الواقعية السياسية ووهم التحرر بالمؤسسات الـدولية
المقاومة لا تموت وتزرع بذورها بعد كل موت.
بعد أن قدّم الشعب الفلسطيني التضحيات عام 2014 إثر العدوان على غزة، في حرب كشفت عن علامة فارقة في تطور أدوات المقاومة الفلسطينية في المواجهة، وخلال الانتفاضات الفردية في القدس المحتلة التي دخلت ميدان المواجهة مع المستعمر بإبداع وسائل جديدة للمقاومة، كاستشهاديي دهس السيارات وطعن السكاكين؛ إلا أن اليوم الأخير من عام 2014 قد اختتم العام نفسه على الشعب الفلسطيني بفشل أحرزته قيادته.
إذ فشلت المؤسسة الفلسطينية الرسمية في تمرير مسودة مشروع القرار الفلسطيني الذي يدعو إلى اتفاق سلام مع الكيان ووضع سقف زمني لانسحابه إلى حدود 1967 بحلول أواخر عام 2017، وذلك عقب التصويت في مجلس الأمن الذي لم يستطع تمرير القرار حيث استعاضت اميركا عن استخدام الفيتو بأن أمرت دولة اسلامية كبرى مثل نيجيريا بأن لا تصوت لصالح الطلب ما اعطاه ثمانية اصوات بدل 9. ولعل المحتوى الحقيقي للطلب الرسمي الفلسطيني أخطر لأنه استجداء اعتراف بدولة افتراضية مقابل اعتراف بدولة الاستيطان التي تطرح اليوم كدولة يهودية.
وبعد أن تابع الشعب الفلسطيني مهزلة التصويت في مجلس الأمن، ذهب معظم الفلسطينيين للعام الجديد حانقين ومنتقدين قيادتهم وفشلها المتكرر، ولسان حالهم يقول: كل عام ومقاتلو «غزوة» مجلس الأمن الأخيرة متمسكون بالهزيمة والمساومة، وكل عام والمقاومة بخير ومنتصرة. فهذا ما تعود عليه الشعب الفلسطيني تاريخيّاً من القيادة الفلسطينية؛ فمع كل ثورة أو مقاومة أو انتفاضة، تتم مواجهتها باستثمار سياسي أو مساومة يسرق فيها الانتصار. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أجهضت الانتفاضة الاولى باتفاقية أوسلو المشؤومة.
والانتفاضة الثانية بمشروع السلام العربي الرسمي (المبادرة العربية) أي الاعتراف الجماعي بالكيان.
بعد فشل قيادتهم في أروقة الأمم المتحدة، اعتبر كثير من الفلسطينيين أن أهم إنجازين في عام 2014 هما تأكيد أن المقاومة حية لا تموت وتزرع بذورها بعد كل موت، والمساومة ميتة لا محالة ومن الصعب إنعاشها.
وهناك دائماً مشروع مقاومة ومشروع مساومة، ورغم عقد قيادة منظمة التحرير تصالحاً مع اسرائيل، فذلك لم يُوقف المقاومة، ما يعني انقسام الفلسطينيين إلى مقاومة ومساومة.
يحلل هذا المقال نهج الواقعية السياسية العقلانية الذي انتهجته القيادة الفلسطينية وعلى رأسها ياسر عرفات منذ أوسلو، والذي استمرت في السير على خطاه المؤسسة الرسمية الفلسطينية حتى الفشل الأخير في مجلس الامن. وذلك بتحليل البرجوازية الفلسطينية التي تتحالف تبعياً مع المستعمِر لترسخ علاقات السيطرة بينها وبين المجتمع الفلسطيني من جهة، وعلاقاتها بالغرب الرأسمالي عموماً من جهة أخرى.
الواقعية السياسية للبرجوازية المحلية
صرح السادات بعد حرب تشرين في وجه الجماهير موبخاً: «أتريدون مني أن أحارب أميركا؟».
ويقصد أنه لا مفر للبرجوازية العربية من السير في ركب الواقعية السياسية التي تعترف وتقر بالسيطرة الإمبريالية، وتحاول أن تتكيف مع الواقع بشكل تتجدد فيه دوماً في تجدد علاقة التبعية البنيوية بالإمبريالية.
