احتمالات الحرب على لبنان... جولة ترصد الذعر في إعلام الكيان!

احتمالات الحرب على لبنان... جولة ترصد الذعر في إعلام الكيان!

يتواصل الحديث عن احتمالية شنّ الكيان حرباً شاملة على لبنان، وتواصل جهات مختلفة التهويل على لبنان واللبنانيين وعلى كل شعوب المنطقة، مستخدمةً ما أسمته قاسيون في افتتاحية عددها الماضي «الردع الإعلامي» بديلاً عن «الردع العسكري» الذي تهتك بشكلٍ متصاعد منذ 7 أكتوبر وحتى الآن.

وبينما تواصل وسائل الإعلام تهويلها وتخويفها من «إسرائيل»، نرى مشهداً مختلفاً تماماً على الضفة المقابلة؛ أي ضمن وسائل إعلام الكيان نفسه، والتي- ويُحسبُ لها هذا- تحاول تقديم تصورٍ موضوعي عن النتائج التي يمكن أن تترتب على حربٍ شاملة، وتخلص جميعها تقريباً إلى القول: إنّه لا يجوز بحالٍ من الأحوال التورط في هكذا حرب، لأنّ نتائجها ستكون كارثية على الكيان بالدرجة الأولى، ويذهب بعضها أبعد من ذلك معتبراً أنّ حرباً كالتي يتم الحديث عنها، يمكنها أن تفتح طريق نهاية «إسرائيل»...

يرتدي أهمية خاصة في هذا السياق، وفي ظل حالات التهويل التي تسود بعض «الإعلام العربي»، تسليط الضوء على ما يقوله إعلام الكيان حول احتمال الحرب، وفيما يلي يقدم مركز دراسات قاسيون مجموعة من الاقتباسات من صحف ومواقع الكيان خلال الأسبوع الماضي حول المسألة...

لا نريد حرباً مع حزب الله، فقط نريد دفعه إلى الخلف لحماية المستوطنات من نيرانه

تتحدث مقالة في «يديعوت أحرونوت» عن الوضع في الجنوب اللبناني، وتدّعي توثيق الوضع هناك، مصورة البلدات في الجنوب على أنها «خالية من السكان» وتعيش «في ظل الدمار الذي خلفته هجمات الجيش الإسرائيلي»، وذلك في محاولة لتكذيب «حزب الله الذي يبث أن الحياة طبيعية والسكان أقوياء» وتكذيب «الشبكات العربية، وخاصة تلك الداعمة للتنظيم الإرهابي، التي قامت مؤخراً بتوثيق قرى جنوب لبنان من الداخل، في محاولة لتقديم صورة أن الحياة روتينية رغم الحالة المزرية التي تعيشها المنطقة».

ووفق المقالة فإن «الهجمات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة خلقت «منطقة ميتة» بعمق خمسة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، ما قد يشير إلى محاولة إنشاء شريط أمني فعلياً في هذه المنطقة»، ولكن بحسب «مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي... «إنها ليست منطقة عازلة». ووفقاً له: «نريد فقط دفع حزب الله إلى الخلف... يجب علينا تطهير المنطقة من تواجد حزب الله – حيث يشكل عناصره تهديداً مباشراً للمنازل الإسرائيلية من خلال نيران القناصة والصواريخ المضادة للدبابات والتوغلات عبر الحدود ووسائل أخرى. هذه حاجة تكتيكية لتوفير الأمن لسكان إسرائيل».

