انعقاد المؤتمر الثالث للحركة التقدمية الكويتية

انعقاد المؤتمر الثالث للحركة التقدمية الكويتية

التأم المؤتمر الثالث للحركة التقدمية الكويتية يوم السبت ١١ آذار ٢٠٢٣، وذلك بحضور المندوبين المنتخبين من هيئاتهم وأعضاء اللجنة المركزية السابقة والهيئات القيادية وعدد من الأعضاء المراقبين.
جرى خلال المؤتمر انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر بقيادة الرفيق عبد العزيز بوراشد، وتم إقرار جدول الأعمال واللائحة الداخلية للمؤتمر.

ثم قدم الرفاق د. حمد الأنصاري وأحمد الديين وأسامة العبد الرحيم ومحمد نهار مداخلات حول تقارير اللجنة المركزية، وبينها:

  1.  تقرير حول نشاط اللجنة المركزية للحركة منذ المؤتمر العام الثاني وخلاصة ما تقترحه من توجهات سياسية ونضالية وتنظيمية خلال الفترة المقبلة.
  2.  تقرير حول توجهات العمل التنظيمي للحركة منذ المؤتمر العام الثاني وتوصيات موجهة إلى اللجنة المركزية المقبلة.
  3.  التقرير المالي.

وجرت مناقشات مستفيضة للتقارير وتم تقديم ملاحظات حول بعض ما ورد فيها، كما قُدِّمت اقتراحات وتوصيات لتطوير العمل في هذه المجالات.
وبعدها نالت اللجنة المركزية الثقة، ثم قَدَّمت استقالتها.
وانتقل المؤتمر بعد ذلك إلى مناقشة مشروع الوثيقة البرنامجية التقدمية، حيث قدّم الرفيق مشعان البراق مداخلة حولها، وأوضح أنها وثيقة برنامجية للمديين القريب والمتوسط، وهي ليست بديلاً عن برنامج الحركة، حيث تمت مناقشتها ثم إقرارها، وسيتم نشرها قريباً.
وبحث المؤتمر بعد ذلك التعديلات المقترحة على النظام الأساسي للحركة على ضوء مداخلة قدّمها الرفيق حسين الحربي، الذي أوضح أنها تعديلات تهدف إلى تأكيد الهوية الطبقية والفكرية للحركة وفتح المجال للتسجيل فيها، وتعزيز المحتوى المؤسسي والديمقراطي للتنظيم الداخلي، وتم إقرارها.
وجرى بعد ذلك فتح باب الترشيح لعضوية اللجنة المركزية الجديدة، وتمت عملية انتخابها، وكان غالب أعضائها من الشباب، كما انتخب المؤتمر أعضاء لجنة التظلم.
واختتم المؤتمرون أعمال المؤتمر الثالث للحركة التقدمية الكويتية مؤكدين التزامهم التام بالوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية للحركة والإصرار على تنفيذ ما تم إقراره من توجهات ووثائق وبرامج عمل في إطار الدور الوظيفي للحركة التقدمية الكويتية كحزب اشتراكي يمثّل الطبقة العاملة والفئات الشعبية.
هذا وقد اجتمعت اللجنة المركزية الجديدة للحركة فور انتهاء أعمال المؤتمر وانتخبت الرفيق أسامة العبد الرحيم أميناً عاماً، كما انتخبت أمانة عامة ومكتباً سياسياً.
ويجدر بالذكر أنّ الرفيق الأمين العام الجديد أسامة العبد الرحيم من مواليد عام ١٩٩١، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في التسويق والإدارة من جامعة الكويت، والتحق بعضوية الحركة التقدمية الكويتية في عام ٢٠١٢، وسبق له أن تولى منصب نائب رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الكويتي في المؤتمر الأول للاتحاد في عام ٢٠١٩، وفي عام ٢٠٢١ انتخب عضواً في اللجنة المركزية للحركة، وتولى منصب أمين اللجنة المركزية فيها بين يوليو ٢٠٢١ ومارس ٢٠٢٣، حيث تم انتخابه أميناً عاماً للحركة التقدمية الكويتية.

