من أجل تفعيل العلاقات المصرية السورية للمواجهة المشتركة ضد الإرهاب وحماية الأمن القومي
هذه دعوة ملحة للمثقفين المهتمين بالدفاع عن الدولة الوطنية في سوريا ومصر حيث تواجه هجوما شرسا من عدة جهات. وهو نداء للقيام بواجبنا لتفعيل العلاقات المصرية السورية كخطوة ضرورية لمحاربة الإرهاب ومواجهته بشكل متكامل. أرجو التجاوب والحوار عبر البريد الالكتروني مع هذأ النداء.
في ديسمبر من العام الماضي تسائلت عبر مقال نشر في جريدة التحرير المصرية عن أسباب الصمت المدوي "للنخبة المصرية" حول ما يدور في سوريا. من المهم أن نتناول الأسباب الموضوعية التي تفسر هذا السكوت وما إذا كانت هذه الأسباب لا زالت قائمة بنفس الدرجة. وما إذا حان الوقت المناسب لتفعيل العلاقات المصرية السورية خصوصا علي المستوي الشعبي وأهمية ذلك بالنسبة للأمن القومي المصري. وهنا يطرح السؤال : ماذا نستطيع عمله للمساهمة في تحقيق ذلك؟
أسباب الصمت
من أهم أسباب هذا الصمت أن مصرخضعت لعدة عقود لمناخ كامب دافيد والانفتاح الاقتصادي فانتشرت ثقافة تغييب الوعي القومي. ونشأ فراغ ثقافي ملأته إما الثقافة الوهابية المنحرفة أو الثقافة الليبرالية الجديدة التابعة. ساهم كلاهما في تسخيف الشعارات والمصطلحات والأوليات الوطنية لحساب أولويات مقبولة أمريكيا وصهيونيا ورواج مصطلحات وشعارات مخادعة ومغرضة مثل شعار"مصر أولا" الذي ساهم في عزل مصر عن محيطها العربي، و شعار "الديمقراطية أولا" كمدخل للتخريب الأمريكي وتغييب القضايا القومية، وشعار"السلام خيارنا الاستراتيجي" لقتل روح المقاومة، وقلب الأمور رأسا علي عقب باستخدام شعار "قبول الآخر".
لا شك أن الخداع الاعلامي والأكاذيب المتكررة عبر قنوات الجزيرة والعربية، وغياب إعلام مصري يبث حقائق الأزمة السورية، ساهم بشكل أساسي في تشويه الحقائق وانصراف غالبية المثقفين عن هذا الأمر.
مستجدات خلقت الآن مناخا مواتيا لتفعيل العلاقات المصرية السورية
بعد سقوط حكم الإخوان في مصر وعزل الدكتور مرسي ( الذي رفع شعار "لبيك يا دمشق" معلنا دعمه للمجموعات المعارضة المسلحة والارهابيين) تفاعلت عدة عوامل لخلق مناخ جديد في مصر إزاء الأزمة السورية. من هذه العوامل، ولعل أهمها، الصمود الاسطوري السوري. فلا النظام سقط كما تمني أو توقع البعض، ولا انهار أو تفكك الجيش الوطني السوري، ولا انتصرت جحافل الارهابيين، ولكن تعرضت سوريا لدمار واسع شمل التراث الحضاري وتعرض الشعب السوري لمعاناة ضخمة. زال كثير من الغبار الذي أخفي الحقائق. فانكشف الدور الأمريكي- التركي- القطري- السعودي- الاردني- الصهيوني في دعم الارهابيين وتوحدت أهدافهم للقضاء علي النظام السوري الذي يرفض الاملاءات الأمريكية. تبين دور الارهابيين الأجانب واتساعه مما يضحض مقولة الحرب الأهلية، انكشفت تبعية المعارضة لقوي إقليمية أو أجنبية ومدي هامشيتها وانتهازيتها. واتضح الوجه القبيح لحكام السعودية في اعتدائهم وجرائم الحرب التي يشنونها ضد الشعب اليمني. برز بشكل واضح دور الارهاب وممارسته البشعة وذاق الشعب المصري بعضها عندما قطعت رؤوس مصريين في ليبيا واتسعت العمليات الارهابية ضد جنود وضباط الجيش المصري وقوات الأمن واغتيل قضاة ودمرت منشئات. اتضح بدرجة أكبر كيف أن الإرهاب واحد ومصادر تمويله واحدة وأسلوبه واحد وتبين بدرجة أكبر الهدف الصهيو-أمريكي بإضعاف الجيش المصري والسوري وانهاكهما. كذلك برزت المساندة المبدئية الروسية للنظام السوري اعترافا بمحوريته في حماية الدولة السورية ومنع تفككها. كما اتضح أن الارهاب لا يأبه بالحدود القطرية مما يعطيه مرونة حركة وهذا يحتم معالجة شاملة واستراتيجية متكاملة تسلب الارهاب مرونة حركتهم.
