ميخائيل بطرس (أبو خليل) ميخائيل بطرس (أبو خليل)

روحي وجسدي قرباناً لكم يا من تعملون لوحدة الشيوعيّين

لقد قرأت المداخلات والتقارير التي وردت في الاجتماع الوطني السابق، وأثني على ما قرأت وأهديه كلماتي هذه..

إلى الذين يسعون بشرف وصدق وإخلاص لوحدة جميع الشيوعيين أقول: لا تتكلموا عن أي عمل، بل اصنعوه، اعملوه، مارسوه..

لا تتمترسوا أيها الرفاق كثيراً حول خنادقكم، فالعدو في أنفسكم أكثر منه خارجكم، لا تنسجوا الإشاعات بعضكم ضد بعض، فأنتم تخربون البيت الذي بنيتموه بعرقكم وكدكم، ارجعوا لضمائركم قبل النوم، وأعيدوا ماضيكم، وانتقدوا أنفسكم وحاسبوها بصدق وشرف الشيوعي، ستجدون الحقيقة واضحة كالشمس. الانهيار يجرفنا جميعاً نحو الموت، إذا حافظنا على هذه العقلية ولم نفهم ما جرى حولنا، وما جرى في العالم من تغيرات.

نحن نعيش الآن في عالم متغير وعلينا أن نفهم تغيرات هذا العالم الواسع.

ثورة أكتوبر فتحت الطريق لجميع الشعوب باتجاه الحد من الطبيعة المتوحشة لآليات الرأسمالية، وحققت هذه الثورة الكثير لجميع الشعوب، لكن الجمود الذي أصاب الفكر الماركسي والصيغة المحقة من الاشتراكية، قد خسرت الرهان والسباق أمام النظام الرأسمالي، وكشفت عن خلل كبير جعلها غير قابلة للاستمرار بالعقل الماضي والفهم الماضي.

إن البيروسترويكا وبالرغم من اختلاف الآراء حولها، قد كشفت الواقع المرير والمؤلم، لكنها لم تضع البديل، وانهارت ثورة أكتوبر ومعها كل المعسكر الاشتراكي وحركات التحرر في العالم، وحصلت الثورة المضادة وانتصر العدو الطبقي مرحلياً من الداخل أولاً، ومن الخارج ثانياً.

إن الخطر الرئيسي على كل ثورة ومنها الاشتراكية، هو العدو الموجود في صفوفها، وإذا لم تنشأ الظروف الداخلية الملائمة فلن تستطيع العوامل الخارجية التأثير عليها.

وعلى جميع الشيوعيين لأجل الوحدة أن يتحدثوا عن نقاط ضعفهم ويتجاوزوا الأخطاء ويتعلموا منها.

إن النقد الذاتي القاسي والذي يمضي من الصميم إلى الصميم هو الذي يشكل النور الحي والهواء النقي للحركة العمالية الثورية.

إن الاعتراف بالحقيقة أمام الرفاق هو استمرار العملية الثورية، وإلا فالسقوط قريب وقريب جداً.

الماركسية لا تتحمل مسؤولية ما جرى في الاتحاد السوفييتي، يتحمل ذلك الشيوعيون جميعاً.

نحن الآن في قبضة قوى اقتصادية عالمية ضخمة غاشمة عمياء لا تعرف الخير من الشر ولا شرفاً ولا ضميراً ولا رقابة ديمقراطية، فعلينا الآن الاتحاد والتعاون واحترام الآخر، لنبحث عن العدالة في نظام عالمي جديد.

الاشتراكية هي الهدف من خلال العمل الجماعي والخير للشعوب واحترام الرأي والرأي الآخر.

أتكون شيوعياً بالتحدث يومياً عن الأممية وعن العالم والدفاع عن كرامة البشرية والسلام العالمي ومساعدة الشعوب، وأنت في حقيقتك عاجز في أرضك ووطنك عن محبة رفيقك الذي يبعد عنك عدة أمتار، وتعجز عن زيارته وعن استقباله والتفاهم معه.

أنت ترفض مساعدة رفيقك، رفيق نضالك في الحزب وترميه بالإشاعات الكاذبة.

هل من المعقول أن يحب الإنسان وطنه ويناضل لبناء مجتمع سعيد، ويكره رفاقه المناضلين ويحاربهم حتى في لقمة عيشهم؟

كاذب من يحب الله ولا يحب الآخرين.. كاذب من يحب وطنه ويكره أبناءه..كاذب من يحب الشيوعية ويكره الشيوعيين..

إن الشرفاء الصادقين يعيشون الحب والصدق ويعملون سوية لوحدة جميع الشيوعيين دون استثناء..

إن الذي سقط في الاشتراكية هو نموذج نظام، نموذج سلطة، نموذج أغلاط، والاشتراكية لا تتحمل ما جرى في المعسكر الاشتراكي، ويتحمله البيروقراطيون الثرثارون العملاء الانتهازيون الفرديون والأمناء العامون، الذين لا يتركون مناصبهم حتى يموتوا، وكذلك حافظو الجمل الثورية، الذين يقولون ما لا يفعلون، والذين ينطبق عليهم قول القرآن الكريم ـ كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ـ

آه أيها الرفاق:

لقد قستم الحزب وشغلتم الحزب بمعارك هامشية منذ المؤتمر الثالث وحتى الآن، وأنتم تتحدثون فكرياً تنظيمياً وسياسياً، لكن واقع الخلاف كان في الذات.. في الأنا، وهو السبب الرئيسي في كل ما حدث في الحزب.