1114-19

الرفيقات والرفاق الأعزاء
أعضاء المؤتمر العام الثالث للحركة التقدمية الكويتية

باسم هيئة رئاسة حزب الإرادة الشعبية، نحييكم ونشد على أياديكم ونتمنى لمؤتمركم أن يكلل بالنجاح، ولنضالاتكم الدؤوبة أنْ تتصاعد وتنضج ثمارها لمصلحة الشعب الكويتي الشقيق الذي نحييه من خلالكم.

أيتها الرفيقات، أيها الرفاق

ينعقد مؤتمركم هذا في خضم مخاضٍ تاريخي، يموت فيه عالمٌ قديم ويولد عالم جديد. مخاضٌ طالما انتظره وناضل من أجله أسلافنا من الثوريين في كل بقاع الأرض، ومن حسن طالع ثوريي هذا العصر أنهم يشهدون بأم أعينهم ويشاركون بأيديهم وعقولهم في صياغة هذا التحول الكبير.
إنّ ما يُقال حول انتقالٍ من عالمٍ أحادي القطبية إلى عالم متعدد القطبية، ليس سوى القشرة السطحية في توصيف التحول الجاري؛ فالأمر أعقد وأعمق وأبعد مدىً.
بادئ ذي بدء، لا بد من القول إنّ الأزمة البنيوية للتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية قد وصلت حداً من العمق والامتداد، بات فيه السؤال واجب الإجابة، ليس من جانب الثوريين، بل من جانب البشرية بأسرها، هو: هل للرأسمالية من مستقبلٍ بعد؟

في الإجابة، لا بد من تسجيل بضع نقاطٍ أساسية:

أولاً: لطالما حلّت الرأسمالية أزماتها عبر مزيدٍ من التوسع الأفقي. هذا الخيار قد انتهى ولم يعد متاحاً إطلاقاً، فقد ترسملت الأرض حتى آخر بقعةٍ فيها.
ثانياً: الخيار الثاني هو التوسع العمودي؛ إي إطالة عمر علاقات الإنتاج على حساب قوى الإنتاج، وفي القلب منها قوة العمل البشري بشقيها الذهني والعضلي. أي إنّ استمرار علاقات الإنتاج الرأسمالية بات يتطلب تدميراً ممنهجاً واسع النطاق لقوى الإنتاج لتخفيض تعقيد التركيب العضوي لرأس المال، وهذا يتضمن القتل المباشر وغير المباشر لمليارات من البشر وفقاً للوصفة النيومالتوسية/المليار الذهبي (وبصيغتها المعاصرة: Great Reset)، ويتضمن أيضاً تدميراً ممنهجاً للتطور التقني والعلمي، بما في ذلك كبح التطور التكنولوجي الذي بات بذاته وبدينامياته الداخلية معادياً للرأسمالية ولاستمرارها.
ثالثاً: مما بعد الحرب العالمية الثانية، وسيادة الدولار عملة عالمية، انطلقت عملية تمركزٍ جديدة هائلة للثروة والسلطة على المستوى العالمي. وبنتيجتها لم يعد النادي الإمبريالي مغلقاً وممنوعاً الدخول إليه من أية قوة جديدة فحسب، بل بات نادياً له رئيس يتحكم به ويبتلع أعضاءه بالتدريج. أصبح هذا أشد وضوحاً ما بعد أوكرانيا 2022 حيث يلتهم المركز الإمبريالي الدولاري ليس فقط العالم الثالث، بل وأيضاً حلفاءه في «العالم الأول»، ويسيّرهم وراءه كما القطيع. ما يعني أنّ عملية تبديل مركزٍ إمبريالي بمركز آخر باتت نافلةً بالمعنى النظري إلى حدٍ بعيد، وبات الأكثر والأقوى حضوراً منها، هو السؤال عما سيكون عليه مصير العالم مع تراجع ومن ثم انهيار النادي الإمبريالي بأسره، وضمناً مركزه ورأس هرمه...
رابعاً: من وجهة نظر الاقتصاد السياسي، فإنّ أية تشكيلة لا يمكنها أن تستمر في حال تعطلت فيها دورة الإنتاج البسيط والموسع. في الوضع الراهن لعالمنا المعاصر، وإذا طرحنا جانباً الدجل الحسابي الذي تديره المراكز الرأسمالية، ونظرنا في الناتج الحقيقي، لظهر أنّ العالم يعيش حالة متعاظمة من «النمو السلبي»، وهذا نتيجة طبيعية لدرجة الجنون التي وصل إليها توزيع الثروة على المستوى العالمي، حيث هنالك أكثر من نصف البشرية عاجزة عملياً عن الاستهلاك، ودون استهلاك لا مكان للإنتاج، ولا اكتمال للدورة، وتالياً لا إعادة إنتاج موسعة، ولا حتى إعادة إنتاج بسيط.
خامساً: إذا كانت الرأسمالية في مرحلتها التقدمية قد حُملت على الأنوار الفلسفية والمعرفية، وعلى التنوير، فإنها في مرحلتها الرجعية باتت العدو الأول لكل نور، والناشر الأكبر للظلمة بكل أشكالها؛ ليس في مجال العلوم والفكر فحسب، بل وأيضاً على المستوى الاجتماعي. حيث تعبّر الأجندة الثقافية النيوليبرالية التي تحاول النخب الإمبريالية الغربية فرضها على المجتمعات الغربية وعلى العالم بأسره، عن مدى الانحطاط والتعفن الذي وصلت له الظاهرة الرأسمالية؛ حيث تم إبدال مفاهيم الحرية والتحرر بأدوات القمع الثقافي الهادف إلى تذرير المجتمعات وتفكيك الأسرة وتعميق غربة واغتراب الناس وكسر أية إمكانات مقاومة جماعية للمنظومة. في هذا السياق تأتي أجندات عمل القسم الأعظم مما يسمى منظمات غير حكومية، وضمناً العمل المسمى «جندرياً»، وكذا مسائل المثلية الجنسية والتحول الجنسي وإلى ما هنالك.

