تطويق توتر جديد في الجنوب... في الطريق نحو حل شامل
سعد صائب سعد صائب

تطويق توتر جديد في الجنوب... في الطريق نحو حل شامل

تجددت التوترات الأمنية خلال الأسبوع الماضي في المنطقة الجنوبية على خلفية نشاطٍ محموم لعصابات الخطف والتهريب في محافظتي السويداء ودرعا، الأمر الذي أدى إلى وقوع عدد من الضحايا من المدنيين السوريين في المحافظتين. ورغم أنّ المرحلة الحرجة قد تم تجاوزها بفضل العقلاء في المحافظتين، وعبر تدخل نشط للوسيط الروسي، فإنّ إمكانيات الدفع نحو حالات توتر جديدة لا تزال قائمة.

وإذا كان التفسير الأبسط لنشاط هذه العصابات هو السعي وراء المال، فإنّ طريقة الاستثمار السياسي والتحريض والدفع باتجاه الفتنة والتخريب تحت شتى المسميات و«الحميّات»، يجعل من السذاجة بمكان التعامل مع هذه الظواهر على أنها مجرد عصابات خطف تسعى وراء المال.

لا بد بداية من القول إن رأياً عاماً بين أبناء المحافظتين، يرى أنّ هذه العصابات متوافقة فيما بينها في نهاية المطاف، على الأقل لأنها تسعى إلى حماية نفسها عبر تحصين نفسها اجتماعياً بالتخويف من «الآخر»، وبادّعاء أنها «حامية الحمى» في وجه ذلك «الآخر»، الذي ليس عدواً ولا خصماً في حقيقة الأمر، بل ابن البلد نفسها وشريك الآلام والعذابات.

ولكن حتى التفسير السابق، أي التفسير الذي يرى في عصابات الخطف في المحافظتين، عصابات إجرام تتبادل المنافع والأدوار فيما بينها لتعزيز مواقعها ومراكمة الأموال، هو تفسير منقوص؛ لأنّ من يتابع كل حالة من حالات التوتر، وطبيعة الطروحات السياسية التي تجري محاولة تمريرها خلالها، وطبيعة القوى التي تدخل على الخط في إطار التصعيد والتحريض، يمكنه أن يصل إلى نتائج أكثر قرباً من الحقيقة.

لا يمكن لعاقل أن يغفل موجات «التحريض الالكتروني» الضخمة التي ترافق كل حالة من حالات التوتر، ولا يمكنه إطلاقاً أن يغفل عمليات التحريض القادمة من وراء الحدود، وخاصة منها تلك التي تحمل السم الطائفي، وعلى رأسها عمليات فتنة يشارك فيها بشكل علني جنود في جيش الاحتلال الصهيوني عبر حساباتهم الحقيقية على فايس بوك، فما بالك بالحسابات الوهمية...؟

هذا الكلام لا يعني بحال من الأحوال رفع المسؤولية عن المحرضين والمجرمين الداخليين، بل يعني بالضبط وضع سلوكهم في الإطار السياسي الفعلي الذي يتقاطعون معه؛ السعي وراء إعادة تفجير الجنوب السوري، بالتوازي مع حالة الفقر المدقع والأزمات المعيشية الخانقة بل والقاتلة، هو مصلحة مشتركة لكل من لا يريد مضي سورية نحو الخروج من أزمتها. وعلى رأس من له مصلحة في ذلك هو الكيان الصهيوني بطبيعة الحال، ولكن أيضاً المتشددون السوريون من كل الأطراف، والذين يخافون التهدئة لأنها تعني تقريب الحل السياسي الشامل، والذي يعني بدوره فتح الباب أمام تغيير جذري وأمام إغلاق الباب على «اقتصاد تجار الحروب».

بهذا المعنى، فإنّ المتشددين ورافضي الحل السياسي، يتقاطعون - من حيث يدرون أو لا يدرون- مع الصهيوني ورغبته التخريبية المسعورة تجاه سورية. وبهذا المعنى أيضاً، وبالتوازي مع الدور شديد الأهمية الذي يلعبه العقلاء والوطنيون الحريصون في المحافظتين، فإنّ الدفع باتجاه الحل السياسي الشامل بأسرع وقت ممكن، يمثل السبيل الوحيد لوضع حدٍ نهائي للنشاط الإجرامي والتخريبي والفتنوي لعصابات الخطف والتهريب في كلا المحافظتين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
959