قمة طهران معانٍ ودلالات
حمل اجتماع طهران للدول الثلاث «روسيا – إيران – تركية» دلالات عديدة من حيث الشكل والمحتوى، سواء من خلال ما ثبتته الترويكا من توافقات سابقة، أو التوافقات المستجدة التي تضمنها البيان الختامي.
إن عرض الجلسات من خلال وسائل الإعلام، والبث الحي لكلمات رؤساء الدول الثلاث، يشكل سابقة جديدة في الدبلوماسية الدولية، وهي إن دلت على شيء، فإنما تدل على مستوى التوافق رغم التنوع الذي ظهر في الآراء، واستعداد الاطراف الثلاث على تدوير الزوايا، فالتوافق على ضرورة الفصل بين التنظيمات الارهابية كجبهة النصرة، وبين غيرها من الجماعات المسلحة، والاتفاق على رفض السياسة الأمريكية، والتأكيد على ضرورة انسحاب القوات الأمريكية من سورية، والإجماع الذي ظهر على القرار 2254، والسعي المستمر لتشكيل لجنة الإصلاح الدستوري، بالتوازي مع تحضيرات المعركة العسكرية لإعادة محافظة إدلب إلى سلطة الدولة، والتأكيد مجدداً على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة، كلها تشكل الأساس الموضوعي، لانعطافة جديدة في الأزمة السورية، نحو الحل المنشود.
و بالرغم من كل القراءات التي تحاول التشويش على نتائج القمة من هذا الطرف أو ذاك، عبر إبراز التباينات فقط، والتي لم تتعدَ محاولات تركيا الحفاظ على ماء الوجه، في ظل الوضع التركي المتأزم على الصعيد الداخلي، و على صعيد علاقته مع الحليف التقليدي – التاريخي، بالرغم من كل ذلك، فإن الهستيريا الإعلامية من طرف بعض الدول الغربية، عن فرضية استخدام السلاح الكيمياوي في إدلب، وجعلها ذريعة لتوجيه ضربات عسكرية لسورية، يكشف عن الفزع الغربي عموماً، والأمريكي خصوصاً من استمرار هذا التنسيق الثلاثي، ودوره وأهميته، ليس في الأزمة السورية فقط، بل أيضاً، باعتباره امتداداً لتظهير ميزان القوى الدولي الجديد الجاري على قدم وساق، وبإيقاع متسارع في السياسة والاقتصاد والردع العسكري على حد سواء.
وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن مجرد استمرار هذا التنسيق بين الدول الثلاث، رغم الغضب الأمريكي، ورغم ابتزاز أطراف الترويكا بالعقوبات المتلاحقة، يشكل بحد ذاته، معياراً للواقع الدولي الجديد الذي يترسخ يوما بعد يوم باتجاه عالم تلجم فيه العدوانية الأمريكية، ويسوده القانون الدولي، بدلاً عن مرحلة الاستفراد الامريكي بالقرار الدولي، باتجاه عالم التعددية القطبية الذي يؤمن للشعوب حقها بتقرير مصيرها، وذلك بالتوازي مع انقسام حاد تمر به الدولة والمجتمع في الولايات المتحدة، ومحاولات الكثير من الحلفاء بما فيها حلفائها الاوربيين الانكفاء عنها.
إن نتائج قمة طهران، تعزز القناعة بأن سورية تقف على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، عنوانها الابرز الحل السياسي بما يتضمنه القضاء على الإرهاب، وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي في البلاد، والحل السياسي على أساس القرار 2254.