اعطوهن فرصة!

اعطوهن فرصة!

مع فجر يوم الأحد 8 كانون الأول أدرك السوريون انتهاء صفحة من تاريخهم، وبغض النظر عن اصطفافاتهم السابقة، اتفقت غالبيتهم الكاسحة أنهم عاشوا سنوات طويلة في مستنقعٍ نتن، وأنّهم بلا شك يستحقون مستقبلاً أفضل، وأعدّوا لذلك قائمة طويلة من الأمنيات والآمال تبدأ من الضوء والدفء، ولا تنتهي بنظام سياسي جديد يلبي طموحاتهم.

وكان من الطبيعي أن تُحمل تلال المطالب كلّها إلى السلطة المؤقتة الجديدة، التي احتوت في صفوفها بلا شك سوريين يطمحون لبناء واقع جديد أفضل من السابق، لكننا وجدنا أنفسنا أمام درجة تعقيد هائلة خلفتها سياسات النظام السوري؛ فالمشكلات كثيرة، ولا يمكن حلّها بضغطة زر، وهذا تحديداً ما دفع فئة من الناس لرفع شعار «اعطوهن فرصة»، وهو بالذات ما أقلق شريحة عريضة من السوريين، فهؤلاء وإن كانوا يدركون أن لا حلول سحرية يمكن تطبيقها، لكنهم يخشون أن تتحول «الفرصة» إلى بابٍ للتسويف، وتحديداً أن مئات بل آلاف الفرص أعطاها السوريون ولم يعودوا يستطيعون الاحتمال أكثر، لكن وإذا ما أردنا نقاش واقعنا اليوم بتروٍ، وبعيداً عن تراشق المسؤوليات والاتهامات، يبدو وضوحاً أنه لا يمكن الوصول إلى حلول جذرية بشكل أحادي، ففتح حوار ونقاش وطني عميق يمكن أن يضع البلاد على السكة الصحيحة، فأصحاب المصلحة في دفع الأمور نحو الأفضل ينبغي إشراكهم، لأن المرحلة الانتقالية هي ملكٌ للسوريين جميعاً، وهم المعنيون بإيجاد الحلول، وإذا ما حصل ذلك سنسعى لاغتنام الفرصة حقاً، ولن تضيع منا، وسنحوّل البلاد إلى ورشة عملٍ موحّدة تعمل على مدار الساعة...عندها فقط سيناضل الشعب في سبيل خلاصه، ولن نكتفي في انتظار الأرنب ليخرج من قبّعة الساحر!
علينا فعلاً أن «نعطيهم فرصة»، وعلينا في الوقت نفسه أن نأخذ كسوريين فرصتنا أيضاً! هذه هي المرة الأولى منذ قرابة 60 عاماً التي يحس فيها السوريون أن صوتهم له وزن وله تأثير، وأن قدرتهم على تنظيم أنفسهم والمطالبة بحقوقهم هي قدرة حقيقية وفاعلة، ولذا ينبغي أن يأخذ المجتمع أيضاً فرصته في التعبير عن إرادته وعن رغبته في بناء بلده، وعن قدرته على القيام بذلك... نعم علينا إعطاء فرصة لكل السوريين، فرصة للتعاون والعمل الجماعي الذي يتضمن بالضرورة انتقاد الأخطاء وتصحيحها بسرعة، لتوجيه دفة السفينة نحو بر الأمان...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1208