هل إيكوشار هو من أحرق ساروجة؟ - د. ناديا خوست هذا الحريق ليس بريئاً
على خلفية الحريق الذي أصاب عدة مبانٍ تاريخية في سوق ساروجة والضجة التي أثارها هذا الحريق على المستوى الشعبي بشكل رئيس، ولأنه ليس الأول من نوعه، فقد بات من الضروري وضع الأمر في سياقه لفهم أبعاده المختلفة...
لقاء مع: د. ناديا خوست
حاورتها: د. عروب المصري
وليس بخاف على القارئ أن الدكتورة ناديا خوست، كانت وما زالت من أعلام الدفاع عن المدينة القديمة في دمشق، وسوق ساروجة تحديداً، ويبدو ذلك جلياً في عدد من إصداراتها الأدبية والتوثيقية للتاريخ السوري المعاصر، ناهيك عن نضالاتها الملموسة طويلة الأمد من مختلف المواقع في هذا الاتجاه.
وقد استطاعت تقديم العديد من التوضيحات التي يتساءل عنها السوريون في لقاء لقاسيون معها حول هذا الحريق.
د. ناديا، عرفك السوريون من خلال فضحك المستمر لمخطط إيكوشار، وقد تحدثت عن علاقة الحريق بذلك المخطط. وضحي لنا لو سمحت فكرتك عن ذلك.
هنالك فكرتان، الأولى: هي أنّ مخطط إيكوشار بالتحديد هو الذي كسر حي ساروجة من خلال شارع الثورة، مخطط إيكوشار والجزء الخاص فيه بسوق ساروجة الذي قدم منذ عام 1936، وضع لاختراق حي عربي فيه مشاكل بالنسبة للفرنسيين وهي المقاومة الوطنية، وفي عام 1968 عندما تم تقديم مخطط إيكوشار للتنفيذ وضع هذا التفصيل ضمن المخطط.
هل كان إيكوشار ينفذ هذا المخطط أثناء وجود الفرنسيين؟ أم لم يكن جارياً تنفيذه آنذاك؟
أتت الصحفية الفرنسية التقدمية أليس وللو عام 1925، وكتبت عن الثورة السورية، وذكرت أنه هناك مهندسون يعملون مع الانتداب لا تقبلهم بلدية من الدرجة العاشرة في فرنسا، يخططون لأقدم مدينة بالتاريخ. أي أن هنالك تفاصيل عديدة كان يجري العمل عليها منذ ذلك الحين. وهذا تفصيل من تلك التفاصيل، وكما ذكرت مخطط كسر سوق ساروجة منذ العام 1936 تم من خلاله شق ما يسمى بشارع الثورة ومنه ضرب وتفكيك النسيج المعماري. وفي العام 1968 وعلى أساس المخطط تم ضرب البيوت المهمة، ومنها بيت السبح مثلاً. كان هذا البيت- القصر بجانب بيت العابد بحجة تخصيصه كمركز بريد، من أجل تفكيك بنية الحي، صحيح يوجد في العالم مراكز في الأبنية التاريخية، لكن من أجل تفكيك الحي تم ضرب أهم البيوت فيه. هدموا أيضاً بيت المرادي وهو قصر مهم جداً وثقه الباحث خالد معاذ منذ زمن، وصوّر البحرة التي يبلغ قطرها خمسة وعشرين متراً. ويوجد بداخله جامع وتربة.. إلخ. فهو على هذه الدرجة من الضخامة. ويقال: إن الشخص الذي يعيش به لا يحتاج أن يخرج للخارج. ومن ضمن طرق المخطط التنظيمي لإيكوشار يقول بأنه يمكن تنفيذه عبر استملاكات باسم المدارس في قلب دمشق القديمة.
قامت قاسيون في عام 2014 بتصوير المنزل وتوثيق وضعه المهدم والوضع السيء بسبب الإهمال.
قمت بعمل مسودة قرار مقترح لمجلس محافظة دمشق بالتسعينات لاستملاكه، لأنه في ذاك الوقت كان الورثة 11 شخصاً متفرقين في أنحاء العالم، وكان البيت يتهدم. كانت هنالك بعض العناصر المعمارية ما زالت سليمة؛ مثلاً: عندما قمت بزيارته بالتسعينيات كان سقفه سليماً من الداخل، وهذا ما وثقته رئيسة المجموعة الأوروبية باستخدام الصور التي أخذتها لبيت اليوسف في كتاب لها، وكان من الممكن ترميمه عندما قمنا باستملاكه بأقل الخسائر الممكنة.
