الافتتاحية وطن حر بشعب مقاوم
نقطة الانطلاق في تحديد الأولويات لترتيب المهام المنتصبة أمام البلاد، هي رؤية أن المواجهة الكبرى مع العدو الأمريكي- الصهيوني ليست قادمة قريباً، بقدر ما هي قد بدأت فعلياً.
لذلك فإن تحديد وترتيب الأولويات والمهام على ضوء هذه الرؤية، ستقرر إلى حد كبير نتيجة المعركة نفسها وما ستتركه نتائجها من آثار على الوضع العالمي والإقليمي والمحلي. أي بمعنى آخر: التحكم بنتائج هذه المعركة يبدأ منذ الآن بالتحديد الصحيح للأولويات والمهام.
وليس بخاف على أحد أن الملامح الأساسية لهذه المعركة القادمة قد ظهرت بذورها الجنينية في المواجهة البطولية التي خاضتها المقاومة الوطنية اللبنانية في جولة تموز - آب 2006، وهي تشكل انعطافاً تاريخياً هاماً في مجرى الصراع في المنطقة خلال المرحلة الممتدة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وبناءً على ذلك يمكن استنتاج أنه بقدر صمود قوى المواجهة بقدر ما ستتكسر نصال المخطط الأمريكي – الصهيوني الهمجي في المنطقة.
وهذا الصمود سيقرره عاملان:
■ العامل البشري – المادي: أي قدرة قوى المواجهة الوطنية على تجنيد قواها البشرية والمادية، والحفاظ على استمرارية المعركة بغض النظر عن وحشية وهمجية العدو، دون رهبة أو تردد أمام حجم التضحيات والخسائر التي سيسببها أي عدوان، فباب الحرية على حد قول الشاعر، لا يدق إلا بالأيدي المضرجة.
■ العامل الزمني: إن العدو بسبب بنيته وطبيعته يميل إلى المعارك القصيرة والسريعة النتائج، لذلك فهو يكثف كل قواه خلال الأيام والأسابيع الأولى لتحقيق النتائج التي يريد الوصول إليها، من هنا تصبح إدامة زمن الاشتباك هو أحد العوامل الأساسية في إلحاق الهزيمة به، بسبب الوهن الذي سيصاب به معنوياً ومادياً بعد ضرباته الأولى إذا لم يصل إلى النتائج التي يريدها.
إن هذه الحقائق تضع على بساط البحث مسألة أساسية، وهي أن الشعب المقاوم هو عماد الصمود ومن ثم الانتصار في العصر الراهن.
فالحياة تثبت أن ليس هناك قوّة في العالم قادرة على الوقوف أمام إرادة المقاومة الوطنية الشعبية.
من هنا تصبح مهمة تعبئة المجتمع هي مهمة المهام للوصول إلى صيغة الشعب المقاوم، ولهذه الصيغة شروطها وظروفها.
وإذا كانت الظروف الموضوعية قد توفرت بسبب ازدياد عدوانية الإمبريالية الأمريكية وحليفتها إسرائيل الصهيونية إلى حدها الأقصى، إلا أن شروط هذه الصيغة تتطلب العمل الدؤوب السريع والجريء لإيجاد أفضل الأجواء لحشد قوى الجماهير الشعبية خلال المواجهة الوطنية الكبرى القادمة، الأمر الذي يتطلب إجراءات حازمة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، تخلق تلك الأجواء والمناخ الضروري للوصول إلى مجتمع مقاوم يزداد صلابة بقدر ما تزداد التضحيات، وصولاً إلى النصر الأكيد.
إن الحلول الغلط وأنصاف الحلول في المجالات الاقتصادية – الاجتماعية تؤخر، بل تمنع أحياناً توطيد اللحمة الوطنية، وتعرقل الوصول إلى صيغة الشعب المقاوم.
● فالحلول الليبرالية أو نصف الليبرالية في المجال الاقتصادي قد أثبتت فشلها، فهي لم تؤدّ إلا إلى شيء واحد وهو: إضعاف المناعة الاقتصادية.
● كما أن إضعاف دور الدولة الاجتماعي وخاصة في مجال الصحة والتعليم والثقافة لم يؤد إلا إلى زيادة التوتر الاجتماعي.
● بالإضافة إلى أن عدم السير حثيثاً على طريق إطلاق الحريات السياسية للمجتمع كي يقول كلمته بحق الفساد والفاسدين، قد سمح لهؤلاء في الفترة الأخيرة أن يتواقحوا في نهبهم لدرجة غير مسبوقة، واعين أنهم يعيشون موضوعياً «آخر أيامك يا مشمش»...
إن المعركة وأولوياتها ومهامها تتطلب إحداث انعطاف في الوضع الداخلي يعتمد على الجماهير الشعبية، انعطاف وطني اجتماعي ديمقراطي مقاوم، وفي ذلك كل الضمانة لكرامة الوطن والمواطن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 284