الاستنزاف... وعدد كبير من مستوطني الشمال غير قادرين على العودة

وتحدثت مقالة أخرى في «يديعوت أحرونوت»، عن مقابلة أجراها وزير الشتات في الكيان، والذي ضمن حديثه عن الحرب تطرق إلى احتمالية فتح جبهة في الشمال، حيث كان اتجاه كلامه هو التقليل من جدوى هذه الحرب، والدفع ضدها، حيث قال حول الحرب في الشمال: إنها «ليست رعوية، لكنها حرب استنزاف، لذلك الصبر مطلوب». وأضاف: إن «حزب الله يتلقى ضربات موجعة وعلينا أن نقول ذلك، وليس الدخول في نفسية المنكوبين. والآن هذه حرب استنزاف ضدهم... وفي نهاية المطاف من لديه المزيد من الصبر والإيمان بصلاح الطريق والاستعداد لدفع الثمن، هو الذي ينتصر في النهاية».
وفي سياق حديثه عن الوضع في الشمال، لمّح إلى وضع المستوطنين الذين كانوا يعيشون في المستوطنات هناك، وقال حول العودة إلى الشمال: «علينا أن نأتي ونقول، دعونا نعيد بعض السكان إلى الأماكن الأقل تهديداً في الوقت الحالي، ثم اعتماداً على التطور، إلى الأماكن التالية. هناك فرق كبير بين المطلة أو المنارة أو مشغاف، التي تقع ضمن مجموعة من الأسلحة الصغيرة والأسلحة المضادة للدبابات، أكثر من الأماكن الأخرى التي لن نعود إليها أولاً».

الأعباء الاقتصادية تحدّ من القدرة على الاستمرار في دفع المنح للمستوطنين المهجرين

وتقول مقالة على موقع «سروجيم»، والمعروف على أنه الموقع الإخباري الأول في «إسرائيل» للجمهور الصهيوني المتديّن، تقول المقالة: إن «التأمين الوطني يحذر من أن فترة المنح المدفوعة للمهجرين من الشمال والجنوب، وكذلك المنح التحفيزية للعاملين في الشمال الذين عادوا إلى العمل انتهت الليلة الماضية، ومن أجل تجديدها هناك حاجة إلى تشريعات إضافية... وبدون تمديد التشريع، لن يكون هناك أي دفع إضافي». وبحسب مقالة في موقع «نقابة الأخبار اليهودية» الإخباري، في نهاية شهر أيار الماضي، فإن عدد السكان «الإسرائيليين» الذين تهجروا من المستوطنات في الشمال هو «أكثر من 60,000 ساكن من أكثر من 40 مجتمعاً شمالياً يقع ضمن مسافة 6.2 ميلاً من الحدود اللبنانية».

الضرر الذي يمكن أن تحدثه «إسرائيل» في حال شن حرب على لبنان لا يستحق المغامرة

تحت عنوان «هل الأسوأ لم يأت بعد؟ المفاجأة القاتلة التي يُعدها حزب الله لإسرائيل»، تتحدث مقالة في «معاريف» عن مقابلة ظهر فيها المحلل العسكري اللبناني خليل الحلو. من ضمن ما قاله ونقلته المقالة: «مسألة البنية التحتية هي عقيدة حربية إسرائيلية ظهرت بعد الانسحاب من لبنان عام 2000، عندما احتلت إسرائيل جنوب لبنان، واعتمدت قبل الانسحاب على الشريط الحدودي مع لبنان كمنطقة عازلة تبعد الهجمات المدفعية والصاروخية. لكن بعد الانسحاب، تبنت إسرائيل عقيدة جديدة للحرب، وفقاً لما يلي: إذا هاجمها لبنان، فإنها ستعتبر لبنان بأكمله كياناً معادياً واحداً، وستهاجم البنى التحتية وتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية مهاجمة إسرائيل من داخل لبنان».
ثم يضيف: «إن الضرر المحتمل للبنية التحتية في لبنان، أولاً وقبل كل شيء، يكلف إسرائيل ذخيرة باهظة الثمن على منشآت متهالكة إلى حد ما. ولا أعتقد أن ما تبقى من قطاع الكهرباء يبرر الإضرار به. أما الأمور الأخرى، فمن الممكن أن يتم مهاجمة المطار والمنشآت الأخرى، لكن هذا يزيد الضغط على الحكومة اللبنانية، وليس على حزب الله. يدور النقاش حول هذا الموضوع. لقد حددت إسرائيل آلاف الأهداف داخل لبنان التي يحتلها حزب الله أو التابعة لحزب الله، وبالتالي فإن إضاعة الوقت على البنية التحتية هو إهدار للذخيرة وإهدار للجهد وسيؤدي إلى عبء دبلوماسي على إسرائيل».

-2

صاروخ واحد من كل خمسة يتم إسقاطه!