من المعروف أن البيوت الثمينة أصحابها أغنياء ودائماً بتاريخ العمارة في العالم، الأغنياء أو الطبقة الغنية والطبقة الحاكمة هي من تمتلك مثل هذه القصور. من المفيد معرفة أن عبد الرحمن باشا اليوسف من أصول كردية، وكان يوجد في مقدمة منزله قرب الباب مثل محرس صغير يقدمون فيه القهوة، وعلى اليمين مطبخ هذا المنزل الفخم الذي كان يطعم الضيوف، وليس صحيحاً أنه كان يفتح بابه للفقراء، هذه المعلومة ليست صحيحة. ويشاع أنه كان يقوم بذبح حوالي 30 خاروفاً باليوم ويقوم بطبخها، والصحيح أنه كان يطعم من يأتي لتثبيت موقعه كأحد الوجهاء من باب آخر، وجرى التركيز أثناء الأسبوع الماضي على أنه أمير الحج مع إغفال جوانب أخرى، لقد كان شخصية سياسية ويتميز بأنه كان مع «الاتحاد والترقي» أي أنه كان مختلفاً عن العابد الساكن في الطرف الآخر من سوق ساروجة، ذاك الذي كان مع السلطان عبد الحميد وعنده ميول وطنية وضد هيرتزل، ومن المعروف أن هيرتزل بمذكراته تحدث عن العابد بشكل سيئ، حيث أن السلطان عبد الحميد قد قام بتكليف العابد باستقباله والرد عليه. بينما عبد الرحمن باشا اليوسف كان في الطرف الثاني. عندما ذهب الفرنسيون قبيل الانتداب نسق عبد الرحمن باشا اليوسف مثل أي شخص انتهازي سياسي مع الحكم الوطني، بعدها رأى أن الفرنسيين قادمون اتصل بهم، وقمت بتوثيق هذه الحادثة في الصالة التي قمت بزيارتها آنذاك وكانت سليمة. اتصل بالرجال قادة الأحياء ودعاهم لقصره وقال لهم: أريد أن أقول لكم شيئاً، ولكن قبل ذلك أقسموا على القرآن ألا تبوحوا بالسر، ولا تقولوا شيئاً عما سأقوله لكم ولا تنشروه، وأقسموا، ثم قام بتجميع كوم من الليرات الذهبية في منتصف الصالة، وقال لهم: هذه لكم إذا دخل الفرنسيون مع جيشهم القوي من دون مقاومة، هذا الذهب لكم، لكن قسماً من رجال الأحياء المتمسكين بالقَسَم اجتمعوا في منزل عمر البهلوان في قبر عاتكة، وقد تحدثت معي ابنته الصغيرة وقالت ما يلي: «هنا في أرض الديار اجتمعوا، وجلس الرجال على هذا الدرج، وجاء واحد منهم ووقف أمام الحائط، وقال له: يا حيط كنا البارحة في منزل اليوسف، وقال لنا كذا وكذا وكذا» حتى لا يحنث بيمينه، والطريف أنه إذا قرأت ملحمة جلجامش سترين أنه يوجد شبيه لذلك الحوار مع الحائط لكي لا يكسر اليمين. ومن هنا من هذا المنزل من بعده مباشرة خرجوا واجتمعوا في داخل السور في قلب المدينة القديمة- لا أذكر في أي حي- وهناك قرروا إنشاء لجان الدفاع عن المدينة، وقرروا الالتحاق بيوسف العظمة لكي يدافعوا عن المدينة، وما كان من عمر البهلوان صاحب ذاك البيت إلا أن ذهب مع يوسف العظمة وقاتل معه في ميسلون وعاد مع الجرحى. وقد سجلت وقتها أن بنت القضماني قامت بنقل الأسلحة المستخدمة في معركة ميسلون إلى البساتين وقامت بتخبئتها، وعادت هي نفسها للقيام بنقلها إلى الثوار عام 1925 في نفس العام الذي قامت فيه الثورة. دعينا نعود إلى عبد الرحمن باشا اليوسف هذا الذي سار في ركب الفرنسيين، عندما بدأ التمرد في حوران قام الفرنسيون بتكليفه هو والدروبي أن يوجهوا إنذاراً أو أن يقوموا بتهدئة الثائرين، وذهبا بالقطار ووصلا إلى خربة الغزالة- قمت بزيارة هذه المحطة، وهي محطة كاملة جميلة جداً- وقاموا بقتله هناك لأنهم اعتبروه خائناً، وقال لي أهل المنطقة كيف كان يأتيهم القمح السوري والسمسم الفلسطيني، وتحدثوا عن كيفية قتل عبد الرحمن باشا اليوسف. هناك عدة مسائل موضوعة أمامنا: هل طلبنا حماية منزل عبد الرحمن باشا لأننا معجبون به؟ لا لسنا معجبين لا بالأمراء ولا بالملوك، ومع ذلك عملت على حماية كل بيوتهم ودائماً توظف العمارة بوظائف جديدة مناسبة للزمن والعصر، المسألة الأخرى: أنه اندلع حريق كبير والتهم هذه العمارة، هل يعترف بأن الأمر قد انتهى، ويجب إيجاد تخطيط جديد أو تنفيذ مخطط إيكوشار في تلك المنطقة؟ لا بالعكس، الغضب من الحريق يبين أن الناس شبعت من موضوع الأبراج واستلهام الغرب والخليج في العمارة، يجب أن يعاد بناء هذه المنطقة كما كانت. وهذه ستكون سابقة. لقد زرت درسدن في ألمانيا الديمقراطية كان تقريباً حوالي 90% من بيوتها مهدمة، وفي أثنائها وضعت الحكومة برنامجاً لـ 25 عاماً لاستعادتها، ورممت بيوتاً ضخمة وفخمة، مثل: المتاحف والخ، وهذا هو ما يجب أن يُعتمد، لا أن يكافأ تجار العقارات أبداً، هؤلاء الناس الذين لا يهتمون سوى بجيوبهم، وإنما نحتاج بداية جديدة من سوق ساروجة لإعادة البناء بالطراز نفسه والارتفاعات نفسها، وأهم شيء هي الارتفاعات والفراغات نفسها، حيث ثبت أن المنزل العربي هو أكثر المنازل مناسبة لهذا الطقس لوجود فسحة للتنفس. العالم في أيام الحر تنام في أرض الديار.
عملية الإهمال المتعمد لهذه المنطقة، حيث تم وضع اليد على بيت يوسف ولكن لا يوجد أي إجراء ترميمي نهائياً وتم تركه للتقادم بالزمن، ولاحقاً بالحريق كي يهبط على الأرض، هنا هل يمكننا أن نقول: إن هناك عملية متعمدة، أي الإهمال جزء من عملية التدمير؟
يوجد دائماً بجميع الأبنية التاريخية والمدن القديمة المهمة الثمينة نظام ضد الحرائق، ويوجد نظام للتعامل مع المواد التي من الطبيعي أن تكون قابلة للاشتعال كالخشب والطين، هذا لم يكن موجوداً لدينا، نحن معتمدون على العناية الإلهية «إنه كله ماشي الحال» ولا بأس الخ، مثلاً: ألا يكون هناك نظام للحماية بدار الوثائق التاريخية شيء غير مفهوم. فدار الوثائق التاريخية- بيت العضم- ملاصق تماماً لبيت اليوسف، حتى أنه كان يقال سابقاً: إن أتى ضيوف كثر إلى بيت العضم ولم يكن هناك مكان لاستقبالهم يذهبون لبيت اليوسف لأرض دياره مباشرة، والعكس كذلك، إذاً يمكن انتقال الحرائق، من المفترض أن توجد أساليب للإنذار الفوري من رائحة الحريق ورش المياه المضغوطة للإطفاء أو أجهزة الإنذار. يبدو أن الإحراق حدث من عدة أماكن، لذلك وكما قال لي مختار سوق ساروجة: «كنت مع المحافظ بعد نصف ساعة تماماً من الحريق وكنت أقفز من سطح لسطح مع رجال الإطفاء، يبدو أن الحريق أو الإحراق تم إشعاله من عدة أمكنة».
من الواضح بالنسبة لنا ما هو الهدف من مخطط إيكوشار، من عملية تدمير المدينة القديمة وشق شوارع من منتصفها وتدمير البنية المعمارية للمنطقة دعينا نتكلم بشيء من التفصيل عن ذلك.
