لقاء مع شيوعي قديم
التقيته كان شارد الذهن موزع التفكير بين الهم الشخصي والهم العام. وكنت أعرفه منذ زمن طويل، أي في أواسط القرن الماضي، وكان مبدئياً متحمساً لقضية الكادحين، بادرته بالسؤال عن أحوال الكادحين والحزب الطليعي الذي تغنى به ردحاً من الزمن. تنهد ثم ابتسم وهز رأسه وبعد فترة صمت قصيرة أجاب: «ألم تسمع قول الشاعر. إن الذين مزقوا صفوفنا في لحظة انعطاف ولونوا الشعار والهتاف، طوفانهم نفاق ونارهم شقاق فكيف يا رفاق نتابع المسير في الطريق وهم مصممون أن يكون (نصفه حريق ونصفه غريق) إلى الوراء يرجعون إلى الوراء كأن في عقلوهم بلاء».
■ هل افهم من ذلك أنك تركت الحزب؟
■■ إذا كان الحزب ملكاً لأحد أعضاء القيادة.. فأنا تركت الحزب، لكن الحزب ضرورة موضوعية وهو ملك جميع أعضائه الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم وأنا مستمر في الحزب لأنه جزء من كياني.
■ ألمح لهجة جديدة في خطابك السياسي. هل يفهم من ذلك أنك مع الميثاق؟
■■ لم أكن مع الميثاق ولم أوقع عليه لقناعتي أن الإشكاليات التنظيمية تحل داخل التنظيم والقرار الخاطئ سيسقط مع الزمن.
■ أية إشكاليات تتحدث عنها، في ظل قيادة منطقية تقمع الرأي الآخر؟
■■ الحزب يا صديقي ليس قميصاً يرتديه من يشاء. بل هو مجموعة من المبادئ والأفكار من تسلح بها وعمل على ترجمتها إلى واقع عملي ملموس، كان هو الحزب. ومن تخلى عنها فالحزب منه براء.
أنت تعلم أنني كنت سكرتير فرعية المدينة، وعملت جاهداً على احترام الرأي والرأي الآخر. وفي ظل هذا المناخ نمت الفرعية وترعرعت تنظيمياً، ,استطاعت التوسع بين النساء. وشكلت فرعاً لرابطة النساء السوريات في السويداء. وحاولت إصدار جريدة محلية تعالج قضايا الكادحين في المدينة، وأعدت العدد الأول بعنوان (الصوت الشيوعي). إلا أن قيادة المنطقية حين ذاك لم يعجبها ذلك وأصدرت قراراً تعسفياً بإقصائي وتعيين أحد أعضائها وتابعت الالتزام لقناعتي أن المؤتمر القادم سيضع حداً لهذه المهزلة. وجاء المؤتمر الفرعي ليضع النقاط على الحروف، ويقول كلمة الفصل ويسقط من أخطأ في عمله التنظيمي من أعضاء اللجنة المنطقية. وللأسف اعتبرت قيادة الحزب أن نتائج المؤتمر غير مرضية وإرادة المؤتمرين أسقطت الموالين لها.
■ كيف عرفت أن رأي القيادة على هذا النحو؟
■■ المماطلة بعقد المؤتمر المنطقي وتصريح سكرتير المنطقية حين ذاك (لن نعقد المؤتمر المنطقي حتى نضمن نجاحنا). وعملت اللجنة المنطقية بروح تكتلية واضحة بعيدة كل البعد عن كل مبادئ التنظيم وجاء المؤتمر المنطقي ليكشف المستور من خلال ترشيحات القيادة لأزلامها وتزكيتهم والدعاية لهم. ورشحت نفسي لقناعتي بأنني أمتلك القدرات المفيدة لتطوير عمل الحزب ورغم التصريحات المعادية لي وتعبئة القيادة من خلال تجنيد أذنابها لنشر الأكاذيب عني فقد حصلت على كامل أصوات مندوبي فرعية المدينة ولم أفز بعضوية اللجنة المنطقية بفارق صوت واحد. وبكل مبدئية تابعت الالتزام وعملت في فرقة أحد أعضائها عضو سابق في اللجنة المنطقية السابقة ممن سقطوا في الانتخابات أثناء المؤتمر الفرعي ولم يحصل على عضوية المؤتمر المنطقي حيث حضره بصفة مراقب ومع هذا رشحته اللجنة الفرعية بتوجيه من المنطقية ليشغل سكرتيراً للفرقة وترشحت ضده وفزت ولم يحصل إلا على صوته. وكانت من نتائج ذلك أنه قاطع العمل التنظيمي حتى اتخذت اللجنة المنطقية قراراً بضمه إلى اللجنة الفرعية عضواً سادساً. واحتجت الفرقة وطالبت بعقد اجتماع كادر لبحث التصرفات الخاطئة ومحاسبة من فبرك القرار.
■ ما هو رد القيادة على احتجاجكم؟
■■ الرد كان غير مقنع حيث اعتبرت قرارها مستنداً إلى النظام الداخلي وكان من نتائج ذلك ترك بعض الأعضاء التنظيم ووضعت بصلة فردية محروماً من لقاءات الكادر حتى لا يتم فضح النهج التنظيمي الخاطئ وتابعت الالتزام على أمل أن تعيد القيادة النظر بتصرفاتها وعلمت فيما بعد تم إبعاد أحد أعضاء اللجنة المنطقية، وانتظرت ترميم المنطقية بي لأنني المرشح لها بصفتي عضو المؤتمر المنطقي وحاصل على أعلى الأصوات بعد الناجحين ولكن فوجئت بتعيين من سقط في المؤتمر الفرعي ولم يحصل على عضوية المؤتمر المنطقي ولم يفز بمهمة سكرتير فرقة وحين الاحتجاج كان الجواب للقيادة مسوغاتها وهل تستند على النظام الداخلي وكأن النظام الداخلي يطبق حسب مزاجية القيادة وعلى مقاس أزلامها وسألت عن الذنب الذي اقترفه عضو المنطقية المبعد فكان الجواب لحضوره ندوات سياسية تدعو لها لجنة المبادرة لوحدة الشيوعيين في المحافظة وأضاف سكرتير المنطقية سيتم فصل كل رفيق يحضر مثل هذه الندوات. مع العلم يوجد عضو منطقية آخر يحضر مثل هذه اللقاءات ولم يفصل.
■ ما رأيك بلجنة المبادرة من أجل وحدة الشيوعيين في المحافظة؟
■■ الفكرة رائعة إذا استطاعت اللجنة أن تحقق خطوات عملية لأن الرفاق لم يعد لديهم الثقة بالكلمة التي لا تنفذ.
■ ماذا تقترح؟
■■ أن تضع هذه اللجنة برنامج عمل واضح لها يحقق الغاية من وجودها وأن تشكل لجاناً فرعيةً لها تساعدها في تنفيذ البرنامج وأن تصدر جريدة محلية مفتوحة للرأي وللرأي الآخر في مواضيع حوارية واضحة اجتماعية وسياسية.
■ السويداء ـ مراسل «قاسيون»