البلطجة «الإسرائيلية» في طريقها للانحسار!

البلطجة «الإسرائيلية» في طريقها للانحسار!

يواصل الصهيوني عربدته في جنوبنا السوري، واعتداءاته من الجو على مناطق متعددة في البلاد. ورغم أن هذه العربدة قد توهم كثيرين بقوة «الإسرائيلي» واقتداره، إلا أن دراسة الوقائع تسمح برؤية مشهد آخر...

أولاً: حرب ترامب التجارية، تؤكد الاتجاه الانكفائي لواشنطن، والذي سيشمل في وقت قريب القواعد العسكرية الأمريكية حول العالم، باتجاه تخفيضها وتخفيض عديدها وعتادها؛ و«إسرائيل» بوصفها واحدة من أكبر القواعد الأمريكية في العالم، لن تكون خارج هذه المعادلة.

ثانياً: ابتلع نتنياهو لسانه في البيت الأبيض بما يخص توجيه ضربة إلى إيران لأن الاتجاه الانكفائي لترامب فرض الذهاب باتجاه مفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران.

ثالثاً: وبما يخص سورية أيضاً، والتذرع بالخوف من تركيا، فقد ابتلع نتنياهو لسانه أيضاً، وأعلن خضوعه لدور ترامب وسيطاً مع تركيا، وليس وسيطاً فحسب، بل وبديلاً يفاوض ويتفق مع تركيا دون اشتراك «إسرائيل»، مع اشتراط أن يكون نتنياهو «عقلانياً» كما أوعز له ترامب أمام الكاميرات.

الاتجاهات العامة السابقة، تؤكد أن الأفق التاريخي مغلق أمام الكيان، ولكن مع ذلك، فإنه يستند في بلطجته إلى ضعفنا وإلى تفرقنا وانقسامنا، ويستثمر بشكل مضاعف ضد وحدتنا الوطنية وضد سلمنا الأهلي، لأن مخرجه الوحيد هو تفجير بلادنا بالفوالق الطائفية والقومية والدينية، وعبرها تفجير المنطقة بأسرها.

بهذا المعنى فإن التحريض الطائفي المقيت المكروه في كل ظرف وفي كل وقت، هو في هذا الظرف بالذات، وفي هذا الوقت بالذات، أقرب إلى الخيانة الوطنية العظمى... وهو ما يضع مسؤولية مضاعفة على السلطات والمجتمع، في تطويق أصحاب الرؤوس الحامية والعقول الصغيرة الذين ينجرون نحو الخطاب الطائفي التحريضي بمختلف أشكاله، والذين يخدمون من حيث لا يدرون، وغالباً من حيث لا يريدون، الصهيوني قبل أي أحد آخر.

إغلاق الطريق على التحريض الطائفي ينبغي أن يتم ليس عبر تجريمه فقط، بل وأيضاً عبر معالجة أسبابه. وهذا بدوره يتطلب العمل بالتوازي، وبشكل سريع على الملفات التالية:

أولاً: العدالة الانتقالية الحقيقية الشفافة عبر القضاء العادل وعلى الملأ وعلى رؤوس الأشهاد، وليس عبر الأشكال الميدانية الاستثنائية التي تحيل البلاد إلى فوضى، وتحيل صاحب الحق إلى محقوق!

ثانياً: منع أي تمييز بين السوريين على أساس الطائفة أو الدين أو القومية، ومحاسبة من يقوم بذلك من عامة الناس أو من موظفي الدولة، وبشكلٍ سريع وعلني.

ثالثاً: معالجة مخاوف الناس وهواجسها عبر المشاركة الحقيقية، والابتعاد عن الاستئثار، والتوجه نحو الحوار الوطني الحقيقي الشامل، لتوحيد السوريين وتجميعهم لمواجهة المهمات الكبرى التي تنتصب أمام بلادهم.

رابعاً: عبر الحوار نفسه، وعبر التعاون مع الدول التي لها مصلحة في استقرار سورية، إعادة تشكيل السوق السورية الواحدة، وإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد.

الأفق التاريخي مفتوح أمامنا ومغلق أمام الصهيوني، والضوء يلوح في نهاية النفق المظلم الطويل، والصعوبات كبيرة جداً لبلوغ نهايته، ولكن ذلك ممكن. ممكن فقط بتوحيد السوريين وتجميعهم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
0000