أستانا الضامن والمكمل لجنيف والحل السياسي

أستانا الضامن والمكمل لجنيف والحل السياسي

لم يعد هناك أدنى شك حول الدور المحوري الذي قدمه مسار الأستانا، على مجمل العملية السياسية والميدانية الجارية بالشأن السوري، وخاصةً على مستوى دفع مسيرة جنيف والحل السياسي الناجز، استناداً للقرارات الدولية، وتحديداً القرار 2254.

فمع كل جولة من جولات المفاوضات في أستانا، يتم تعزيز فعالية الآلية الثلاثية المتمثلة بوقف إطلاق النار، التي أعلن عن بدئها اعتباراً من 30 كانون أول 2016، وإجراءات المراقبة عليها، والمحادثات السورية السورية، من أجل استكمال الحل السياسي.

التأكيد على التسوية السياسية

لم يخرج البيان المشترك الصادر عن كل من: روسيا وتركيا وإيران، بنهاية جولة المفاوضات الأخيرة في أستانا، بتاريخ 15/3/2017، عن ذلك، باعتبارها الدول الضامنة لنظام وقف إطلاق النار، حيث تم التأكيد على التسوية السياسية، والتمسك بتوطيد الهدنة، وتبادل المعلومات حول حالات الانتهاك، والأهم أنه تمّ الاتفاق على موعد اللقاء القادم الذي سيعقد يومي 3-4 أيار القادم.

زخم متبادل!

ومع انطلاقة جولة أستانا الأخيرة بتاريخ 14/3/2017، صدر بيان عن مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي مستورا، في اليوم نفسه، بأن مفاوضات جنيف3، بجولته الخامسة، ستستأنف بتاريخ 23/3/2017، ما يؤكد عملياً مقدار الزخم الإيجابي الذي يمنحه الأستانا على العملية التفاوضية في جنيف، على الرغم من استمرار مساعي العرقلة والتعطيل المتهالكة، والتي تصاب بالفشل كل مرة، عبر النتائج التي يتم التوصل إليها، بما فيها المحاولات الأخيرة التي تمثلت بالامتناع عن الحضور من قبل البعض، ظناً منهم أن ذلك قد يؤثر سلباً على العملية التفاوضية، أو على المسار برمته، وباتوا خائبين، كما كل مرة.

فرز المجموعات المسلحة

ولعل جولات الأستانا المتتابعة، ومنذ الجولة الأولى، كان لها الدور المفصلي والهام على مستوى فرز المجموعات المسلحة، القابلة للحوار والمُقِرة بالحل السياسي، كحل وحيد وفقاً للقرارات الدولية، والقرار 2254، وفصلها عن المجموعات الإرهابية، وخاصة «النصرة» و «داعش»، بغض النظر عن بدايات هذا «القبول والاقرار»، سواء كان بحكم الأمر الواقع، أو بحكم التوازنات الدولية الجديدة، والتي ستكون نهايته كما بدايته، محكومةً بهذه الشروط أيضاً، بالإضافة لما سيتم التوصل له من شروط عبر مفاوضات جنيف المستمرة بالتوازي معها.

المعرقلون خارجاً

على ذلك فإن مسار أستانا لم يكن إلا مكملاً لمسار جنيف، والعكس بالعكس، خاصةً بعد أن بات الحل السياسي خياراً دولياً بموجب قرارات مجلس الأمن، وتكريس التوافق عليه دولياً واقليمياً، وبعد الإقرار به من قبل النظام والفصائل المسلحة على حد سواء، وبعد أن تم استكمال فتح الأبواب عبر هذا التكامل، لجميع القوى الراغبة بالحل بشكل جدي، لتكون النتيجة أن كل معرقل أو معيق، ناهيك عن غير الموافقين، أو الإرهابيين، سيزجون بأنفسهم خارج خارطة الاتفاق الدولي، كما خارج العملية السياسية برمتها، على المستوى الدولي والإقليمي، وخارج الخارطة الوطنية السورية، على المستوى المحلي، الآن ومستقبلاً.

الدور الروسي بمواجهة الصلف

بهذا الصدد يجب ألا يغيب عن أذاهننا أهمية الدور الروسي، المحوري والأساسي، على مستوى توازي مساري، أستانا وجنيف، وتكاملهما، حيث كان للروس الدور الحاسم بموضوع الإرهاب ومحاربته، على قاعدة تكريس الفرز المطلوب بين المجموعات المسلحة، مع إثبات زيف الادعاءات الأمريكية الخاصة بمحاربة الإرهاب، كما كان له الدور الحاسم على مستوى تكريس الحل السياسي كخيار وحيد لحل الأزمة، بالإضافة إلى دوره الحاسم على مستوى تمثيل المعارضة السورية، في جنيف وأستانا، ناهيك عن الدور الهام على مستوى التوازنات الدولية الجديدة الناشئة، الممثلة للقوى الصاعدة دولياً، والداعمة للشعوب بخياراتها، وفقاً للقانون الدولي، بعيداً عن الصلف والعنجهية الأمريكية، التي كانت سائدةً على مستوى العلاقات الدولية لمصلحتها أولاً، ولمصلحة حلفائها وأتباعها، دوناً عن مصالح البقية المتبقية من العالم، دولاً وشعوباً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
802