داعش  تبحث عن ساحة جديدة
محمد ميداني محمد ميداني

داعش تبحث عن ساحة جديدة

خلَّفت الأعمال الإرهابية التي شهدتها العاصمة الإيرانية طهران يوم الأربعاء الماضي الكثير من الأسئلة حول طبيعة الرسالة التي أراد من يقف خلف المنفذين أن يوصلها، وقد بدا من اللافت تبني تنظيم «داعش» الإرهابي لها في اليوم ذاته.

منذ فترة، خرجت بعض التكهنات حول احتمال، انتقال داعش الى ساحة جديدة، بعد الهزيمة العسكرية في كل من سورية والعراق، في إطار إحداث توتير جديد في دول المنطقة، فكان الهجومان اللذان استهدفا الأسبوع الماضي مقر «مجلس الشورى الإسلامي» (البرلمان) وضريح الخميني، مما أسفر عن 13 قتيلاً وأكثر من 40 جريح.
إيران على جدول الأعمال
قد يثير السيناريو المشار إليه سابقاً، أي محاولة انتقال «داعش» إلى إيران بعض الاستغراب، وربما يسأل البعض: ما هي مقومات هذا الانتقال؟ وكيف يمكن أن يجري إن كان لا يوجد «بيئة حاضنة» للتنظيم في إيران؟
أولاً، إن مخطط الفوضى في إيران موضوعٌ على جدول أعمال قوى رأس المال الإجرامي منذ أمدٍ طويل، ولا نغالي بالقول أنه واحد من أهم الأهداف في المنطقة. وثمة من يعتقد في هذا السياق أن الحرب السورية هي في أحد أوجهها انكفاء مؤقت عن التوتير المراد من قبل قوى رأس المال الفاشي في إيران.
ثانياً، ليس لدى الأذرع الفاشية «بيئة حاضنة» لا في سورية ولا في إيران ولا في أصقاع الأرض كلها. فهي، وإن كانت تعتمد في توسيع واجتذاب عناصرها المقاتلة على ظاهرة التهميش الواسع التي تتجاوز حدود البلد المراد استهدافه، إلا أن سلاحها الأساسي في معركتها الميدانية هو الإرهاب المسلَّح فضلاً عن إرهاب الميديا.
الفاشية وظرف اليوم
تحاول الدوائر الإمبريالية وضع العبء الكامل للأزمة الاقتصادية التي تعيشها على كاهل الكادحين والقوى المنتجة، ولهذا السبب تحتاج إلى الفاشية. وتحاول هذه الدوائر جاهدة للحيلولة دون نمو قوى القطب الصاعد عالمياً، من خلال إعاقة الحركة الصاعدة لها وتكبيلها بمجموعة من التوترات والأعمال الإرهابية، وهذا ما يفسر سبب محاولة ضرب إيران التي خرجت منتصرة في ملف النووي الإيراني، وحافظت على حقوقها الوطنية المشروعة في استخدامه للأغراض السلمية.
تكيِّف الفاشية ديماغوجيتها مع الخصائص الوطنية لكل بلد، بل وحتى خصوصيات طبقات اجتماعية مختلفة داخل البلد الواحد. وبناءً على ذلك، لا توجد في الواقع «وصفة جاهزة» لدولٍ يمكنها أن تشهد هجوماً فاشياً وأخرى لا يمكنها. وهنالك العديد من بؤر التوتر التي تستطيع الفاشية استغلالها في سياق محاولتها هذه، مستفيدة من التناقضات الثانوية (الدينية، المذهبية، القومية.. إلخ) التي يمكن إيجادها اليوم في إيران.
والحديث عن المحاولة لا يعني بشكل بديهي الحديث عن نجاحها. إذ أن ما ينبغي الانطلاق منه في هذا السياق هو أن التوازنات التي كانت سائدة في المرحلة التي كانت فيها المراكز الإمبريالية قادرة على إنجاح مخططات التوتير قد ولَّت، وتعيش البشرية اليوم عصراً آخراً، حيث آليات المقاومة لم تعد متوافرة على الصعيد المحلي فحسب، بل إن تحالفاً دولياً لمواجهة الفاشية الجديدة ظروفه اليوم متوافرة أيضاً. وهذا ما يدفع للقول أن كل «تقدمٍ» تحرزه الأذرع الفاشية الجديدة عالمياً إنما هو تقدمٌ نحو الهاوية بالنسبة لرعاتها المتجسدين برأس المال المالي العالمي الإجرامي الذي يحاول عبثاً أن يجرّ العالم معه إلى حتفه الذي يلوح في الأفق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
814