أما حول الوضع في شمال فلسطين، تتحدث مقالة في «معاريف» قبل أيام: «تم اليوم (الجمعة) تنفيذ خمس عمليات إطلاق باتجاه كريات شمونة. تم اعتراض صاروخ واحد وسقطت أربعة صواريخ في كريات شمونة... في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم، أنه تم خلال النهار رصد خمسة صواريخ اخترقت من الأراضي اللبنانية وسقطت في منطقة زرعيت وثلاثة صواريخ أخرى عبرت من لبنان وسقطت في منطقة مزارع شبعا».
وقالت مقالة في «تايمز أوف إسرائيل» يوم السبت، أنه وفق «الجيش الإسرائيلي، أربع طائرات بدون طيار على الأقل أطلقت من لبنان باتجاه شمال إسرائيل هذا الصباح. وتم إسقاط طائرتين بواسطة الدفاعات الجوية فوق منطقة إصبع الجليل، بينما أصابت الطائرات الأخرى مناطق مفتوحة بالقرب من بلدة بيت هليل الشمالية».

ومقالة أخرى قبل أيام على موقع «سروجيم»، تتكلم عن «القصف العنيف الذي تم إطلاقه في الساعات الأخيرة من لبنان، حيث تم إطلاق حوالي 200 مقذوف، بما في ذلك صواريخ وطائرات بدون طيار... أطلقت على المستوطنات الشمالية من قبل حزب الله».

الاغتيالات لا تردع حزب الله

تتحدث مقالة في «معاريف» عن مقابلة مع محلل عسكري «إسرائيلي» حول عملية الاغتيال الأخيرة التي قام بها الكيان بحق قيادي في حزب الله، ويقول: «لنسأل هل التصفية أوقفت عمل حزب الله؟ هل هذه التصفية حاسمة؟ لقد قضينا على الكثير والكثير. في الواقع، تعد التصفية أمراً خطيراً بالتأكيد في التسلسل الهرمي لحزب الله، لكنها لا تغير مسار العمل. وينبغي أن يقال: الآن علينا النزول إلى الملاجئ، ولنكن في حالة تأهب، لأن حزب الله قادر على الرد».

لم نستطع القضاء على حماس، ولن نستطيع القضاء على حزب الله

في مقالة أخرى في «معاريف»، يقول خبير عسكري: إن «حماس منظمة أصغر بكثير من حزب الله. لم يعد لدينا امتياز الحرب ذات الساحة الواحدة، فمنذ 7 تشرين الأول، كانت الفرضية الأساسية هي أن الحرب ستشمل دائماً عدة ساحات. في النهاية، هناك جمع بين الدفاع والهجوم، لا توجد حلول من جانب واحد على الإطلاق».

توسيع الحرب «ورطة كبرى»

تتحدث مقالة على موقع «ماكو» قبل أيام حول ما يكمن وراء الكلام عن حرب وشيكة على لبنان، وتقول: «بينما يطالب الجمهور باتخاذ إجراء، وحتى بحرب واسعة النطاق على لبنان، تذكر مصادر في الجيش أن الجيش الإسرائيلي ما زال في حرب منذ تسعة أشهر، مما يضعه في وضع عملياتي غير مثالي. أبعد من ذلك، فإن المشكلة الأكبر التي أشار إليها كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي، هي أن المستوى السياسي لم يحدد أهدافاً وأفقاً استراتيجياً لأغراض تلك الحرب ونقطة نهايتها. وبهذه الطريقة يحذرون من التورط في لبنان في نفس الوقت مع غزة التي لا يبدو لها نهاية في الأفق». وحول هجمات حزب الله، تقول المقالة: إنه «يستمر في إطلاق معظم الأسلحة التي يجد الجيش الإسرائيلي صعوبة في التعامل معها، مثل: الطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ فلاك وبركان، وكلها تسبب أضراراً كبيرة».