سنين طويلة انشغلنا بكلمات فارغة، هناك أزمة صعوبات في حركة التحرر، أزمة أم صعوبات أو صعوبات أم أزمة، ثرثرات فارغة هذا جيد، هذا سيء.

كفى ثرثرة يا رفاقنا.. كفى، مهازل وجملاً منمقة وشتائم. لقد طال الوقت، وعلينا الآن أن نكون جادين في حب الوطن والحزب ولم شملنا والعمل سوية، ولنتعلم مما قال ماركس:

إن الإنسان قبل تشكيل الأحزاب، وقبل أن يعمل بالسياسة، بحاجة إلى المأكل والملبس والمسكن.. ونضيف على ماركس وعذراً من الجميع القضية الاجتماعية ـ الكرامة ـ الحرية ـ الديمقراطية.

فلنعمل جميعاً رغم تباين آرائنا على النضال في سبيل إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وإيجاد صيغة صحيحة لتطوير الجبهة الوطنية التقدمية فعلاً لا قولاً، والعمل بجد لمكافحة البطالة وإيجاد عمل لجميع الناس ومحاربة الرشوة والمحسوبية والهدر ومحاسبة اللصوص  والمهربين، وتأمين كرامة المواطنين في عيشهم وحياتهم. ولنكن جميعاً في خط واحد هو تدعيم الخط الوطني في سورية ضد أطماع الولايات المتحدة والصهيونية وعملائهما.

استحلفكم يا رفاق بكل القيم التي عملتم لها، ناضلوا لوحدة الشيوعيين في حزب واحد واتركوا الانقسامات الذاتية.. باسم الشهداء الذين سقطوا لأجل الحزب، والرفاق الذين تركوا الحزب أو أجبروا على الترك، الأحياء منهم والأموات: عبد المعين ملوحي، الياس مرقص، حنا مينا، رياض الترك، نجاة قصاب حسن، وغيرهم.. وغيرهم.

المعركة كبيرة يا رفاق، والوطن بخطر سياسي اقتصادي اجتماعي..

الشيوعيون جميعاً في سورية من شجرة عالمية باسقة كثيرة الأغصان والأوراق، ولكن جذورها واحدة، مربوطة بالأرض، والشعب، والكادحين.

أذكركم بما قاله الشيوعي الأمريكي غيس هول:

أيها الرفاق من البلدان التي يوجد فيها أكثر من حزب شيوعي ومن أجل تركيز كل قواتنا في النضال من أجل إنقاذ البشرية، من أجل وحدة الطبقة العاملة، وباسم تطور البشرية، ألقوا كل الذاتيات، أوجدوا ما هو مشترك، ووحدوا وجهات النظر المختلفة، وتوحدوا لأن الانقسامات عندكم، تضعف النضال ضد الامبريالية الأمريكية.

ومرة أخرى أقول إن من أهم ضرورات وقتنا الحاضر الوحدة في النضال، الوحدة في الإرادة...

إن النظرية الماركسية ما شاخت، إن الذين شاخوا هم من يدعون حملها قولاً ويحرفونها ويحاربونها فعلاً...

أيها الرفاق علينا جميعاً أن نحمل هموم شعبنا ووطننا وحزبنا وهموم بعضنا البعض، فالحزب بكل فصائله يعيش مخاضاً صعباً في هذا الزمن الصعب، والحزب يسير نحو الوراء لا نحو الأمام، علينا أن نتعلم الحوار، تعالوا جميعاً للحوار والحب وارفضوا التخاصم، فعقلية التخاصم ترفض الحوار والتلاحم والمصلحة العامة، وتمثل الاستبداد في الرأي وتدمير الآخر، ويعني ذلك تشييد الذات القاتل للحزب.

الصراعات كبيرة والعقبات أكبر، الحزب يجب أن يكون للجميع، لكل الرفاق، مهما تنوعت الآراء ما دام الرأي يصب لصالح الحزب، الوطن، الشعب، والمستقبل الأممي، حيث مجتمع ينتفي فيه استغلال الإنسان للإنسان، دستوره العدالة والرفاه.

من أجل وحدة الشيوعيين يجب أن تتعامل كل الأطراف، كل الرفاق، بالحقوق نفسها، بغض النظر عن العدد.. يجب التساوي في الحقوق وفي الواجبات، والعلاقة بين الرفاق يجب أن تقوم على أسس مبدئية وليس على أساس المحسوبيات الشخصية أو القرابة أو الطائفة أو القومية.

إن نقد الذات عامل مهم في وحدة جميع الشيوعيين، حيث هذه الوحدة ستساهم في تعميق وتشديد النضال في سبيل الديمقراطية وفي سبيل الدفاع عن قضايا ومطالب الجماهير الكادحة، وإذا لم نعرف نحن الشيوعيين أن نمارس الديمقراطية في حياتنا الداخلية والحزبية، فكيف نستطيع ونصر أن نطالب بها.

إن الماركسية هي النظرية الأكثر صحة وصواباً حتى هذه اللحظة، وإن الاشتراكية هي العدالة وكرامة الإنسان، والرأسمالية لن تكون البديل للشعوب مهما تزينت وحاولت حل تناقضاتها.

عاشت الماركسية اللينينية بروح عصرية، عاش حزبنا الشيوعي السوري بجميع فصائله.

أحبكم وروحي وجسدي قرباناً لكم يا من تعملون لوحدة الشيوعيين.

■ ميخائيل بطرس:

 معلم متقاعد ـ مواليد حماة 1937 ـ شيوعي قديم.

آخر تعديل على الثلاثاء, 22 تشرين2/نوفمبر 2016 11:10