روسيا ترمي القفاز في وجهنا: تحملوا مسؤولياتكم!
ترتفع حدة التصعيد الأمريكي- الإعلامي والدبلوماسي- وعلى الأصعدة المختلفة في وجه موسكو. ومن بين أدوات هذا التصعيد، تبرز الآراء الجديدة للمحللين والعسكريين السابقين في «وكالة الاستخبارات المركزية»، كواحدة من وسائل الضغط والتهويل حول إمكانية قيام صدام عسكري روسي أمريكي واسع النطاق.
من بين هذه «الآراء»، تستعرض «قاسيون» فيما يلي، بعضاً مما جاء في مقال نشر مؤخراً للضابط السابق في الجيش الأمريكي، راي ماكغفرن، على صفحات موقع «counterpunch»، الأمريكي:
خلال عهد الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، كنتُ واحداً من محللي وكالة الاستخبارات المركزية المتخصصين في تقديم الموجز الرئيسي اليومي إلى المسؤولين في البيت الأبيض، هذا الموجز الذي كان يلخص وجهة نظر وكالة الاستخبارات المركزية حول القضايا الأكثر إلحاحاً للأمن القومي.
لو كنتُ ما أزال في تلك الوظيفة، أخشى أنه كان لزاماً عليّ أن أقدّم أخباراً خطيرة حول افتراض إمكانية حدوث صدام عسكري بين الولايات المتحدة وروسيا.
في السادس من الشهر الجاري، حذّر المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيجور كوناشنكوف، حول أن روسيا مستعدة لإسقاط طائرات مجهولة الهوية- بما في ذلك أية طائرات من طراز «الشبح»- من شأنها أن تقوم بعمليات قصف فوق سورية. إنه تحذير- أعتقد من وجهة نظري كمحلل استراتيجي- أننا يجب أن نأخذه على محمل كبير من الجد.
صحيح أن الخبراء الأمريكيين يختلفون حول ما إذا كانت أنظمة الدفاع الجوي الموجودة في سورية قادرة بالفعل على إسقاط طائرات «الشبح» الأمريكية، لكنه سيكون من الخطأ استبعاد هذا التحذير، ومن الخطأ تجريب روسيا في مثل هذا الأمر. ولنتذكر كلام كوناشنكوف عن أن الدفاع الجوي الروسي «لن يكون لديه الوقت لتحديد هوية ومنشأ الطائرات التي توجه ضربات فوق سورية».
بعبارة أخرى، من المحتمل للطائرات الأمريكية التي كانت تعمل في الأجواء السورية، دون موافقة حكومة البلاد، أن تكون عرضة لهجمات روسية (دون حاجة روسية لتحذير مسبق)، وإذا حدث هذا الأمر، فمع الأسف، لن يكون خطاً روسيا.W
أما عن المفاوضات السورية للتسوية السياسية والحل السلمي، فقد كان من اللافت من وجهة نظري، حديث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم الأحد الماضي، في مقابلة مطولة مع القناة الروسية الأولى (جديرة بالمتابعة الجدية من قبل المهتمين بشأن الصراع الروسي الأمريكي)، فقد أنهى لافروف حديثه عن جهود روسيا للتسوية السياسية في سورية بالقول إن «الدبلوماسية لديها العديد من الأدوات المساعدة لتحقيق هذا الهدف (الحل السياسي في سورية)، ومنها الجيش والبحرية وقوات الفضاء الروسية».
الأهم من ذلك كله، أن التعاون العسكري بين روسيا والصين يشهد تقارباً غير مسبوق، وإذا وجدت روسيا نفسها في مواجهة تصعيد كبير في العمليات الحربية في الشرق الأوسط و/أو أوروبا، فعلينا الاعتقاد أن المشاكل قد لا تقف عند حدود الصراع الأمريكي الروسي. يجب على الولايات المتحدة أن تتوقع تلويحاً صينياً جدياً بالسلاح في بحر الصين الجنوبي، حيث سئمت الصين من تحركاتنا هناك.
هذه الإشارات كلها تدلّ على أن أياماً خطيرة جداً قادمة على الولايات المتحدة الأمريكية، فرغم المناقشات التي تبدو للوهلة الأولى أنها ذكية ومسيطرة على الوضع في وسائل الإعلام الأمريكية، إلا أنه هناك شعور عام بالسقوط نحو الهاوية.
*راي ماكغفرن: ضابط في الجيش الأمريكي، ومحلل في وكالة الاستخبارات المركزية CIA لمدة 30 عاماً، وأحد المساهمين في كتاب «الميؤوس منه: باراك أوباما وسياسة الوهم».