1114-22

عودٌ على بدء، وفي إطار توصيف طبيعة المخاض الذي يعيشه عالمنا المعاصر، يمكن تسجيل نقاطٍ عديدة ربما أكثرها بروزاً هو ما يلي:

أولاً: إنّ الانتقال الجاري حالياً، هو انتقال يكمل دورة تاريخية تمتد حوالي 400-500 سنة. ذلك أنّه يضرب الطبيعية الجغرافية السياسية للتجارة وللعلاقات الدولية التي استند إليها الاستعمار الأوروبي وبعده الأمريكي. أي ينسف الاعتماد الحصري على طرق التجارة البحرية بوصفها طرق التجارة الأساسية عالمياً، والتي كانت دائماً بيد الأساطيل الغربية، والشواطئ المحتلة غربياً، وفي العالم القديم خاصةً. والجزء المكمل الضروري لهذه الحصرية هو التقسيم السياسي واختلاق مختلف أنواع النزاعات والصراعات البينية في العالم القديم وإدارتها بحيث يبقى البر معزولاً عن البر ومفتوحاً على البحر فحسب. منظومات بريكس وشنغهاي وأستانا هي أمثلة حية على كسر هذه الحصرية التجارية، وعلى بدء كسر الفوالق التاريخية التي استفاد منها الغرب، وخلق هو نفسه جزءاً مهماً منها.

ثانياً: هو انتقال ينسف بالتدريج علاقات التبادل اللامتكافئ على المستوى الكوني، أي ينسف الاستعمار الاقتصادي بآلياته المختلفة، بما في ذلك التبعية التكنولوجية ومقص الأسعار والقروض وهجرة العقول. الأمر الذي من شأنه أن يسمح بتفجير طاقات كامنة هائلة في كل «بلدان الأطراف».

ثالثاً: هو انتقال نحو نمطٍ جديد من العلاقات الدولية، انتقالٌ من الأحادية القطبية، نعم، ولكن عبر ثنائية قطبية مؤقتة هي ما نعيشه الآن، وصوب اللاقطبية، حيث يكون التكافؤ بين الدول والشعوب هو الأساس الفعلي للعلاقات الدولية بأسرها.

