بعض ردود الفعل الدولية على أحدث استعراض لغطرسة الكيان
خلال الأسبوع الماضي، أعلن وزير خارجية الكيان، يسرائيل كاتس، الأمينَ العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «شخصية غير مرغوب فيها»، وقال في تغريدة له يوم 2 تشرين الأول الجاري: «اليوم، أعلنت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخصاً غير مرغوب فيه في إسرائيل، ومنعته من دخول البلاد. أي شخص لا يستطيع إدانة الهجوم الإيراني الشنيع على «إسرائيل» بشكل لا لبس فيه، كما فعلت كل دولة تقريباً في العالم، لا يستحق أن تطأ قدمه الأراضي الإسرائيلية. هذا هو الأمين العام الذي لم يندد بعد بالمذبحة والفظائع الجنسية التي ارتكبها قتلة حماس في 7 تشرين الأول، ولم يقد أي جهود لإعلانهم منظمة إرهابية. الأمين العام الذي يدعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة من حماس وحزب الله والحوثيين، والآن إيران – السفينة الأم للإرهاب العالمي – سيُذكر باعتباره وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة. ستواصل إسرائيل الدفاع عن مواطنيها والحفاظ على كرامتها الوطنية، مع أو دون أنطونيو غوتيريش».
من الجدير بالذكر، أن ما يقصده كاتس عندما يقول: «كل دولة تقريباً في العالم»، هو أمريكا وبعض الدول الغربية. ومع ذلك، ووفق أحد المواقع اليهودية الموالية للكيان، كان عدد الدول التي نددت بالضربة الإيرانية 24، ولكن حتى من بين هذه الدول، شمل التنديد التصعيد في المنطقة، وتنديداً ضمنياً بممارسات الجانب «الإسرائيلي».
لاحقاً في اليوم ذاته، عقد مجلس الأمن جلسة طارئة حول الوضع في الشرق الأوسط، ندد فيها غوتيريش بالضربة الإيرانية، فيما يبدو محاولة لمحاباة وإرضاء الكيان. وخلال الجلسة، أعرب أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم للأمين العام للأمم المتحدة. ووصف مندوب روسيا قرار الكيان بأنه «غير مسبوق» و«صفعة ليس فقط للأمم المتحدة، بل لنا جميعاً في مجلس الأمن... ندعو أعضاء مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى الرد على هذا العمل الشائن». وأكدت مبعوثة مالطا على «الدعم المستمر والثابت» لغوتيريش، وشكرته «على قيادته المستمرة وبوصلته الأخلاقية أثناء توجيه هذه المنظمة خلال هذه الأوقات الصعبة». وقال مندوب سلوفينيا: «إننا نناشد إسرائيل إعادة النظر في إعلان اليوم... الوقت قد حان لتعزيز دور الدبلوماسية وإعطاء السلام الأولوية». وأشار مندوب الجزائر إلى «تضامن الجزائر الكامل وإعجابها ودعمها للأمين العام بعد القرار المذهل الذي اتخذته سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإعلانه شخصاً غير مرغوب فيه... يعكس هذا القرار استهتاراً واضحاً بمنظومة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأكمله لدى السلطات الإسرائيلية... لا توجد رواية ولا حقيقة سوى روايتهم».
طبعاً، وكما هو متوقع ومعتاد، كانت الولايات المتحدة الاستثناء، حيث تجنبت مندوبة الولايات المتحدة ذكر غوتيريش في مداخلتها، ولكن لم تنسَ أن تقول: «الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشكل كامل»، مكررة كلمة «كامل» ثلاث مرات.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، يوم 2 تشرين الأول: «رأينا هذا الإعلان صباح اليوم، والذي نعتبره بياناً سياسياً من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي... هذا مجرد هجوم آخر على موظفي الأمم المتحدة رأيناه من قبل حكومة إسرائيل... نرى هذا الإعلان كتصريح سياسي، أكثر منه قانونياً... كانت هناك أوقات كانت فيها مواقف متوترة للغاية بين الأمين العام ومختلف الدول الأعضاء، لكنني لا أتذكر هذا النوع من اللغة».
