الافتتاحية انتخابات مجلس الشعب... هل هي حدث هام؟!
هي ستكون كذلك بقدر حجم المشاركة الشعبية الحقيقية فيها....
إذا انطلقنا من أرقام المشاركة في انتخابات الدورات السابقة، فلا يمكن القول إنها حدث سياسي هام، نتيجة ابتعاد الجماهير التدريجي عن المشاركة فيها منذ عقود بسبب قناعتها أن النتائج مقررة مسبقاً، وأن عملية التصويت فيها لا تؤخر ولا تقدم وهي محسومة سلفاً. وبغض النظر عن صحة هذا المزاج الشعبي ــ وهو صحيح إلى حد كبير جداًــ فالنتائج كان يقررها وبشكل مسبق قوتان: جهاز الدولة، وقوى السوق الكبرى، واليوم مع ازدياد المخاطر على سورية وفيها، ترتدي أهمية كبيرة قضية الإسراع بتوسيع المشاركة الجماهيرية في الحياة السياسية، مما سيرفع درجة المناعة والصلابة في مواجهة المخططات المختلفة الأنواع التي يحيكها العدو الأمريكي ــ الصهيوني.
من الواضح لدينا أن القانون الانتخابي الحالي من حيث بنيته غير قادر على إحداث أي انعطاف جذري في تنشيط الحياة السياسية في البلاد، ولكن يمكن- رغم ذلك - إذا توفرت الإرادة بالحد من سلطة المال,ومن سلطة جهاز الدولة في العملية الانتخابية الوصول إلى حد أعلى من المشاركة الشعبية ضمن سقف هذا الشكل الانتخابي الذي يتضمن الكثير من الثغرات والنواقص. وإنتاج مجلس تشريعي مهمته مراقبة ومحاسبة جهاز الدولة ضمن إطار الدستور السوري المعمول به.
فسلطة المال الكبير إذا استطاعت إيصال ممثليها بكثافة إلى المجلس التشريعي القادم، ستستطيع تهيئة ظروف مناسبة لاستيلائها النهائي على القرار السياسي الوطني، مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر نتيجة تشابك مصالح الرأسمال المالي المحلي مع الرأسمال المالي المعولم.
أما جهاز الدولة وإذا ما استمر بممارسة ضغوطاته لإيصال مرشحيه - كما كان يفعل سابقاً,سيساهم بإنتاج مجلس تشريعي لا حول ولا قوة له، وسيخرج نفسه بالتالي من دائرة المراقبة الفعالة للمجتمع عليه, ومن تهديد المحاسبة إذا أساء استخدام سلطته بقصد أو بغير قصد.
إن الوقوف بوجه هذه المخاطر يتطلب:
ــ تفعيل ما أقره مجلس الشعب مؤخراً بخصوص تمويل الحملة الانتخابية، واعتبار سقف الدعاية الانتخابية التي أقرها بثلاثة ملايين ل.س، هو سقف للإنفاق الانتخابي كله، مما سيقطع الطريق على أي تمويل خارجي.
ــ منع جهاز الدولة من التلاعب بنتائج التصويت خلال عملية التصويت نفسها، وكذلك أثناء عملية الفرز وجمع الأصوات.
ــ منع التصويت ببطاقة الغير وخاصة أن متعهدي الانتخابات بدؤوا بجمع وبيع آلاف البطاقات الانتخابية منذ الآن.
ــ تمديد اليوم الانتخابي والحؤول دون تمديده إلى يوم ثان لمنع التلاعب بالصناديق ليلاً في الفترة الفاصلة بين اليومين الانتخابيين.
ــ تشجيع المستقلين على مستوى البلاد لتكوين قوائم مشتركة تتنافس مع القوائم الأخرى.
ــ عدم الركون إلى أن قوائم الجبهة قوائم ناجحة مسبقاً، مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر وضع مرشحين فيها دون كفاءات وغير معروفين في الوسط الاجتماعي.
وبالنتيجة فإن مقياس نجاح انتخابات المجلس التشريعي سيكون ليس بنجاح قوائم الجبهة، بقدر ما سيكون بحجم المشاركة الشعبية الحقيقية بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، ونجاح عدد كبير من المستقلين الوطنيين غير المدعومين من قوى السوق الكبرى، ومن جهاز الدولة، وفي ذلك ضمانة لتعزيز كرامة الوطن والمواطن.