افتتاحية قاسيون 977| حول جولة «الدستورية» القادمة

افتتاحية قاسيون 977| حول جولة «الدستورية» القادمة

تتقاطع رغبات أطراف متعددة في ألا تصل الجولة الثالثة للجنة الدستورية السورية، التي ستنطلق يوم 24 من الشهر الحالي، إلى أي نتيجة، على غرار ما جرى في الجولتين الماضيتين، وعلى غرار اللقاءات العديدة التي عقدت في جنيف خلال السنوات الماضية.

ما ينبغي فهمه جيداً في إطار التعاطي مع اللجنة الدستورية وآفاقها، وخاصة بالنسبة لمن يحاول تصويرها كتكرار لجولات جنيف «التفاوضية»، هو الأمور الأساسية التالية:

أولاً: إذا كان التوازن الدولي الجديد قد سمح في نهاية 2015 بإصدار القرار 2254، فإنّ تطورات ذلك التوازن عبر السنوات الماضية، باتت تسمح الآن بالتنفيذ الفعلي والكامل له.

ثانياً: إذا كان ممكناً تسيّد المتشددين المولعين بتحويل جنيف إلى منصة لتبادل الهجوم الإعلامي خلال السنوات الماضية، فإنّ ذلك لم يعد ممكناً، ولا مسموحاً، وطبيعة الوظيفة الموكلة للجنة الدستورية، تلعب دوراً مهماً في ذلك؛ وهو أمر لم يأت مصادفة، بل عمل مسار أستانا سنوات للوصول إليه.

ثالثاً: ضمن ما أنجزته أستانا نفسها، أنها طوّقت إلى حدود كبيرة الصراع بشكله العسكري، وهذا الأمر لا يعني في الجوهر اختفاء الصراع، بل يعني العكس تماماً: يعني ظهور الصراع بشكله الحقيقي، الاقتصادي- الاجتماعي السياسي، والذي كانت وظيفة السلاح (داخلياً وخارجياً)، التغطية عليه لمنعه من الوصول إلى نتائجه... أي أنّ الصراع الداخلي من أجل الحفاظ على وحدة سورية وسيادة شعبها، بما يتطلبه ذلك من تغيير جذري شامل بيد الشعب السوري ولمصلحته، لم يعد الصراع الأساسي فحسب، بل والصراع الرئيسي الذي تعجز التناقضات الثانوية والمصطنعة من طائفية وقومية وغيرها أن تغطي عليه.

ضمن هذه الإحداثيات، فإنّ من المطلوب وطنياً، أن تتكيف مختلف الأطراف السورية سريعاً مع التغيرات، وبالتحديد أنْ ترتقي بأدائها إلى مستوى الصراع بإحداثياته السياسية الحضارية؛ الصراع الذي يتمثل في جوهره بصراع الأفكار والرؤى حول سورية المستقبل، والتي سيكون منفذها الوحيد نحو التحقق هو الحوار والتوافق.

يضاف إلى ذلك كلّه، ما سبق أن أكدته منصة موسكو في تصريحها الصحفي الذي أطلقته يوم الثلاثاء الماضي، 28/7/2020: «إنّ حجم الكارثة التي يعيشها السوريون، في سورية وخارجها، بأبعادها المأساوية المختلفة، هو ما ينبغي أن يفرض وقعه على سرعة عمل اللجنة بوصفها مدخلاً للتطبيق الكامل للقرار 2254، الذي يخرج سورية من أزمتها، والذي يقرر بموجبه الشعب السوري مصيره بنفسه».

ونكرر هنا دعوة الأطراف السورية المختلفة، والتمني عليها، ألا تكتفي بالعنوان العريض المتفق عليه، بل وأنْ تسارع إلى تقديم اقتراحات ملموسة حول ما سيتم نقاشه خلال الجولة القادمة، بما يسمح بتحويل الجولة إلى خطوة إلى الأمام في وقت يحتاج الشعب السوري فيه أن تخطو العملية السياسية ككل خطوات عديدة وسريعة إلى الأمام، وليس خطوة واحدة فحسب...

معلومات إضافية

العدد رقم:
977