الحل السياسي: الثابت والمتغير
جاءت حالة السكون الراهنة في المشهد الدبلوماسي المتعلق بالحل السياسي للأزمة السورية، والتراشق الإعلامي الروسي - الأمريكي، فرصة ذهبية للعديد من متشددي أطراف الصراع بالعودة إلى خطاب «الحسم» و «الاسقاط» مرة أخرى، و الإسراع في قراءة الفاتحة على نعش الحل السياسي..
أولاً: إن الصراع الإعلامي – والدبلوماسي الأمريكي يجري على قاعدة الحل السياسي، وضمن تأكيد كل طرف على أن الطرف الآخر هو الذي يتحمل مسؤولية «الفشل»، وإن كان النفاق الأمريكي ظاهراً وجلياً في هذا السياق، إلّا أنها لم تتجرأ حتى الآن على التنصل العلني من الحل السياسي كحل وحيد.
ثانياً: إن الحل السياسي ليس مجرد رغبة لدى هذا الطرف أو ذاك من عدمها، بل هو حاجة موضوعية ، وتعبير عن توازن قوى، لن تنجح كل البروباغندا الإعلامية في إلغائه، وكما أن الحل السياسي هو المعادل الموضوعي الوحيد لبقاء سورية كوحدة جغرافية سياسية، فإن المعنى الوحيد لاستمرار الحرب هو تفكك سورية، الأمر الذي يسقط موضوعياً مبررات وجود نظام أو معارضة في سورية.
ثالثاً: إن محاربة الإرهاب، والحل السياسي أمران متلازمان، متكاملان، لا يمكن إنجاز أحدهما دون الآخر، ومعيار المصداقية في العمل من أجل أحدهما، هو العمل من أجل الآخر، حيث لا يمكن القضاء على الإرهاب دون الحل السياسي، ولا يمكن إنجاز الحل السياسي دون الحرب على الإرهاب.
رابعاً: إن تخبط قوى الحرب في الإدارة الامريكية، وأتباعها هنا وهناك، وحالة الفصام السياسي، والتناقض المتكرر بين الأقوال والأفعال، يؤكد بما لا يترك مجالاً للشك، بأنها هذه القوى في حال لا يحسد عليه، حتى وإن كانت قد حسمت أمرها باللجوء إلى خيار الحرب كخيار مجنون، يمكن أن يستنهض ضدها القوى الحية في العالم كله، وبالتالي تعمق مأزقها وتدفع المزيد من الأثمان.
خامساً: إن خيار الحل السياسي خيار ثابت، بحكم ثبات وتقدم حوامله السياسية الدولية، والسورية، والشيء الوحيد الذي من الممكن أن يتغير في هذا المجال هو أدواته، وطريقته، والمساهمين في إنجازه.