وفي ذلك تجسيد للتماهي مع حالة الهزيمة أو بالأصح «استدخال الهزيمة» أمام المستعمَر، بحيث تبدو الهزيمة أمراً طبيعياً، بما يوصل المستعمَرين إلى الإيمان بأهمية المستعمِر وحتمية خضوعهم له.
لا يمكن تفسير نهج الواقعية السياسية والمساومة الذي انتهجه السادات ومن بعده ياسر عرفات الا من خلال التحليل الطبقي للبرجوازية العربية الحاكمة. في نظريته عن البرجوازية العربية يؤكد مهدي عامل أن البرجوازية قد تفعل أي شيء، كالخيانة والطائفية، لتجديد نفسها ونظامها، فنجاح البرجوازية في تكيفها مع السيطرة الامبريالية بغلاف من الواقعية السياسية، يضمن لها البقاء في موقع القيادة الطبقية. أما اعلان الحرب على السيطرة الامبريالية، فسيكون بمثابة الانتحار ضد قدر «إلهي»، وبهذا، فلا مفر من التكيف مع واقع السيطرة الاميركية، وهذا ما يؤمن ديمومة العلاقات الكولونيالية في تجددها المستمر، اي تتجدد السيطرة الامبريالية مع تجدد سيطرة البرجوازية، وبالتالي يستنتج مهدي عامل أن أزمة حركة التحرر الوطني هي في تجدد قياداتها الطبقية البرجوازية من دون أمل في الخروج من هذه الأزمة. وهذا المأزق البنيوي الذي تتجدد فيه أزمة الحركة الوطنية البرجوازية ما دام النقيض الثوري لم يتكون بعد كنقيض سياسي، وأن تحقق هذا الفشل التاريخي عبر سيرورة تحول من برجوازية صغيرة إلى برجوازية كولونيالية متجددة.
لذا يرى عامل أن حركة التحرر الوطني محكومة في ضرورتها الداخلية باستحالة خروجها من أزمتها المزمنة بسبب الاستحالة الموضوعية في صيرورة الطبقة العاملة فيها كطبقة مهيمنة تعتبر نقيضاً ثوريّاً، وعليه فالتحرر من السيطرة الإمبريالية والقضاء عليها أمران مستحيلان، ولا بد من الإصرار على السير في سياسة مأسوية فاشلة بالضرورة، لانها سياسة حرب ضد قدر «إلهي» لا قوة لنا على مجابهته.
النهج الواقعي للبرجوازية العربية في علاقات التكيف مع واقع عظمة القوة الأميركية يرى أن الخلافات مع الامبريالية هي خلافات تكتيكية وعرضية وليست جوهرية، كالخلاف مثلاً حول القضية الفلسطينية. وتسوية هذه الخلافات تمرّ عبر التكيّف مع الواقع بسبب عظمة القوة الامبريالية، وليس عبر إعلان حرب انتحارية.
لذا قام السادات بتسويتها في اتفاقية كامب ديفيد التي جسّدت علاقات التطبيع مع الكيان، فأضحت فلسطين عنواناً للخيانة الطبقية العربية الجمعية. والمفارقة أن موقف البرجوازية الفلسطينية نفسها لاحقاً لم يختلف عن واقع التخاذل العربي الذي أسسه السادات، حيث عقدت قيادة منظمة التحرير تصالحاً مع إسرائيل. وتعاطي الكثير من الفلسطينيين مع السياسة باعتبارها فن الممكن من خلال التخلي عن خيار الكفاح المسلح وتقديم التضحيات حتى دحر الاحتلال، والاعتراف بالواقع السياسي والتعامل معه؛ هو ما أوصلهم إلى فشل المشروع الوطني التحرري. وقد جاءت تطورات موقف القيادة الفلسطينية على الأرض مطابقة لتوقعات فرانز فانون في ما يخص استعداد البرجوازية المحلية للمساومة بعد الاستعمار، علماً بأن الاستعمار لم يرحل بعد من فلسطين، خلافاً للمجتمع الجزائري.
