بعده.. والروس بهذا المعنى يدفعون عجلة التاريخ إلى الأمام، وعبر تطبيق القانون الدولي، وباستخدام القوة الواقعية لتحالف اقتصادي- سياسي جديد يضم ملياري إنسان.. هو منظومة (بريكس) (شنغهاي)..