دور الدولة المصرية وممارساتها
رغم أن طموحاتنا بالنسبة لمؤازرة سوريا رسميا أعلي بكثير من موقف الجكومة المصرية إلا أن الحكومة تبدوا مدركة لهذه المستجدات فرفعت مستوي التعاون الامني بعد أن عزل الشعب وجيشه الرئيس مرسي.أكدت الحكومة المصرية رغم عدم رضاء السعودية علي ضرورة وحدة سوريا ورفضت الانجرار وراء شعار إزالة الأسد معتبرة أن الشعب السوري وحده هو الذي يختار رئيسه. كل هذا أعطي مؤشرات واضحة فقام وفد إعلامي مؤخرا بزيارة دمشق وعدة مدن سورية وتلمس الوضع علي الواقع. كان التأثير الايجابي للزيارة ملموسا من خلال المقالات في الصحف الرئيسية، وابراز ضرورة التعاون من أجل رفع كفاءة حربنا علي الارهاب.هذا بالرغم للقيود التي تحاول السعودية فرضها علي الحكومة المصرية. وكما قلما مرارا فإن حاجة السعودية لمصر أكبر من حاجة مصر للسعودية رغم العناء الاقتصادي فلا يمكن الانتقاص من الأهمية الإستراتيحية التي تملكها مصر كما أن الشعب أثبت مرارا أن يتحمل الكثيرمن أجل حماية كرامته واستقلاله. كل هذا يعطي الدولة حرية حركة كما أن مصر تملك بدائل اقتصادية وعسكرية تمنع املاءات اقليمية أو دولية. تتصاعد حرية الحركة هذه إذا كان هناك دعماً غير رسمي في اتجاه التعاون السوري المصري والذي يطالب بعودة العلاقات التي قطعت في عهد مرسي. ومن المتوقع أن الأعباء الاقتصادية التي تعاني منها السعودية نتيجة عدوانها علي اليمن وانخفاض أسعار البترول، بالإضافة إلي الاكتشاف المثير لأكبر حقل غاز في البحر الابيض قبالة الشواطيء المصرية بالقرب من العريش سيكون له تداعيات جذرية يحرر مصر من أعبائها الاقتصادية ومن أي ضغوط سياسية تمارسها السعودية أو اسرائيل.
حوار حول ما نستطيع وما يجب عمله
علينا أن نتذكر أنه قبل أكثر من ثلاثة عقود وقبل أن تتغلغل ثقافة كامب دافيد انتفض قطاع واسع من الشعب المصري، ورغم القيود الآمنية شكل اللجنة المصرية لمناصرة الشعبين الفلسطيني واللبناني وذهب بعض أعضائها ألي بيروت المحاصرة علي سفينة المناصرة.
ألا تستحق سوريا وشعب سوريا لجنة مناصرة تكون بمثابة جبهة سورية- مصرية مشتركة ؟ كما أننا يجب أن نشارك الدولة في جهود محاربة الارهاب في مصر وسوريا، فالإرهاب لا ينبغي فصل مكوناته، خصوصا النشاطات التي قد تجد الدولة قيودا في ممارستها.
فلنبدأ بإرسال وفود مصرية تمثل هيئات مختلفة،ولتبدأ كل من نقابة الصحافيين ونقابة المحامين واتحاد الكتاب بصفتهم هيئات رائدة في قيادة العمل الوطني بالاضافة إلي شخصيات عامة وإعلامية من أجل زيارة سوريا ليتعرفوا علي الواقع ولمقابلة مسئولين ومعارضين في الداخل وللمساهمة في حوارات ثقافية. والشق الملازم لهذا النشاط هو دعوة وفود سورية لهيئات مماثلة لزيارة مصر والقيام بلقاءات ثقافية وإعلامية. فهل يلبي رؤساء النقابات المذكورة ومجالسها هذا الطلب العاجل والهام؟
إن مثل هذا التفاعل وغيره علي كافة المستويات الفنية والرياضية والمحاربين القدامي من أبطال حرب أكتوبر 73 سيكون له أثر بالغ وسيدفع الحكومة في اتجاه علاقات وثيقة مع سوريا ودعم الامن القومي لكلا البلدين.