العراق ما بعد الاستفتاء
يأخذ تطور الأوضاع في العراق بعد إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان وكما كان متوقعاً منحى تصعيدياً باتجاه التوتير، في ظل سيادة منطق الفعل ورد الفعل الذي يأخذ شكل التجاذب القومي، وخصوصاً بعد دخول الجوار العراقي على خط الازمة.
إن المهمة الأساسية التي يفرضها الواقع الموضوعي والظرف الناشىء على جدول أعمال القوى الوطنية الديمقراطية في بلدان المنطقة، وقوى السلم في العالم هو منع تفجير الأوضاع باتجاه الخيارات العسكرية، وعزل قوى التعصب والانعزال القومي في أي طرف كان، ودعوة كل القوى الى طاولة التفاوض، بما يحقق هدفين متكاملين لا يمكن -كما تؤكد التجربة التاريخية- إنجاز احدها دون الاخر وهما: وضع الأسس الكفيلة لحل القضية الكردية حلا ديمقراطياً عادلاً، وبنفس الوقت الحفاظ على وحدة بلدان المنطقة، ونعتقد أن تحقيق هذين الهدفين يمتلكان الكثير من مقومات النجاح:
أولا: إن أي توتير جديد يضر بمصالح كل بلدان وشعوب المنطقة، وهو محل استهجان شعبي عابر للقوميات، أي إنه لا يمتلك مبررات موضوعية، رغم التجييش القومي من هنا وهناك.
ثانياً: إن القوى الدولية الصاعدة التي تمتلك علاقات متوازنة مع كل الأطراف، بما يسمح لها بلعب دور الوسيط المحايد والنزيه باعتباره شرطاً ضرورياً لأي حل تفاوضي، على عكس لوبي التوريط الغربي الذي كان سلوكه مع ورثة مجلس الحكم الانتقالي البريميري منذ 2003 وحتى الان، سلوكاً ملتبساً أنهك كل القوى ومد الخلاف بينها بجرعات جديدة من الشحن الطائفي والقومي امام كل تطور إيجابي في الوضع العراقي.
ثالثاً: إن مكونات المطبخ السياسي العراقي الذي تشكل بعد احتلال العراق عرباً وكرداً وسنةً وشيعةً أكدت بالملموس عجزها عن حل اية قضية حلاً حقيقياً، مما يفتح الطريق على تبلور بنى سياسية جديدة وتنامي دورها، تطيح بكل تلك المنظومة الفاسدة والعاجزة، والمخترقة حتى نخاع العظام كما يبدو.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 830