أعداد وأرقام حول هجمات حزب الله منذ 8 تشرين الأول

مقالة أخرى في «معاريف» ذكرت، أنه «منذ أن بدأ حزب الله القتال ضد إسرائيل على الحدود الشمالية في 8 تشرين الأول وحتى 1 تموز، تم تنفيذ 2295 هجوماً ضد إسرائيل على الحدود الشمالية... و94.3% من الهجمات ضد إسرائيل تتم في نطاق 0-5 كيلومترات من خط الحدود إلى البؤر الاستيطانية والمستوطنات المتاخمة للسياج»، ووفق الإحصاءات التي نشرها أحد معاهد الأبحاث في الكيان، «3.1% من الهجمات تقع ضمن نطاق 5-10 كيلومترات من خط الحدود. 1.9% من الهجمات تقع في نطاق 10-20 كيلومتراً من خط الحدود، و0.65% من الهجمات تقع في نطاق 20-30 كيلومتراً من خط الحدود. 0.05% من الهجمات تكون من مسافة تزيد عن 30 كيلومتراً من خط الحدود... والمنطقة العسكرية التي تعرضت للهجوم بأعلى كثافة هي منطقة مزارع شبعا ومواقعها الاستيطانية – حيث ينفذ حزب الله هجمات بشكل يومي». ووفق التحليل الذي أجراه المعهد، «يبدو أن هجمات حزب الله ضد إسرائيل تقتصر بشكل كبير على المدى القريب من الحدود، وعندما يقوم حزب الله بتوسيع نطاق هجماته إلى ما هو أبعد من 5 كيلومترات، فإن ذلك يحدث عادة كجزء من رده على هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان»، وأعطى أمثلة على هجمات أبعد رداً على عمليات اغتيال لقياديين في حزب الله. على أساس ذلك، فإن «حزب الله لديه المعادلة التي بموجبها كلما كانت الضربة الإسرائيلية أكثر إيلاماً، كلما كان رد حزب الله أقوى، في عمق إسرائيل وضد أهداف ذات جودة أعلى».

حول قدرات حزب الله العسكرية

وفقاً لورقة تقدير موقف صادرة عن «معهد أبحاث الأمن القومي» inss يوم 26/6/2024، تتكون الترسانة الرئيسية التي يمتلكها حزب الله من 150 ألف صاروخ وقذيفة وذخائر غير دقيقة الإصابة، كقذائف الهاون والصواريخ الأقل تطوراً، إلى جانب مئات الصواريخ الدقيقة التوجيه وذات المدى المتوسط، أو المدى الطويل، والتي تغطي المناطق الآهلة بالسكان في «إسرائيل». ويكمن الضرر المحتمل الرئيس لهذه الترسانة في الصواريخ الدقيقة، بما في ذلك صواريخ كروز، والصواريخ الباليستية، والصواريخ المضادة للدبابات قصيرة المدى، والصواريخ البحرية المتطورة، وآلاف المسيّرات الانقضاضية والمروحيات المسيّرة، فضلاً عن أنظمة الإنترنت المتقدمة، القادرة على إحداث خسائر فادحة في الأرواح، وأضرار جسيمة في الأهداف المدنية والعسكرية، بما في ذلك الشبكات والبنى التحتية الوطنية الحيوية. والموارد العسكرية لحزب الله أكبر- كماً ونوعاً- بعشر مرات من تلك التي كانت حركة حماس تمتلكها قبل اندلاع الحرب الحاليّة. واستراتيجياً، على «إسرائيل» أن تدرك أن حزب الله لديه البنية التحتية والقدرات العسكرية لخوض حرب طويلة جداً، ربما تستمر عدة أشهر، يُلحق خلالها أضراراً جسيمة بـ«إسرائيل». والحرب الواسعة النطاق ضد حزب الله، تفرض على أنظمة الدفاع الجوي للجيش «الإسرائيلي» التعامل مع وابل من عمليات إطلاق ما يصل إلى آلاف الصواريخ والقذائف يومياً، بحيث لا يمكن اعتراضها كلها لفترة طويلة، وبصورة خاصة في الأسابيع الأولى من الحرب. هذه القذائف التي ستأتي أيضاً من جبهات أُخرى، مثل: إيران والعراق وسورية واليمن، يمكن أن تتسبب بإنهاك طبقات الدفاع الجوي «الإسرائيلية»، وربما بنقص في مخزون ذخائر وسائل الاعتراض.

وتخلص الورقة إلى أن هذا الأمر يُعتبر تهديداً عسكرياً ومدنياً لم تشهده «إسرائيل» من ذي قبل؛ إذ سيحتاج جيش الاحتلال، في حال تحقّق مثل هذا السيناريو، إلى تحديد أولوياته، سواء بين ساحات القتال المتعددة، أو فيما يتعلق بتخصيص الموارد للدفاع الفعال عن الجبهة الداخلية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1182
آخر تعديل على الإثنين, 08 تموز/يوليو 2024 19:30