دول أخرى أعربت عن دعمها للأمين العام للأمم المتحدة، ومنهم من حثّ الكيان على إعادة النظر في خطوته الأخيرة في سلسلة من مواقفه العدائية تجاه المنظمة الدولية ووكالاتها، حيث تأتي هذه كخطوة إضافية لقائمة طويلة من طرد واستهداف– بالتصريحات والمواقف، وحتى الاستهداف الفعلي– لشخصيات وموظفي الأمم المتحدة. وفيما يلي بعض الأمثلة عن ردود أفعال دولية تجاه قرار الكيان تجاه غوتيريش:
كانت إسبانيا من أول الدول التي نددت بقرار الكيان، حيث قال وزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس في لقاء صحفي يوم 2 تشرين الأول: «نحن نرفض هذا الافتراء وهذا الحظر بشكل كامل، وندعم بالطبع الأمين العام للأمم المتحدة».
في 3 تشرين الأول الجاري، دعا الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا «إسرائيل» إلى إعادة النظر في قرارها بإعلان غوتيريش «شخصية غير مرغوب فيها». وقال مارسيلو: «أعتقد أن من الحكمة أن تعيد السلطات الإسرائيلية النظر في هذا الموقف لأنه غير متناسب. فحينما تحدث الأمين العام عن الأسف عما حصل، كانوا يفضلون أن يدينه، لأن هذا الأسف لم يكن كافياً... إنه وضع غير مسبوق تقريباً بالنسبة لأمين عام للأمم المتحدة، أو لشخصيات دولية رفيعة المستوى. وحتى مع الدول التي تستخدم حق النقض ضد بعضها البعض في مجلس الأمن، وكما تعلمون، فإنها تعمل على شل مجلس الأمن... في العلاقات بين الدول والمؤسسات الدولية، إذا كانت الفكرة هي بناء السلام، في الأمد القريب، فإن إعادة النظر في هذه القرارات هي مسألة منطقية».
في اليوم ذاته، قال رئيس وزراء النرويج، يوناس غار ستوره، في تغريدة على حسابه الرسمي: «تقف النرويج بقوة خلف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في دفاعه عن ميثاق الأمم المتحدة، وجهوده الرامية إلى الحفاظ على السلام والأمن. وأنا أعارض بشدة محاولات إسرائيل لتقويض الأمين العام للأمم المتحدة والأمم المتحدة. إن الأزمات التي نواجهها، بما في ذلك في الشرق الأوسط، تتطلب أمماً متحدة قوية، بدعمنا الكامل».
وزارة الخارجية الفرنسية في تصريح لها يوم 3 تشرين الأول الجاري قالت: «تعرب فرنسا عن أسفها لقرار إسرائيل غير المبرر والوخيم وغير المجدي المتمثل في حظر الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش من دخول أراضيها. وتجدد تأكيدها على دعمها الكامل للأمين العام للأمم المتحدة وثقتها الكاملة فيه. وتذكّر فرنسا بحرصها على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وضرورة احترام القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. وتؤدي الأمم المتحدة دورًا أساسياً في الحفاظ على استقرار المنطقة».
أما مجلس الأمن التركي، والذي يعقد اجتماعاته برئاسة رئيس الجمهورية، قال في بيان له بعد اجتماع عقده في 3 تشرين الأول: «إن إعلان الأمين العام للأمم المتحدة شخصاً غير مرغوب فيه ومنعه من دخول البلاد قد تمت إدانته باعتباره أحدث مثال على انعدام القانون في إسرائيل».
رغم الاتفاق العام على أن الأمم المتحدة كمؤسسة، باتت متخلفة عن التوازنات الدولية الجديدة، وباتت مؤسسة مشلولة إلى حد بعيد، إلا أنها لعبت خلال العقود الثلاثة الماضية على الأقل دوراً أقرب ما يكون إلى التماهي مع الأحادية القطبية... رغم ذلك، فإن التحولات التي تجري بشكل متسارع من 7 أكتوبر، وحالة العزلة المتعاظمة للكيان، بما في ذلك ضمن هذه المؤسسة، يكشف عن أحد جوانب التحول العالمي الجاري من جهة، ويكشف من جهة أخرى عن انتقال الكيان بشكل كامل باتجاه منطق القوة العارية، وفقدانه لأي سرديات تساعده على الهيمنة... ودائماً ما كان الانتقال من «الهيمنة» إلى «السيطرة» مقدمة للهزيمة الشاملة...