بقلم هيئة تحرير «قاسيون» بقلم هيئة تحرير «قاسيون»

صوت المجتمع والشعب والبيان الوزاري

 تترقب أوساط المجتمع السوري أن ترفع الحكومة بيانها الوزاري المنتظر إلى مجلس الشعب، وهي بترقبها هذا تعكس طموح وآمال المجتمع، بأوساطه العريضة، ببيان وزاري على مستوى متطلبات المرحلة واستحقاقاتها.

فالمرحلة الحالية تشهد ازدياد مخاطر العدوان الأمريكي الصهيوني على بلادنا مع ما تحمله من خطر تصفية الاستقلال الوطني، والدولة الوطنية، بل أكثر من ذلك تفكيك بنية البلاد بالمعنى الجغرافي - السياسي إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

فإذا استطاعوا تصفية الاستقلال الوطني في بلد مثل مصر، مضعفين دولتها الوطنية، فإنهم قد وصلوا إلى ذلك عبر الداخل، بالاستناد إلى العملاء ذوي النفوذ من أمثال السادات ومن لف لفه.

و إذا استطاعوا تصفية الاستقلال الوطني في بلد مثل العراق، مزيلين دولتها الوطنية من الوجود فإنهم قد وصلوا إلى ذلك عبر ضربة من الخارج استفادت من كل حماقات وجرائم النظام السابق الذي منع الشعب من الدفاع عن استقلاله الوطني.

ولكن سورية الأبية ليست مصر وليست العراق، فأخذها من أجل تصفية استقلالها الوطني ستكون عملية أكثر صعوبة وتعقيداً، وسيكون ثمنها غالياً جداً بالمقارنة مع ما دفعته الإمبريالية الأمريكية واسرائيل الصهيونية في الحالات السابقة، والأرجح أنهما ستلجأان إلى كل الأساليب سوية التي استخدمت في الحالات السابقة.

من هنا تأتي أهمية أن يكون البيان الوزاري على مستوى تحديات المرحلة، والمطلوب منه أن يوجد الظروف المناسبة كي يتحول كل المجتمع، وكل مواطن إلى مقاوم للعدوان الأمريكي - الاسرائيلي المتوقَع لأن ذلك بحد ذاته عامل كابح للعدوان نفسه.

وإيجاد هذه الظروف يتطلب موقفاً واضحاً وصريحاً في القضايا الداخلية الاقتصادية - الاجتماعية - الديمقراطية، بما يخدم مصلحة النضال من أجل الحفاظ على كرامة الوطن.

فالبيان الوزاري يجب ان يحدد موقفاً واضحاً من النهب الكبير الذي يضر بمصالح البلاد والاقتصاد والعباد. وهذا الموقف لايمكن تحديده دون تحديد آليات النهب الاساسية، وكيفية تكسيرها، من أجل تامين الموارد الضرورية لتطور الاقتصاد الوطني اللاحق، ولتأمين مستوى معيشي لائق لأوسع الجماهير الشعبية. 

لذلك فإن علىالبيان الوزاري أن يحدد الهوة التي يجب ردمها بين الأجور ومستوى الأسعار، مع جدولة زمنية واضحة ومنطقية، تسمح بحل المهمة بأسرع وقت ممكن لها، لتأثير ذلك علىالمناخ السياسي العام بين الجماهير الشعبية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الفارق بين الحد الأدنى لمستوى الأجور ومستوى المعيشة قد بلغ الآن أربعة أضعاف فإننا ندرك مدى خطورة وجدية وراهنية المهمة المطلوب حلها في هذا المجال.

إن كل ذلك سيكتسب مصداقية أكبر إذا ما التزمت الحكومة بنسب نمو عالية للدخل الوطني، لأنه سيؤكد أنها ستبحث عن المصادر الضرورية لذلك، والموجودة فعلاً، ولكنها الآن بين أيدي ناهبي قوت الشعب والاقتصاد الوطني.

إن تحقيق المهام الاقتصادية الاجتماعية الكبرى، لايمكن أن يتم دون أن تُجَّند قوى المجتمع «النظيفة» ضد القوى «غير النظيفة»، والتي تجد في أجزاء هامة من جهاز الدولة مرتعاً لها، مما سيتطلب إطلاق أوسع الحريات السياسية، كي تستخدمها القوى الخيرة والفاعلة في المجتمع، مما سيصلب مناعة الوطن ويرفع قدرة المقاومة عند الجماهير الشعبية بشكل لايمكن فيه ايجاد أي ثغرة يمكن للعدوان أن ينفذ منها. 

 

إن الحكومة الجديدة مدعوة إلى أن تسمع صوت المجتمع والشعب، وان تعبر عنه في بيانها إلى مجلس الشعب، وفي ذلك كله مصلحة الوطن الذي لايمكن الحفاظ على كرامته دون تأمين كرامة المواطن.