«البيئة».. والاستثمارات.. والتفاؤل!

بدا النائب الاقتصادي السيد عبد الدردري، مبتهجاً ومتحمساً عندما افتتح في العاشر من الشهر الجاري النافذة الواحدة لهيئة الاستثمار السورية في محافظة حماة، كونه كان يحمل أخباراً سارّة جداً جداً للمواطن السوري الذي لم يعد هناك ما يجعله مبتهجاً بسبب ميله التاريخي للكآبة!..

النائب الاقتصادي بشّر السوريين دون أن يستبشروا، بضرورة تفريغ المدن من النشاطات الصناعية المتنوعة، تحت حجة تلويثها للبيئة، فاتحاً للمستثمرين الباب على مصراعيه لتقديم الأوراق المطلوبة للاستثمار في مواقع هذه المنشآت، وبالتالي تغيير ملكية هذه المواقع داخل المدن السورية من وزارة الصناعة إلى مجالس المدن، ليؤكد بعدها أن مجلس الوزراء سيصدر  القرارات الموجبة لتغيير الصفات العمرانية لتلك المناطق، مبرراً هذا الموقف «البيئي» و«الإنساني» بأن القيادة السورية قد فتحت أبواب العالم على سورية، من خلال الزيارات المتواصلة لبلدنا – الممانع، لكي لا ينسى هو وغيره-، التي قام بها المستثمرون والوفود الاقتصادية، مؤكداً أن الاقتصاد السوري مازال قوياً ومتنوعاً، وقادراً على الوقوف على قدميه، وجلب الاستثمارات في ظل الأزمة المالية العالمية التي لن تمنع كبرى الشركات الاستثمارية العالمية من الاستثمار في سورية، وخاصةً في مجال تصنيع المواد الغذائية والسياحة الصحية.

لاشك أن أي عاقل سيقرأ هذا التصريح الذي أدلى به النائب الاقتصادي، سيدرك أنه يخفي الكثير من النوايا المبطنة، وأول ما يلفت الانتباه فيه هو الدوافع، فطالما أن الدافع الحقيقي (المعلن) لهذا الإجراء (التهجيري)، هو الحرص على البيئة، فلماذا ستستبدل المنشآت الصناعية الوطنية بمنشآت أجنبية مماثلة، قد تكون أكثر تلويثاً، ولم يجر التفكير في تحويلها إلى حدائق أو ملاعب أو منتزهات بيئية؟

من جهة أخرى، يجب أن تدرك الحكومة أنها حين تتحدث عن السياحة (الصحية)، فإننا لا نفهم قصدها.. هل تقصد إقامة مشافي خمس نجوم أو سبع نجوم؟ ولمن؟ أم لعلها تقصد إقامة المنتجعات الترفيهية لأصحاب الشهوات والنزوات من أرباب المال والأعمال؟ ولماذا يحدث كل ذلك في وقت تتم فيه خصخصة القطاع الصحي بالتدريج؟

هلاّ أخبرتنا الحكومة والناطقون باسم توجهاتها الاقتصادية ما تعنيه بالضبط؟

وإذا كانت سورية، حسب التصريح السابق نفسه، من الدول القليلة في المنطقة التي  تمتلك اقتصاداً متكاملاً يشمل كل القطاعات (الزراعي والصناعي والتجاري والخدمي)، فلماذا تلهث خلف تلك الاستثمارات الوافدة التي ذكرها النائب؟! ولماذا يتم فتح باب الاقتراض أمام المستثمرين العرب والأجانب وإغلاقه في وجه المستثمرين المحليين؟ وما عدد الصناعيين الصغار والمتوسطين الذين سيتضررون من هذه العملية التي تفتقت عنها عبقرية النائب الاقتصادي العتيد، وإلى أين سيتم ترحيلهم؟

هي ولاشك أسئلة، لا تبعث الأجوبة عليها على التفاؤل!!

آخر تعديل على الخميس, 18 آب/أغسطس 2016 21:40