في الحالة الفلسطينية، فإن منظمة التحرير التي قادت المشروع الوطني، لم تستطع بفصائلها أن تقوم بمهمة التحرير، فلجأت في اتفاق أوسلو إلى المصالحة بالمفاوضات أي بالمساومة. وهنا تحضرنا مقولة بريجنسكي: «لم تكن منظمة التحرير تحت قيادة عرفات جادة في الكفاح المسلح، ولم تكن جادة في المفاوضات». لذا تعوّد المحتل الصهيوني على أن الفلسطيني يتنازل في المفاوضات وغيرها.
وهنا يمكن القول إن أزمة البرجوازية الفلسطينية هي أنها برجوازية تابعة، ولم تأتِ من خلفية حركة تحرر وطني جذرية، بل كانت قدرتها الكفاحية ضعيفة، لذلك كانت مهيأة وجاهزة للتبعية.
وعليه، فإن عملية أوسلو تعتبر تخلياً عن المشروع الوطني الفلسطيني وخدمة للمصالح الإسرائيلية والأميركية، بالإضافة إلى مصالح النخبة الفلسطينية السياسية كطبقات منتفعة.
إن ذلك يثبت أن مهمة البرجوازية هي الحفاظ على مصالحها بالمحافظة على مصالح الاستعمار المتمثل بالنظام الرأسمالي، وهو ما حذَّر منه فانون باكراً في تنظيراته حول ارتداد البرجوازية المحلية إلى نُخبة مضادة ووسيطة للاستعمار، وهو المفهوم الذي طوره نظرياً سمير أمين من خلال مصطلح الكومبرادورية المحلية التي تتحالف مع رأس المال تحقيقاً لمصالحها في تتبيع السوق المحلية بحيث تغرقه بالمنتجات الأجنبية ما يقوض الصناعة المحلية ومعها البرجوازية المحلية ذات التوجه الإنتاجي.
المؤسسات الدولية... مرجعية للتحرر أم ضرورة للتحرر منها؟
بعد القضاء على مشروع التحرر الوطني في اتفاق أوسلو للتسوية السياسية، أصبح التحرر يأتي من الخارج من قبل الغرب الرأسمالي ومؤسساته الدولية، حيث ترى القيادة الفلسطينية أن التحرر مرتبط بقرارات الأمم المتحدة، أي من المستعمِر ومؤسساته الرأسمالية، وتوجهها للأمم المتحدة لا يناقش من دون أية انتقادات. يقع ذلك في إطار سياسات الاعتراف من الآخر، وليس بالاعتماد على القوة الذاتية للتحرر، التي ترى القوة من الخارج من دون أن تبدع طرقاً أخرى للتحرر.
والنضال المعولم في أروقة مجلس الأمن لا ينسجم مع النضال الوطني والقومي، بل يحيده ويجادل ضده؛ فالمؤسسات الدولية بأجنداتها الرأسمالية الخفية تعزز الاستعمار والسيطرة على المجتمع الفلسطيني وتعمل على احتواء أي إمكانية لأي قوى مقاومة للاحتلال.
إن المؤسسات العالمية تابعة للدول الرأسمالية، وأيديولوجيتها التي جاءت منها الحقوق والقرارات العالمية تعزز علاقات السيطرة، وفي تبني شعوب العالم الثالث وتماثلها مع هذه الحقوق، تعيد إنتاج نفسها كأداة لهذا النظام الذي أصبحت مدمجة فيه أكثر من مجتمعها الفلسطيني، ما يؤدي إلى تقويض الفاعلية السياسية وروح المقاومة عند الشعوب المستعمرة لينحصر تحررها من خلال هذا القانون ومؤسساته الدولية التي أباحت وشرعنت الاستعمار، وليس من خلال المقاومة والنضال؛ فالشعوب تتحرر بالمقاومة ولا تتحرر بالاستجداء وبالتكيف مع السيطرة الإمبريالية.
يجرى التعامل مع الامم المتحدة كعامل منفصل عن النظام العالمي الذي أوجدها ويدعمها. إن النظام الرأسمالي العالمي هو الذي أوجد الاحتلال والقتل والعنف، وهو أيضاً الذي أوجد المبادئ والحقوق والقوانين وقرارات الأمم المتحدة.
