الافتتاحية.. العقوبات الأمريكية.. ماهي الخطوة التالية؟

... وحسمت الإمبريالية الأمريكية الجدل الدائر في بعض الأوساط حول إمكانية تطبيق العقوبات على سورية، وتبين الخيط الأبيض من الأسود، إذ أثبتت بسلوكها أنها بصدد معاقبة كل وطني على مواقفه الوطنية، وما المجازر الأخيرة في العراق وفلسطين إلا دليل على ذلك، بل دليل على التصعيد المستمر لمعاقبة كل من لديه إرادة الدفاع عن الكرامة الوطنية، وهي تثبت بذلك أنها مستمرة بغيِِِِّها بحكم وضعها المستعصي على كل الجبهات سواء أكانت اقتصادية داخلية أو عالمية، أو كانت جغرافية في فلسطين والعراق وسورية ولبنان أو كوبا وكوريا الشمالية.

وما الأحاديث الأخيرة عن الانتقال من قانون معاقبة سورية إلى قانون «تحريرها» إلا تأكيداً على ذلك. فالقرار الأمريكي الذي لا رجعة عنه هو الاستمرار في نهج توسيع العدوان على كل من يمتلك إرادة الدفاع عن الكرامة الوطنية، من أجل تثبيت وتوسيع رقعة الهيمنة بكل أشكالها العسكرية والاقتصادية والسياسية.

وهذا الواقع المتسم بتسارع العدوان ضمن الوقت المتناقص يفترض التفكير الجدي بتوطيد وتطوير الوحدة الوطنية، وتحويل الحوار الوطني إلى أداة رئيسية لتحقيق ذلك. وإذا اعتبر الكثيرون ندوة الوطن في 16/4 خطوة هامة في هذا الاتجاه فهي حتماً يجب ألا تكون الخطوة الأخيرة للوصول إلى جملة التوافقات الضرورية في القضايا الوطنية والاقتصاديةـ الاجتماعية والديمقراطية والتي ستسمح لهذا الحوار بالوصول إلى نهايته المنطقية التي تؤمن الدرجة العليا المطلوبة من الوحدة في هذه الظروف الخطيرة والدقيقة التي تمر بها بلادنا ومنطقتنا.

استناداً لكل ذلك نعتقد أن هذه التوافقات بحدودها الدنيا يجب أن ترتكز على نقاط الانطلاق التالية:

■ وطنياً: لا تنازل عن الثوابت ولا استقواء بالخارج وهما حدان إذا تم الإخلال بهما يصلان بأصحابهما إلى مستنقع الخيانة الوطنية.

■ اقتصادياًـ اجتماعياً: ضمان الحقوق الأساسية للمواطن من حق العمل وحق العيش الكريم وحق التعليم والطبابة والسكن والتقاعد المشرف. واعتبار المكتسبات المحققة سابقاً في هذا المجال حقوقاً مصونة لا يجوز المساس بها.

■ ديمقراطياً: رفع الأحكام العرفية مع كل ما يستتبعه ذلك من إجراءات سياسية وخاصة إصدار قانون الأحزاب الذي لن يضمن حسن تنفيذه إلا قانون انتخابات جديد ومتقدم عن السابق، ولكي تؤمن هذه القوانين وحدة وطنية أصلب، يتطلب صياغتها على أسس واضحة ومتطورة لا على أسس متخلفة يمكن أن ترجع حركة المجتمع إلى الوراء. إن المطلوب من هذه القوانين تنشيط الحركة السياسية المبنية على قواعد وأسس سليمة وصحية، وهذا الأمر لايمكن تحقيقه إلا بالحد من سلطة المال في الانتخابات، ومن تدخل الدولة المباشر فيها.

وغني عن البيان أن ما نطرحه هي مجرد خطوط أولية قابلة للتعديل باتجاه واحد هو تطويرها إلى الأمام بقدر قدرة القوى صاحبة العلاقة للوصول إلى تفاهم وتوافقات أكثر تطوراً.

 

إن هاجسنا في تأمين أوسع وحدة وطنية لا يهدف بطبيعة الحال لتقاسم امتيازات ومغانم مع أحد، بل يهدف إلى تأمين جبهة شعبية في الواقع وعلى الأرض تتصدى للعدوانية الوحشية الأمريكية ـ الصهيونية دفاعاً عن كرامة الوطن والمواطن.