عام على المؤتمر التاسع
في العشرين من أيلول الماضي مرت الذكرى الأولى لانعقاد المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي السوري. لقد شكل هذا المؤتمر بخطه الذي أقره وبالوثائق التي صدرت عنه، استمراراً لسياسة الحزب التاريخية وتطويراً لها على أرض الواقع الملموس. وبما أنه بعد وضع الخط الصحيح ترتدي قضية تنفيذه أهمية كبرى لا أقل من أهمية صيانة هذا الخط نفسه، فإن هذه القضية كانت الشغل الشاغل للشيوعيين خلال الفترة المنصرمة، وقد برز اتجاهان تجاه تنفيذ سياسة الحزب المقرة:
اتجاه مثلته القيادة المنتخبة، والذي كان يتلخص بمحاولة اغتيال وتصفية النتائج الفكرية والسياسية للمؤتمر التاسع عبر حملة تصفيات واسعة قامت بها هذه القيادة دون سبب مقنع ودون أي شعور بالمسؤولية تجاه الشعب وتجاه الوطن. وقد تحكم بسلوك القيادة، مع الأسف خلال هذه الفترة المصالح الشخصية الأنانية الضيقة التي لم تر أبعد من أنفها، وغابت عنها مصلحة الحزب الآنية والمستقبلية.
وفي مواجهة سلوك القيادة، تصاعدت في الحزب روح المقاومة لابتعادها عن تنفيذ مقررات المؤتمر التاسع ولخروجها عن النظام الداخلي متسترة بحجة أنها القيادة الشرعية المنتخبة، ناسية أن شرعيتها تأتي من شرعية الهيئات الحزبية على مختلف المستويات التي إن نسفتها، فإنما هي تنسف شرعيتها نفسها، وكما أن شرعيتها تأتي من التزامها بخط المؤتمر التاسع ونتائجه، وهي تأتي أيضاً من اعتراف القواعد بها كقيادة حقيقية لها.
وقد تحولت روح المقاومة في القواعد إلى انتفاضة حقيقية أربكت القيادة وأدخلتها في حالة من التخبط سببها الخوف والهلع مما تقترف يداها بحق الحزب.
لقد برهنت تجربة العام المنصرم أن القمع يضطر صاحبه إلى المزيد منه في كل مرة، أي أنه يُدخله في دوامة تكبر وتكبر مع الزمن، ولا مخرج حقيقي منها إلا بالتراجع إلى الوراء. لذلك فإن القيادة الحالية للحزب هي أمام خيارين: إما الاستجابة لصوت العقل والضمير والتراجع عن كل القرارات التصفوية الصادرة بعد 23 أيلول/ 2000 وإما غذ السير أكثر على طريق المزيد من القمع ضد الكوادر وأعضاء الحزب، وهذا القمع لن يجلب لهذه القيادة أكاليل الغار، بل سيهزمها ويلقي بها في طي النسيان في ذاكرة حزبنا وشعبنا.