ويصبح المستعمِر هو الذي يقرر حقوق هؤلاء الذين تسلب حقوقهم، وعندها يصبح القمع وعلاجه ينتجان من النظام نفسه. وكلما أوجد النظام الاستعماري اضطهاداً وقمعاً وعنفاً، أوجد أعرافاً وقوانين ومعايير دوليةً ومواثيق أمم متحدة وحقوق إنسان تدعي أنها إنسانية رغم أنها تخفي وراءها سيطرة وعنف المؤسسة التي تحملها. وهذا ما لا تراه أو تتغاضى عنه القيادة الفلسطينية والقوى الليبرالية المحلية التي تتجاهل أن هذه المؤسسات ومنظومة القانون الدولي هي من صوغ القوى العظمى ومصممة لخدمة مصالحها، فقرارات الامم المتحدة التي تعتبرها القيادة الفلسطينية فرصة للتحرر هي خطاب مؤسسة دولية ليست ذات مواقف عادلة حين يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني. وقرارات الامم المتحدة منذ عام 1948 لم تحترمها اسرائيل، ولم يجر تنفيذ هذه القرارات المتراكمة، بينما نجدها كلها طبقت في العراق، فلماذا تعتبر هي المرجعية؟
«غزوة» مجلس الأمن وفشل التصويت
النضال في إطار مؤسسات المجتمع الدولي هو وهم أشبه بالحرب الدونكشوتية ضد طواحين الهواء، ويتستر باستخدام معاناة الشعب الفلسطيني كي يضفي على نفسه شرعية ما، ويكتسب تعاطفاً شكلانيّاً كاذباً من قبل المجتمع الدولي الذي يخذلنا كل مرة ولا نتعلم. لم يذهب الرئيس الفلسطيني إلى مجلس الامن إلا لإلهاء الناس بوهم جديد على غرار معارك وهمية سابقة. فقد لجأت القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة في أيلول 2011 للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقبل عام، ذهب أيضاً الرئيس عباس إلى مجلس الامن للحصول على قرار بالاعتراف بعضوية فلسسطين، وكانت النتيجة الفشل.
إن هذا الاعتراف هو في جوهره ليس اعترافاً بحقوق الفلسطينيين بل شطب لها، وما هو إلا تقزيم لمشروع التحرر الوطني في شكل دويلة على أجزاء من الضفة والقطاع.
ويأتي هذا المشروع الأخير لشطب القضية وبقاء الاحتلال واللاجئين من دون عودة وتجسيد الاعتراف الرسمي العربي بالكيان، وقبول إدماجها في الوطن العربي إدماجاً مهيمناً تقود به المنطقة عبر الإخضاع الاقتصادي والعسكري معاً.
عقب التصويت في مجلس الأمن التابع للامم المتحدة الذي لم يستطع تمرير مسودة مشروع القرار الفلسطيني، استنكرت مفاعيل أوسلو والسلطة الفلسطينية عدم تمرير القرار، حيث صرح أحدهم: «إن عدم تمرير القرار، رغم البنود التي تنسجم مع السياسة الأميركية، وقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، يظهر مدى الدعم والحصانة التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، على حساب سيادة القانون الدولي والسلام العادل». واللافت ان المقتبس يؤكد صراحة أن بنود القرار تنسجم مع السياسة الأميركية بمنطق «رضينا بالهم والهم ما رضي فينا»، أو بشكل أدق: رضينا بالتفريط بالحق الفلسطيني وبالمهانة، وحصلنا على امتناع الدول عن التصويت وفيتو أميركي. فالرئيس عباس ومفاعيل أوسلو يقدمون التنازلات التي تريدها أميركا وإسرائيل، انصياعاً لإملاءاتهم في مشروع القرار الذي يتناقض كلياً مع الثوابت الفلسطينية ومع الكرامة الوطنية. فالفلسطيني المتمسك بترسيخ ثوابت شعبه وتطلعاته قد يصيبه الغثيان كلما استمع إلى تصريحات القيادة الفلسطينية التي جعلت «غزواتها» الدنكشوتية ملهاة للشعب الفلسطيني، وكلما قرأ بنود المشروع المقدم الذي يشطب حق العودة جوهرياً، ولا يتضمن انسحاباً كاملاً من الأراضي المحتلة، ولا ينص على السيادة الفسطينية الكاملة على الارض الفلسطينية، ولا حتى على حدود الدولة المفترضة، ويخضع قضايا مهمة مثل الاسرى والمياه للتفاوض، وفي جوهره يقوم على العودة للتفاوض من جديد، أي يحصر خيارات الشعب الفلسطيني في النضال بالمفاوضات، ويشرعن وصف أشكال النضال الأخرى بالارهاب.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس عباس اعتبر أن وقف التنسيق الأمني سيؤثر سلباً في مشروع القرار، ولكنه هدد بأنه سيوقف التنسيق الامني إذا لم يمر مشروع قراره بإنهاء الاحتلال في مجلس الامن.
