خارطة بلا طريق

    مرة أخرى أثبتت الإمبريالية الأمريكية عداءها السافر لحقوق الشعب العربي  الفلسطيني المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. فقد جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إلى الكيان الصهيوني والأراضي الفلسطينية المحتلة، من حيث توقيتها ونتائجها صفعة جديدة لكل المراهنين من العرب على حياد الإمبريالية الأمريكية إزاء الصراع العربي ـ الصهيوني.


جردة حساب بسيطة

تراجع كولن عن تصريحه ـ عشية الزيارة ـ من أن «خريطة الطريق» مطروحة للتنفيذ وليس للتفاوض، إلى القبول برد شارون قبل لقاء باول بأنه يحتفظ لنفسه بنقاش وجهة نظر «إسرائيل» حول ما يسمى بخارطة الطريق مع الرئيس الأمريكي نفسه يوم العشرين من هذا الشهر في واشنطن. ففي مؤتمراته الصحفية التي عقدها مع قادة الكيان الصهيوني تبنى باول الشروط والمطالب الإسرائيلية التالية:

1. على حكومة محمود عباس «القيام بحرب حقيقية ضد الإرهاب الفلسطيني ونزع أسلحة المنظمات الفلسطينية حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية، كتائب الأقصى...».

2. رفض مايطرح من جهود فلسطينية وعربية (مصر) للتوصل «لهدنة» مؤقتة ووقف العمليات الاستشهادية ضد «إسرائيل»، بل المطلوب تفكيك حركات المقاومة ونزع سلاحها ووقف الانتفاضة الفلسطينية.

3. إن إعلان موافقة السلطة الفلسطينية على «خارطة الطريق» كافية لبدء التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي حول تنفيذ بنودها خصوصاً في ظل عدم إلغاء «بند حق العودة» واستمرار العمليات ضد المستوطنات.

4. عدم الإشارة أو الانتقاد من قريب أو بعيد إلى سياسة الاغتيالات وهدم المنازل والحصار والإغلاق وتجريف التربة التي تقوم بها حكومة شارون بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في الضفة والقطاع المحتلين.

5. استمرار الحصار على «الرئيس الأسير» عرفات وعدم التعامل معه والإشادة بمحمود عباس وبعض أعضاء حكومته. وقد عبر باول بصلف غير  مسبوق عندما قال متباهياً أمام شارون: «إننا نقر بأن عرفات مازال هناك، ولكن الولايات المتحدة لن تتعامل معه. إننا نؤمن أن أبو مازن وبعض الرجال الذين جمعهم في حكومته، للعمل في مجالات الأمن والمالية يوفرون لنا قيادة يمكن التعامل معها»!

الدعم «لإسرائيل» والابتسامات للفلسطينيين

بالمقابل لم يتعهد كولن باول ـ إذا استثنينا الابتسامات والعناق الملفت بينه وبين محمد دحلان ـ بتنفيذ أي مطلب فلسطيني حول رفع الحصار ووقف سياسة الإغلاق والحصار وهدم المنازل، بل اعتبر باول أن ماسمعه عن نوايا شارون بتقديم «تسهيلات لحياة الفلسطينيين مشجعاً جدا»! ففي المؤتمر الصحفي المشترك مع محمود عباس شجع باول السلطة الفلسطينية على «بدء الحوار الأمني» مع حكومة شارون وطلب باول من عباس بلغة تهديدية واضحة «أطالبكم بالعمل سريعاً وبشكل حازم لتفكيك البنية التحتية للإرهاب» وبذات الوقت طلب باول من محمود عباس ألا يعرقل الاجتماع مع شارون عشية سفر الأخير إلى واشنطن!!

رد المقاومة جاء سريعاً

بعيداً عن المؤتمرات الصحفية والضغوطات الأمريكية أو القبول بها جاء رد المقاومة الفلسطينية سريعاً بتنفيذ عمليتين فدائيتين عشية وأثناء وجود باول في الكيان الصهيوني. ومن الوجهة السياسية عبرت جميع القيادات السياسية والميدانية الفلسطينية المعارضة عن رفضها وقف الانتفاضة حتى زوال الاحتلال وتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية مهما بلغ ذلك من تضحيات، لأنه لابديل عن خيار المقاومة..!

ومن هنا فلا رهان إلا على الشعب الفلسطيني، لأن الرهان الجديد من قبل البعض على «خارطة الطريق» لن يكون أفضل من الرهان السابق على «اتفاقات أوسلو» المشؤومة، كما أن الرهان على الحياد الأمريكي هو عين الاستسلام والقبول الذليل بضياع السيادة والحقوق الوطنية التي لاتصان إلا بخيار المقاومة الشاملة ضد التحالف الصهيوني ـ الإمبريالي. 

■ حمزة منذر

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.