توتير جديد تراجع جديد

توتير جديد تراجع جديد

يشهد الوضع الإقليمي محاولات جديدة لرفع منسوب التوتر، من خلال حملة دعائية واسعة، عن احتمال اشتعال حرب إقليمية، تنذر بـ«قيام الساعة»! 

ليس خافياً على أحد، أن العديد من مظاهر هذا التوتير مصطنعة ومفتعلة، لاسيما، وإن إمكانية تحقيق هذا الاحتمال قريبة إلى الصفر، في ظل التوازن الدولي الجديد، فإلى ماذا تسعى قوى الحرب، من وراء هذه اللغة الحربجية، وإلى أين يتجه المشهد الإقليمي؟

تحاول قوى الفاشية و الحرب، من خلال تشحين الأجواء إلى التعويض عن الخسارة الاستراتيجية التي لحقت بها بعد اندحار داعش في كل من سورية والعراق، والتي كانت تعتبر يدها الضاربة والحامل السياسي والعسكري، في تعميم الفوضى.

تأتي محاولات التوتير الجديدة، بعد فشل محاولة تفجير صراع قومي في العراق، واضطرار كل من الحكومة المركزية، وحكومة إقليم كردستان اللجوء إلى طاولة التفاوض في حل الخلافات القائمة.

وصول الخيار السعودي في اليمن إلى طريق مسدود، وعجزه الواضح عن إنجاز المهمة الموكلة إليه.

تزايد الانقسام، والتفكك في الحلف الإقليمي لقوى الحرب، سواء كان بين بلد وآخر من بلدان هذا الحلف، أو داخل البلد الواحد.

فشل القوى الفاشية في الادارة الامريكية، من التنصل من الاتفاق النووي مع ايران، لابل إن هذه المحاولة، فرضت عليها المزيد من العزلة، حتى مع أقرب حلفاء الولايات المتحدة التقليديين.

تزايد فعالية الدور الروسي، ودخوله على خطوط مختلف الأزمات بما فيه الخلاف الايراني السعودي، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية الوصول إلى حلول عقلانية متوازنة، تقطع الطريق على قوى الحرب التي تستثمر في هذه الأزمات، والخلافات القائمة بين بلدان المنطقة، للحفاظ على هيمنتها.

تعزيز وتثبيت خيار الحل السياسي كحل وحيد للازمة السورية، والضغط الروسي المتواصل، والحلول الابداعية المتلاحقة لإزالة ما تبقى من العراقيل، أمام جولة جنيف المرتقبة في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، وتجسيد نموذج عملي لحل الأزمات في ظرف التوازن الدولي الجديد. 

جرى افتعال هذا التصعيد، بعد إعلان العديد من الدول ذات اوزان اقتصادية كبيرة عن سعيها إلى التخلي عن الدولار، وطرده من عملية التبادل، وما يحمله ذلك من مخاطر على هيمنة الدولار على سوق العملات، وبالتالي افتضاح عورة الدولار، باعتباره أخطر أداة «نصب وسلبطة» في التاريخ البشري.

إن التلويح بحرب واسعة، في الظرف الراهن، لا يتجاوز عتبة الألاعيب الجيوسياسية لقوى الحرب، عبر توريط قوى ودول بصراعات جديدة، بغية التغطية على تراجعها العام، بعد تساقط أدوات هيمنتها الواحدة تلو الاخرى، أما ارتكاب حماقة، جزئية ومؤقته من هذا النوع، باعتبارها «صفة ملازمة للرأسمالية المأزومة» فلن تؤدي إلا إلى المزيد من التراجع، وافتقاد المزيد من الأوراق، وعليه، فإن حث السوريين السير باتجاه الحل السياسي، على أساس القرار الدولي 2254 هي مهمة مستمرة وقائمة، وبكل ما تعنيه، من إيقاف الكارثة الانسانية، ومحاربة الإرهاب، والتغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
836