لا يمكنني أن أرى لا مخططاً اقتصادياً ولا معمارياً خارج الصراع الرئيسي في المنطقة، الذي جميعنا اليوم نعيشه، والذي وُلِدنا وهو موجود، وما زال أولادنا يعيشونه، «إسرائيل» تبحث عن أي أثر تاريخي أو تخترعه أو تنقب عن الآثار، فأثناء غزو العراق ذهبوا مع الأمريكان من أجل التنقيب هناك، اخترعوا أثناء الاحتلال الأمريكي المباشر والفظ آثاراً لهم، أصبحوا يترجمون بعض الأماكن التاريخية ترجمة توراتية، ومن قبلها هناك وثائق قاموا بترجمتها ترجمة توراتية في محاولة تطبيق وإقحام التوراة على التاريخ، وهذا أمر معروف. ماذا تقول الوثائق الصهيونية؟ أنا استشهد دائماً بها، الوثيقة عنوانها «تل أبيب- موسكو- 1985» وقت البيريسترويكا، ماذا تقول؟ اهدموا الآثار التاريخية علناً واتركوها تهمل، وتظاهروا بانشغالكم بالمسائل الاقتصادية وستفككها الغوغاء حجراً حجراً، هذه الوثيقة موجودة لديّ حرفياً.
ما مصدر الوثيقة ومن الذي قام بكتابتها؟
هي رسالة داخلية من المنظمة الصهيونية إلى جماعاتها في الاتحاد السوفييتي الذين تقوم بتحضيرهم من أجل الانقلاب بعد البيريسترويكا لإلغاء الاتحاد السوفييتي. من ضمنها توجد مقاطع اقتصاد ومقاطع من الفكر، مقاطع عن قيادة الدولة وعن المؤسسات الخ، وثيقة مهمة جداً. تم تسريبها إلي عندما كنت بالاتحاد السوفييتي، هذه الوثيقة تقول: «عندما يصبح الشعب دون تاريخه يصبح كالطفل الصغير دون أب وأم ويسهل علينا قولبته» هذا ما ورد في الوثائق، أما عملياً، فنحن نرى كم يحاولون الاستيلاء على المسجد الأقصى بالحفريات في فلسطين رغم كل شيء لم يقدروا على شيء، إذا مسألة الهوية التاريخية هي مسألة مهمة من صلب الصراع العربي- «الإسرائيلي»، لذا لا أستطيع أن أرى أبداً حماية الهوية المعمارية من ناحية فنية فقط، من الناحية الجمالية أجل إنها جميلة، ومن الناحية الفنية عظيمة، لكن هذا كله ذو محتوى سياسي- وطني لأنها تعبير عن شعب وتعبير عن حضارة، ومن أجل هذا التعبير يجب وضع حماية لها.
في بيروت عندما قاموا بتدمير المدينة القديمة وعملوا سوليدير فيها، دمروا آخر الاثار الفينيقية في لبنان، بالمقابل، ماذا تعني البنية المعمارية الموجودة في المدينة القديمة بالنسبة للسوريين بالمقارنة مع ما حصل في بيروت؟
المدينة العربية تتميز بما يلي: لسنا مثل الأوروبيين أي الأثر التاريخي بحد ذاته يكفي، بنية المدينة هي النسيج المعماري التي تضم بداخلها جميع الأبنية التاريخية من أضرحة وجوامع وحمامات الخ، جميعها مدككة تدكيكاً، أي النسيج هو الأثر المعماري، إيكوشار بـ«فزلكاته» قال: «يكفي أن نترك حمام مثلاً، يمثل فترة كذا» وهذا خطأ كبير، وإيكوشار لا يتجرأ أن يقول مثل هذا الكلام في فرنسا، ولا في أي بلد أوروبي، لأن الأوروبيين يحمون نسيجهم المعماري، ليس لأنه مهم فحسب، بل لأنه يمثل الهوية. تتميز المدينة العربية أيضاً أنها قامت بحفظ شيء ديمقراطي بداخلها، حيث أنه في أصغر وأبسط بيت يوجد له حق بالسماء وبالماء وبالخضار ولو كان محدوداً وفيه حوض صغير، لكن لهم الحق فيه. لم تفصل المدينة القديمة العربية بيوت الأغنياء عن بيوت الفقراء، لذلك ترين بيت الغني بجانبه بيت الفقير وهذا يدل على التكافل الاجتماعي، فالأغنياء لا ينعزلون بمدينة لوحدهم ويتركون الفقراء، كانوا محتاجين دائماً للدعم، كان هناك دائماً غزو يهددهم، ويهدد البلد كله ولا يرد هذا الغزو إلا التلاحم الاجتماعي. صحيح لم يكن يوجد متاحف، لكن لم يكن يوجد عزل للفن في مكان محدد، كان الفن مُشرّباً بالحياة اليومية والعمارة، لذلك ترين أن أبسط البيوت في سوق ساروجة- أقدر أن أقول: إنني دخلت جميع البيوت في سوق ساروجة- ترين الزخرفات في حجر على الباب، وترين ذلك بطريقة المطلة وجمال النافذة بإطارها، وعندما تخرجين من باب الغرفة ترين دائماً الأرضية مثل سجادة صغيرة على العتبة، فالفن كان داخل المنزل والبحرة مهمة جداً، كلها زينة وحولها مثل السجادة، توجد بيوت بسيطة وبيوت غنية، وكلها فيها هذه العناصر، الفن مهم والعناصر الفنية في دمشق بسيطة من الطين والخشب المحلي، والفن كان يصنع الجمال من هذه المواد البسيطة، فصنع العجمي هذا الفن الفخم من هذه العناصر البسيطة، فلذلك هذه المدينة العربية التي لها كل تلك السمات الإنسانية والثقافية والاجتماعية، لذلك لا يمكنك أن تقصقصيها، وأن تقولي أريد هذه القطعة ولا أريد تلك. ذات مرة في ندوة أقامتها كلية العمارة ودعي إليها محاضرون أجانب كحضور، عرضت الندوة مخططات لحي القنوات، وقالوا: إن هذا القسم يمكن الاستغناء عنه، وقال لهم الأجنبي: على أي أساس تقولون: إن هذا يمكن الاستغناء عنه؟ لا يوجد شيء يمكن الاستغناء عنه!
