جميل: ما يجري في المنطقة نتيجة انقسامات داخلية أمريكية وسعودية

جميل: ما يجري في المنطقة نتيجة انقسامات داخلية أمريكية وسعودية

رأى رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، وأمين حزب الإرادة الشعبية، د.قدري جميل، في مقابلة مع مركز «سيتا» للبحوث عن تداعيات ما يحدث في المملكة العربية السعودية: أن «الصورة النهائية لما يجري في السعودية لم تتضح بعد، لكن يمكن القول: إنه يعكس حجم الانقسام الداخلي الكبير ليس في السعودية فقط، بل وفي الولايات المتحدة أساساً».

وأضاف: بأن هنالك انقساماً عميقاً بين تيارين عريضين ضمن الولايات المتحدة، والسعودية تالياً. يتجلى هذا الانقسام بطبيعة موقف كل من التيارين من التوازن الدولي الجديد وطريقة التعامل معه؛ فهنالك تيار نصطلح على تسميته التيار «الفاشي» (تندرج ضمنه المؤسسة الأمريكية التقليدية والإدارة السابقة ومؤسسات الإعلام الكبرى وغيرها)، وهذا التيار يرفض الخضوع لواقع تراجع الهيمنة الأمريكية والدولارية خصوصاً، ويسعى في هذا السياق إلى ضرب القوى الصاعدة، ومنعها من إعادة النظر بموقع الدولار العالمي ومنظومة العلاقات الدولية ككل، ويستخدم في هذا المسعى جميع أدوات «الفوضى الخلاقة» جميعها من فوالق طائفية ودينية وقومية إضافة إلى داعش وشبيهاتها من المنظمات الإرهابية، وغيرها من الأدوات. التيار الثاني: ونصطلح على تسميته التيار «العقلاني»، يسعى إلى التكيف مع الواقع الجديد مستفيداً من زخم الفوضى الفاشية، لذا نراه يؤيد حل الأزمات سياسياً، ولكنه يماطل في الإسهام الجدي في حلها لتأخير إظهار مفاعيل التوازن الدولي الجديد من جهة، ولكسب الوقت في محاولة تحقيق (إعادة تموضع) تسمح له بتقليل الخسائر قدر الإمكان.
وعن الأسباب الرئيسة وراء هذا الانقسام، يقول د. جميل: إن «السبب العميق ليس اختلافاً في قراءة الواقع الدولي، وبالتالي اختلافاً في تحديد الموقف المناسب منه، بل هو اختلاف في الطبيعة الاقتصادية لكلا التيارين، فالتيار الفاشي هو تيار «مالي» بحت (ويمثل رأس المال المالي الإجرامي العالمي)، وانهيار الدولار بالنسبة له هو تهديد بالفناء الكامل، ولذا نراه مستميتاً في منع تظهير التوازن الدولي الجديد، وبكل السبل. أما «العقلاني» فهو أقرب في طبيعته الاقتصادية للإنتاج الصناعي، ولذا يشكل انهيار الدولار بالنسبة له تراجعاً وخسائر كبرى، ولكن ليس فناءً تاماً».
بناءً على ما سبق، فإنّ ما يجري في السعودية هو: «إعادة تموضع إقليمي بالنسبة لها، وإعادة تموضع أمريكي في المنطقة، حيث يجري الانتقال من استخدام الأدوات الفاشية والحروب، كوسيلة للتدخل في شؤون بلدان المنطقة ومنع تظهير التوازن الدولي الجديد فيها، إلى استخدام الأدوات المتبقية بيد المعسكر الغربي؛ عملياً، فإنّ التيار الفاشي بات إلى حد بعيد مغلوباً على أمره بعد الضربات الكبرى التي تلقاها من الدول الصاعدة».
والأدوات الوحيدة المتبقية بيد «التيار العقلاني» هي: الأدوات المالية بشكل خاص، والتي ستجري محاولة استخدامها «للتأثير على الوضع في المنطقة، وخاصة في عملية إعادة إعمار سورية وانطلاقاً من لبنان. ولكن لأن كل أزمة تحتوي في ذاتها فرصة حلها وخلق بدائلها، فإنّ محاولة الضغط عبر الأداة المالية البنكية التقليدية، ربما يفتح الباب لتسريع إزاحة الدولار من المنطقة ككل، ولتكريس بدائله، ليرتد ذلك على المستوى الدولي عبر تكريس إضافي للتراجع الأمريكي».
وفي سؤاله عن تقييمه لموقف روسيا، خصوصاً بعد تأييد الخارجية الأميركية لإجراءات الرياض، وإعراب موسكو عن قلقها من استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتداعيات ذلك كله على المنطقة، أشار إلى أنه «يمكن فهم «القلق الروسي» و«التأييد الأمريكي» لا سيما بعد ما قيل أعلاه. بالمحصلة، فإنّ ما جرى ويجري في السعودية هو الترتيبات النهائية، السعودية والأمريكية، عشية الانتقال إلى مرحلة الحل السياسي في سورية».
ولدى سؤالنا عن مدى إمكانية إجراء لقاء جديد شامل للمعارضة في الرياض، يقول د. جميل: «تم إشعارنا بالموعد التقريبي لاجتماع للمعارضة في الرياض، لكن لم نتلقَ دعوة رسمية حتى الآن، حين نتلقى الدعوة سنحدد موقفنا النهائي على أساس قائمة الحضور، وجدول العمل، والنتائج المتوخاة بخطوطها العريضة».

المصدر: مركز «سيتا»

معلومات إضافية

العدد رقم:
836