وكرد فعل على فشل معركة مجلس الأمن، وقع الرئيس على طلبات الانضمام إلى عشرين منظمة دولية من بينها محكمة الجنايات. ورغم خذلان المجتمع الدولي، بامتناع الدول عن التصويت لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، ما زالت الدبلوماسية الفلسطينية تراهن عليه، وما زال الرئيس يدور في فلك المؤسسات الدولية. والطريف أن الرئيس عباس أصدر تعليماته لاستيضاح أسباب معارضة وامتناع بعض الدول عن التصويت على مشروع «إنهاء الاحتلال».
إذا أراد الرئيس توضيحاً، فربما عليه أن يعرف أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالقوي، ويستهين بالضحية وبصاحب الحق المظلوم. إن إنهاء الاحتلال تحت الشرط الاستعمار لا يتأتى من المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، بل من المقاومة التي تجبر الاحتلال على الانسحاب، كما حصل في جنوب لبنان وغزة وإن بشكل غير مكتمل. وهذا الفشل في تمرير القرار الفلسطيني سببه التعويل على المجتمع الدولي ومؤسساته في التحرر، أي عندما ننتظر من غيرنا أن يحررنا. وفي كل مرة، يتأكد لنا أن العالم لا يحترم ولا يقيم وزناً للضعفاء الذين يستجدون المؤسسات الدولية.
وقد آن الأوان للقيادة الفلسطينية بعد الخذلان من المجتمع الدولي ومع الفشل وانهيار الأوهام المتكررة أن تتوقف عن هذا النضال المعولم في أروقة الشرعية الدولية وعلى باب مجلس الأمن.
خاتمة
في عام 2014، أثبت الشعب الفلسطيني بعد معركة غزة وانتفاضة القدس أن لديه شحنة وقوة المقاومة الكامنة التي لا تفنى ولا تنضب، وأنه سيستمر بخيار المقاومة وبإبداع وسائل نضالية جديدة أبدع فيها أبطال غزة واستشهاديو السيارات والسكاكين في القدس لإرهاق العدو. ومن جهة أخرى، أثبتت القيادة الفلسطينية أنها تمضي قدماً بالمساومة وبمصادرة الانتصار بالمعارك البهلوانية والدبلوماسية المهينة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
وهذا يعني أن هناك دائماً مشروع مقاومة ومشروع هزيمة ومساومة، فهذه حركة التاريخ التي تؤكد أن المقاومة حية لا تموت وموتها حياة ممتدة. وكما وقف السادات بعد حرب تشرين في وجه الجماهير موبخا: «أتريدون مني أن أحارب أميركا؟»، ووقف ياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض ويده ممدودة لرابين وهو يهرب منها، في لحظة أطلقت رصاصة تصفوية على القضية الفلسطينية أحدثت تجويفاً بالذاكرة الفلسطينية؛ في المقابل، هناك مشهد آخر على بعد أمتار من جنود العدو الفارين من جنوب لبنان، حيث وقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله شامخاً بانتصار المقاومة، حيث احتشد عشرات الآلاف يحتفلون بنصرهم، وهو يقول: والله إن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت. وبهذا أسس لمرحلة جديدة للانتصار، فوقف بعدها نصر الله أكثر شموخاً في تموز 2006 قائلاً: أنتم لا تعرفون اليوم من تقاتلون.
المصدر: الأخبار