إنّ عملية التراجع الأمريكي التي طالما بشر بها الثوريون والتي نراها اليوم عياناً، ليست مجرد تراجعٍ لقطبٍ إمبريالي، بل هي تراجع وانحطاط لكل المنظومة الرأسمالية الإمبريالية، وهي فتحٌ لباب التاريخ مجدداً أمام تجارب اشتراكية أكثر نضجاً وأكثر قابلية للحياة وللاستمرار.
السؤال حول متى وكيف وأين ستنشأ هذه التجارب، بحث آخر ينبغي أن يصب عليه الثوريون اهتماماً مركزاً؛ فإذا كان ماركس وأنجلز قد تنبأا بأنّ الثورة ستحصل في أوروبا بأسرها في وقت واحد على أساس وحدة التركيب العضوي لرأس المال في حينه، وإذا كان لينين قد تنبأ بإمكانية قيامها في بلدٍ واحدٍ على أساس تفاوت التركيب العضوي لرأس المال في وقته، فينبغي أن يجد ثوريو هذا العصر إجابتهم عن هذا السؤال... والتي يمكن أنْ تكون نفياً للنفي عودةً إلى ماركس ولكن على نطاقٍ أوسع وأشمل من أوروبا...

في فلسطين المحتلة، وبالتوازي مع تعقد أزمات داعمي الكيان الصهيوني، تتعقد وتتعمق أزماته إلى الحد الذي بدأ قادته يصفون الأزمة الراهنة بأنها أزمة وجودية، وأنها بداية حرب أهلية. وهذا انعكاس طبيعي ليس لتغيّر التوازنات الدولية فحسب، بل وأيضاً لطبيعة الكيان العنصرية المولدة للأزمات، وأهم من ذلك كله، هي انعكاس لتصاعد المقاومة الفلسطينية البطلة التي بلغت أوجاً جديداً من التطور والتكامل يجمع بين مختلف أساليب المقاومات الشعبية عبر التاريخ، ويوحّد نضال الفلسطينيين في كل أماكن وجودهم على أرض فلسطين وخارجها.
رغم كل التطبيل حول اتفاقات التطبيع الذليلة، إلا أنّ الوقائع تشير إلى أنّ التاريخ يسير نحو حلٍ عادلٍ وشامل للقضية الفلسطينية رغماً عن الصهيونية العالمية ورغماً عمّن يتذلل لها من أنظمة وحكام.

في سورية، يواصل رفاقكم في حزب الإرادة الشعبية، ومعهم الوطنيون الموجودون في كل الجهات السورية نضالهم من أجل حل سياسي شامل على أساس القرار 2254 ينهي كارثة السوريين، ويضمن حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، ويضمن خروج كل القوات الأجنبية من سورية وعلى رأسها قوات الاحتلال الصهيوني، ويفتح باب التغيير الجذري الشامل المستحق منذ سنوات طويلة.
وفي السياق، فإنّ ما يجري حالياً من عمل باتجاه تسوية سورية تركية بجهود مسار أستانا، يصب بشكل مباشر في الدفع باتجاه الحل وفي تطويق الحصار الغربي والعقوبات الغربية لسورية، وكذلك في إبطال محاولات الغرب والصهاينة عقد صفقات من تحت الطاولة مع المتشددين من مختلف الأطراف بغرض تمديد الأزمة وصولاً إلى تقسيم البلاد.
إنّ الصوت الوطني المعادي للصهيونية وللإمبريالية الأمريكية، ورغم كل المعاناة والصعوبات، سيظل هو الأعلى في سورية، رغماً عن إرادة تجّار الحرب والفاسدين الكبار من مختلف الأطراف، والكلمة العليا ستكون للشعب السوري عاجلاً وليس آجلاً، وعلى أرض بلاده الموحدة والخالية من القوات الأجنبية...

الرفيقات والرفاق الأعزاء

مرة ثانية، نتمنى لمؤتمركم أن يكلل بالنجاح، ونهديكم تحياتنا الرفاقية والقلبية

هيئة رئاسة حزب الإرادة الشعبية
6/3/2023

معلومات إضافية

العدد رقم:
1114