لم تكن له حدة غوغول، ولا قوة تولستوي، ولا رؤيوية دوستويفسكي ولا عمق تشيكوف. ومع هذا ظل الكاتب الروسي ايفان تورغنيف لفترة طويلة من الزمن، أكثر شهرة في الغرب من مواطنيه هؤلاء. فهو، إن لم يكن متميزاً عن أي منهم في مجال خاص، عرف كيف يجمع في بوتقة واحدة بعض ميزات كل واحد منهم. فكان فريداً في كتابته، عاش للرواية وللقصة. وكتب عن الحياة الروسية، ربما اكثر مما كتب أي روسي آخر. ومع هذا كانت تهمته الأساسية في بلاده نزعته الغربية. اما الغربيون، والانكليز والفرنسيون منهم على وجه الخصوص، فأحبوه وقرأوه على نطاق واسع، لأنه عاش بينهم وتعرّف الى كبار أدبائهم، ونقل روائع أدبهم الى الروسية. كما انه هو، لفترة طويلة من الزمن، كان من نقل بوشكين وغوغول وليرمنتوف الى الفرنسية. لقد جعل تورغنيف من نفسه، ولفترة حاسمة في تاريخ العلاقات الأدبية بين روسيا والغرب الأوروبي، ضابط ارتباط تلك العلاقة. ولا بد من ان نضيف هنا ان ما ساهم ايضاً في «عالميته» المبكرة انه عاش جزءاً كبيراً من سنوات حياته، في أوروبا، بين بادن بادن وباريس، لا سيما في باريس التي مات فيها ودفن في العام 1883.