يبدو أن هؤلاء جماعة إيكوشار السوريين؟
توجد عناصر متماسكة في البنية المعمارية ترميمها غير متعِب، وعناصر أخرى غير متماسكة متعِبة بالترميم، لكن هذا لا يعطي الحق لأي أحد بحذف هذه العناصر المتعبة التي يجب ترميمها بكل الأحوال.
بالمعنى الوطني، ليست لدينا استراتيجية لحماية تراثنا، بالمعنى الفكري لا يوجد منطق يحكم هذه العملية، لذلك بالنسبة لسوق ساروجة من خلال المعارك القديمة لحمايته، وصلنا إلى أن كلية العمارة هي الهيئة العلمية التي تستطيع دراسة حي سوق ساروجة. وتمت دراسته، وعملت مقدمة تاريخية عن الحي، وصنعت مجسم الحي، ووضعت له الحلول. هذا كله موجود في كلية العمارة منذ تسعينيات القرن العشرين. وهذا لم يحصل لأن محافظة دمشق قائمة على الفساد، وقائمة على مجموعات الفنيين فيها لهم علاقات مع تجار البناء والمهم لديهم الهدم.
بالعودة الى إيكوشار، ممن تبنوا سياسة إيكوشار وبدأوا بتنفيذها هل كان عبد الرؤوف الكسم أولهم، أم كان هناك من سبقه في الحكومات السابقة؟
عبد الرؤوف الكسم هو الذي استخدم إيكوشار، والمخطط الكامل أصبح ينفذ قطعة قطعة، لأنني عندما قرأت المخطط كاملاً وباللغة الفرنسية كما وضعوه في تلك الليلة لم أنم، وقلت بأنه مخطط صهيوني لإزالة دمشق ووضع مدينة أخرى مكانها.
ما هي الأجزاء الأخرى التي نفذت من مخطط إيكوشار؟
هو يقول: إنه يريد إزالة دمشق كلها ووضع غيرها بكل بساطة، أول شيء قاموا به: هو إزالة دار البلدية في ساحة المرجة- ساحة الشهداء التي أُعلن منها استقلال سورية ورفض الوطن القومي الصهيوني 1920، ثانياً: قاموا بإزالة وتدمير الآثار، ويوجد شيء وقح في المخطط، ولا يعفي شيئاً من التدمير لا داخل السور ولا خارج السور. ويوجد في نهاية المخطط الهدف، وهو البحث عن آثار ملوك دمشق التوراتيين على عمق 7 أمتار إلى 9 أمتار، ويقول أيضاً: إنه يمكن ألّا نجد شيئاً، فهل يمكن تدمير مدينة؟ ويمكن ألّا يجد شيئاً؟ وماذا يهمني كسوري بالبحث عن ملوك دمشق التوراتيين؟ فقلت: عندما كنت بمجلس محافظة دمشق لم تسقط دمشق 1967 وأتى مخطط إيكوشار ليقسمها عام 1968، ولا زلت عند هذا الرأي، وما زلت أشعر بأنه مخطط صهيوني، وبالطبع سيستفيد منه جميع التجار العقاريين وإذا كنتي تريدين أن تحلليه تحليلاً سياسياً فستقولين: إنه مشروع صهيوني وينفذ بأيدي رؤوس الأموال الكبيرة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1132