ألا تصدقون ماكين أيضاً!

ألا تصدقون ماكين أيضاً!

ماكين وليس أحداً غيره، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي، يعترف قائلاً «نحن نعلم أين تكمن المشكلة، إنها في البيت الأبيض.. للأسف البيت الأبيض يعاني من فوضى كبيرة».

صحيح أن حديث ماكين جاء عن الأداء الأمريكي في أفغانستان، ولكن البيت الأبيض هذا هو من يدير الملفات في العالم كله، ومن غير المنطقي أن يكون فوضوياً في إدارة ملف ما، ويكون منظماً ناجحاً في إدارة ملف آخر، ما نريد قوله، أن الفوضى والتخبط التي يعترف بهما المستر جون، هي عينة عن وضع دائرة صنع القرار في «أقوى» دولة بالعالم، الفوضى التي يقر بها الرجل ليست بسبب عدم الكفاءة، والدراية بكل تأكيد، فمن المعروف أن هذه الدولة تمتلك مئات مراكز الأبحاث، والمستشارين العتّق، وأقوى أجهزة مخابرات، وأقوى الجيوش، وامبراطورية إعلامية مرئية ومسموعة ومقرؤة، ناهيك عما يمتلكه الأتباع الخلص في أصقاع العالم، ورغم ذلك، ثمة فوضى في رأس الهرم، وثمة استراتيجية فاشلة «لا توجد لدينا استراتيجية ونحن نخسر» الكلام لجون مرة اخرى، وكأن الأمر قضاء الله وقدره..!
ما يتجاهله جون، وهو أحد حراس هيكل الهيمنة الأمريكية، وما لم يأت على ذكره، أعمق من اعترافه الجزئي، ما بعد وما قبل افغانستان، أي حقيقة أن المنظومة كلها، من الفها إلى يائها في حالة تراجع، والفوضى التي يتحدث عنها، هي سمة ملازمة، لأية بنية تعاني من التراجع والانكفاء، وخصوصاً إذا كانت استطالاتها عمودياً وافقياً، تفوق إمكاناتها الواقعية، وتتجاوز أي منطق عقلاني.
بقي أن نقول: لم يأت جون ماكين بشيء جديد في هذا الاعتراف بالنسبة لنا، ولكن الوقوف عند اعترافه، والإضاءة عليه يبقى ضرورياً، لعل وعسى أن يفهم بعض ممن لا يزال يراهن على الدعم الأمريكي في رسم استراتيجياته - وما أكثر الحمقى مع الاسف- لاسيما، وأن المستر جون هو أحد أبرز سيناتورات التوريط، الذي يقوم بجولات مكوكية إلى مناطق مختلفة من العالم، ويقدم الوعود لهذا وذاك بالدعم الأمريكي، ويدفعه من مأزق إلى آخر.. آملين - دون شماته- أن يكون اعتراف ماكين مقنعاً للذين لم تنفع معهم الوقائع التي تفقأ العيون عن التراجع الأمريكي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
819