حول وحدة الشيوعيين السوريين
إن شعار وحدة الشيوعيين السوريين من القاعدة إلى القمة شعار جدي تقتضيه الضرورة، يصعب لأحد أن يرفضه. هذا من حيث الشق الدعائي.
أما من حيث المضمون، فأعتقد أن هذه الوحدة يجب أن تبنى على أرضية برامجية واضحة، وهذا يحتاج إلى نقاش عميق كي تؤدي هذه العملية إلى نتائج إيجابية فيما يتعلق بالحراك السياسي والفكري في البلاد، وإلى دفع الحركة الديمقراطية إلى الأمام.
إن طرح شعار وحدة الشيوعيين دون ملامسة المضمون، أو أرضية هذه الوحدة سياسياً وفكرياً وتنظيمياً لن يقدم شيئا إلى البلاد، ولن يقدم شيئا إلى الشعب السوري كما يتوهم البعض. فعلى أية أرضية فكرية وسياسية وتنظيمية يجب أن تتم هذه الوحدة؟
إذا كانت ستتم على أرضية البرامج السياسية التي طرحتها وتطرحها الأحزاب الشيوعية السورية القائمة حالياً والتي لا تختلف عن بعضها بشيء، فلن تكون هذه الوحدة إلا عبارة عن تجميع لا يستطيع أن يلعب أي دور إلا بمقدار ما تلعبه هذه الأحزاب متفرقة.
أما إذا كانت هذه الوحدة ستتم على أرضية الدراسة والتحليل الحقيقي والفكري للتطور الاقتصادي والاجتماعي للبلد، أي على أرضية تحليل يستند إلى قاعدة معرفية من أجل إعادة الاعتبار إلى المنهج التحليلي الجدلي للواقع.
هكذا يمكن لهذه الوحدة أن تلعب دوراً إيجابياً نهضوياً في المجتمع السوري يعيد الاعتبار لهذه الحركة التي هرمت كثيراً، وأخذت تزداد تآكلاً. وهذا يرتكز إلى العوامل التالية:
1 ــ على النطاق السياسي:
إن إعادة الاعتبار للمنهج الجدلي التحليلي ذي الطابع النقدي يتطلب الانطلاق في السياسة من تحليل الواقع السوري وتطوره الداخلي. فالمسألة الوطنية لا يمكن فصلها عن هذا التطور، ويجب أن تنطلق هذه الحركة في سياستها من الواقع الداخلي هذا. وانطلاقاً من ذلك تتم صياغة المهام المطروحة أمام الحركة في الظرف اللاحق.
2 ــ على النطاق الفكري:
العمل على التخلص من الفكر الأصولي الماركسي، والقطيعة معه، وإعادة الاعتبار للفكر الجدلي الذي يرفض التسليم للحقائق المطلقة، والنظريات المطلقة، ويؤكد على ضرورة تحليل الواقع بحركته المستمرة والدائمة.
3 ــ على النطاق التنظيمي:
في إطار تحديد المهام المطروحة يجب صياغة البنى التنظيمية الملائمة لهذه المهام، ورفض التمترس حول بنى تنظيمية مطلقة غير مرتبطة بالمهام المطروحة.
إن وحدة مبنية بهذا الشكل، وعلى أرضية جديدة لا علاقة لها بالبرامج التي طرحتها الأحزاب الشيوعية القائمة، يمكن أن تعيد الاعتبار للحركة، وقد تتحول إلى حركة ذات طابع مستقبلي. ودون ذلك لا أعتقد أن الوحدة التي يتم الحديث عنها باستمرار، ستعطي أي دفع جديد لها، لأن هذه الأحزاب أصبحت عقبة أمام تطور حركة اليسار السوري ومصالح الجماهير الشعبية والطبقة العاملة. نعم لقد أصابتها الشيخوخة وأحبطها الوهن.