فتح الإسلام أو أكاذيب الحكومة اللبنانية غير الشرعية

(ارتباطاً بالمواجهات الأخيرة في شمال لبنان) هنالك عدة أسئلة تطرح نفسها، ومن بينها تلك التي طرحت في جلسة مجلس الوزراء الموسع التي انعقدت يوم الاثنين في بيروت: سأل قائد الجيش المسؤول عن الأمن الداخلي لماذا لم يحط الجيش علماً بالعملية الأمنية الجارية في طرابلس. لقد بوغت الجيش، مما ضاعف الخسائر. كيف يمكن أن تتدهور عملية أمنية مرتبطة بسرقة مصرف إلى قصف مخيمٍ فلسطيني؟

لقد سارعت الحكومة اللبنانية والناطقون باسمها لاتهام سورية، معتبرين أنّ فتح الإسلام منظمة شكلتها الأجهزة الأمنية السورية، وقائلين بأنّ هدف سورية هو إعاقة المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. منذ أكثر من عام، لا تقدم هذه المجموعة أي تفسيرٍ آخر حول ما يجري في البلاد. إنّ لغةً متحجرةً كهذه يمكن أن تتعب العالم كله، لكن يبدو أنّها لا تتعب المسؤولين في الحكومة اللبنانية غير الشرعية ولا المدافعين عنها.

لكن أولئك الذين يعرفون الوضع في المخيمات الفلسطينية في الشمال ولاسيما مخيم نهر البارد يعرفون تماماً أنّ الحكومة اللبنانية تكذب: إنها تكذب بصدد فتح الإسلام، وهي تكذب بصدد العملية التي أطلقتها، كما تكذب بصدد الأسباب الحقيقية لهذه المواجهات.

فتح الإسلام ليست منظمةً فلسطينية. لقد تشكلت بدايةً من انشقاقٍ لانشقاقٍ مناصر لسورية داخل فتح، لكن فلسطيني نهر البارد يعرفون ممن تتشكل هذه المجموعة: من لبنانيين بصورة خاصة، وكذلك من عدة جنسيات عربية، سعوديون وجزائريون ومغاربة وأردنيون ويمينيون ومصريون.

أما تمويل المجموعة، فيعرف فلسطينيو لبنان بأنّ الحريري الابن نفسه أو مستشاروه الحاقدون هم الذين مولوا هذه المجموعة حتى وقتٍ قريب، وذلك انطلاقاً من اعتبارين: الحد من الاهتمام بحزب الله في المخيمات الفلسطينية، وهو اهتمامٌ تستعيده مختلف المنظمات الفلسطينية، وذلك بإيجاد مجموعة «سنية»، ذات خطاب ديني لتنافس أيضاً حماس والجهاد الإسلامي، ومن جهةٍ أخرى تشكيلها لتكون رأس حربة حرب اقتتال (طائفي) بين الأخوة.

إذا كانت الحكومة اللبنانية قد قررت بدء هذه العملية، دافعةً الجيش الذي بوغت إلى التدخل، فذلك أولاً لإخفاء القتلة الحقيقيين الذين يعيثون في لبنان فساداً والذين يرتكبون اعتداءاتٍ منذ عدة أشهر، (..) وفجأةً، يجري إلصاق كافة الجرائم بفتح الإسلام، (..) دون تقديم أي دليل. في الاتهام مريحٌ للجميع.

اليوم، تتحدث المجموعات اللبنانية الموجودة في الحكومة وتطالب بالتصعيد، لكن التصعيد ضد من؟ إنها تتحدث عن فتح الإسلام، وتطرح في الآن نفسه مسألة التسلح في المخيمات الفلسطينية. وهنا بالذات يأتي دور الأمريكي ويلش.

تطالب الحكومة اللبنانية والمجموعات الداعمة لها المنظمات الفلسطينية باتخاذ موقفٍ واضح من فتح الإسلام، في حين أنها ليست مجموعةً فلسطينية. الحكومة اللبنانية تطلب أن تواجه المنظمات الفلسطينية بنفسها هذه المجموعة قبل توقيف القصف، أي أن تجري المواجهات داخل المخيم وليس بين الجيش ومجموعة فتح الإسلام.

(..) مرةً أخرى، يقع فلسطينيو لبنان ضحية خطةٍ إجرامية، تنفذها الحكومة غير الشرعية في لبنان التي ورطت الجيش اللبناني. في الحقيقة، استخدمت أجهزة لبنانية مجموعة فتح الإسلام، المعزولة تماماً عن فلسطينيي نهر البارد، وتلاعبت بها لتصفية حساباتٍ لبنانية لبنانية.

على الرغم من أنّ المنظمات الفلسطينية الموجودة في لبنان قد أدانت بوضوح فتح الإسلام وأفعالها، وعلى الرغم من إدانتها الصريحة لقتل جنود الجيش اللبناني، فهي لا تستطيع مواصلة دعم تصرفات هذا الجيش ولا هذه الحكومة، إذ لم يعد الأمر دفاعاً عن الذات، بل تنفيذاً لخطةٍ تهدف إلى تصفية تواجدها والقضية الفلسطينية في لبنان.

لقد أدان حزب الله وأحزاب المعارضة منذ البداية توريط الجيش اللبناني في هذه المواجهة. وهي تحاول، مع المنظمات الفلسطينية، وضع حدٍّ لهذه الحرب المشينة. هذا الموقف، الوطني والحكيم، لأحزاب المعارضة هو الذي يحاول مسؤولو الحكومة غير الشرعية التشكيك فيه حين يحاولون البرهان على أنه اعترافٌ ضمني بدور سورية. ها نحن مجدداً أمام اللغة المتحجرة.

■  ريم الخطيب

موقع الأفق بالفرنسية

ترجمة قاسيون- عرض بتصرف

آخر تعديل على السبت, 17 أيلول/سبتمبر 2016 13:44