الانتفاع صار تملكاً...مع وقف التنفيذ!!
بعد أربعين عاماً من الانتظار، يبدو أن حلم المنتفعين بأراضي أملاك الدولة «إصلاح زراعي، أملاك خاصة للدولة» قد تحقق أخيراً، حيث ذكرت مصادر مطلعة في وزارة الزراعة أن دوائر أملاك الدولة قد قامت بتسجيل الأراضي بأسمائهم، سواءً كانوا من الأحياء أو من الأموات. إلا أن فرحتهم لم تكتمل تماماً بسبب الإشارة التي وضعت على صحائف العقارات المنقولة، والتي تشترط مضي مدة خمس سنوات لانتقال الملكية إلى ورثة المنتفعين الأموات!!
يمكننا أن ندرك مدى إجحاف هذه الفقرة إذا تذكَّرنا أن العدد الأكبر من المنتفعين قد أصبحوا في عداد الأموات بعد مرور كل هذه السنين على صدور قرارات الانتفاع، التي ابتدأ إصدارها منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، ووصلت ذروتها في العام 1967، وهكذا فإن المستفيد الأساسي من نقل ملكية أراضي الانتفاع هم الورثة الذين اكتشفوا أن عليهم انتظار خمس سنوات حتى يحصلوا على حق تملك أراضيهم بشكل كامل!!
ومن حقنا هنا أن نتساءل مع الورثة الذين فرض عليهم الانتظار: كيف سيستطيع «المستفيدون» من هذا القرار صيانة أراضيهم طيلة فترة الانتظار؟ وفي حال وقع نزاع أو خلاف على هذه الأراضي، فإلى أية جهة تنفيذية أو قضائية سيلجؤون، وهم لا يستطيعون إثبات ملكيتهم لأراضيهم، لأنهم غير مالكين قيداً لأراضيهم في السجل العقاري؟!!
وتتخذ هذه المشكلة أبعاداً مختلفة في محافظة الحسكة، ففضلاً عن شرط مرور السنوات الخمس، يعيش في هذه المحافظة عشرات الآلاف من المواطنين «الأجانب» من ضحايا الإحصاء الاستثنائي السيئ الصيت، وهؤلاء لا يحق لهم التمتع بحق الملكية على الإطلاق، فكيف سيستفيدون من خطوة تسجيل الأراضي الآنفة الذكر؟!!
بعيداً عن انتقاد العقلية العجائبية التي تحكم تنفيذ القرارات في بلادنا، لا يسعنا إلا أن نتمنى أن يحمل هذا العام فرحتين لهؤلاء «الأجانب»: فرحة تسجيل أراضي الانتفاع باسمهم، وفرحة الاعتراف بهم أخيرا كمواطنين سوريين أباً عن جد.