حينما يكون اللاجئون ورقة: استهداف بيلاروسيا
حمزة طحان حمزة طحان

حينما يكون اللاجئون ورقة: استهداف بيلاروسيا

تتصاعد أزمة اللاجئين على الحدود البيلاروسية- البولندية منذ نحو أسبوعين، وبينما يبدو الأمر في ظاهره خلافات على مشروعية اللاجئين من عدمها، أو قدرة البلدان الأوروبية على استيعاب هذا العدد ومحاولات صدّه، تتبين في التفاصيل حقائق وغايات أخرى.

زاد تدفق اللاجئين على المستوى الدولي ككل- وأوروبا خاصة- خلال السنوات الأخيرة، وتمثل بيلاروسيا نقطة عبور واحدة من كثيرٍ غيرها، لتبدأ المشكلة بتحريك وارسو لقواتها على الحدود البيلاروسية، وتبدأ بقمع المهاجرين واعتقالهم، وإعادة من تمكن من العبور منهم إلى بيلاروسيا تحت أنظار الكاميرات ووسائل الإعلام العالمية، وكانت الغاية واضحة من نتائجها: تسليط الضوء على هذه النقطة تحديداً دوناً عن غيرها، ليس من أجل قضية اللاجئين وإنما استهداف لمينسك.
ما إن بدأت الأزمة تطفو على المستوى الإعلامي وتتوسع، تبعتها تصريحات أوروبية وأمريكية عديدة تحمّل مينسك مسؤولية ما يجري، وتبعت ذلك بدورها، أحاديث عن فرض عقوبات جديدة عليها، لتكون الحملة استمراراً لاستهداف بيلاروسيا الأخير، الجاري منذ نحو عامٍ على الأقل، بمحاولة الانقلاب السابقة، والحركة الاحتجاجية التي قادتها أطراف سياسية مدعومة من واشنطن ومرتبطة معها.
مع تصاعد الزخم السياسي المناهض لبيلاروسيا زادت بولندا من انتشارها العسكري على الحدود، مما بات يشكل تهديداً للأمن الوطني البيلاروسي، واستدعى تحركات عسكرية مقابلة لها، وفي خضم ذلك أجرى حلف شمال الأطلسي «الناتو» اجتماعاً مغلقاً له يوم الخميس الماضي، انتهى بدعمه للتحركات البولندية محملاً مينسك المسؤولية الكاملة عمّا يجري، ومؤكداً: أن الحلف على «أهبة الاستعداد لتقديم مزيد من الدعم لحلفائنا»، وقامت وزارة الدفاع البريطانية في اليوم التالي بإرسال عسكريين لها إلى الحدود البولندية- البيلاروسية بطلب من وارسو.
نالت موسكو حصتها من هذه التحركات، باعتبارها المستهدف الرئيسي من محاولات توتير بيلاروسيا، ليجري تهديدها أيضاً بعقوبات جديدة، وتحميلها جزءاً من مسؤولية ما يجري إلى جانب بيلاروسيا، وإثر تزايد الوجود العسكري على الحدود، قامت موسكو بالتنسيق مع مينسك بتفعيل دوريات جوية مشتركة.
ومع تصاعد الأحداث أصدر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو تصريحاً مستغرباً بتهديده وقف توريد الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أنبوب «يا مال- أوروبا» رداً على الحملة الغربية، مما طرح ورقة خلافية جديدة سرعان ما قامت موسكو بتأريضها، حيث قال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف: أنه «لم يتم التنسيق حول ذلك مع الكرملين»، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «بصراحة، هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها عن هذا الأمر» مؤكداً أنه لم يتحدث مع لوكاشينكو حول هذه النقطة بتاتاً.
وبغض النظر عمّا إذا كان تصريح لوكاشينكو خطأ غير مدروس أو متعمد، إلا أنه أفضى بالمحصلة بفتح باب خلاف روسي- أوروبي وروسي- بيلاروسي لا يخدم سوى الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاول ضرب العلاقات الروسية الأوروبية، وتحديداً منها: توريد الغاز المسال.
وبين كل هذا وذاك، وخلف التصريحات الغربية المجانية، يتعرض اللاجئون على الحدود للتعذيب والقمع والنوم في العراء خلال الشتاء، بدرجات حرارة تصل إلى الصفر وتهدد حياتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1044
آخر تعديل على الإثنين, 15 تشرين2/نوفمبر 2021 15:05