برسم المحافظ ومديرية الزراعة في طرطوس لا سبيل لإطفاء الحرائق لانعدام الطرق الزراعية
مع استمرار وتصاعد موجة الحر، يزداد احتمال نشوب الحرائق وانتشارها، وبالتالي حتى لا يكون الافتراض كارثياً عندما يصبح واقعاً، على الجهات المعنية أن تأخذ احتياطاتها من تهيئة الكوادر والآليات ووسائل الاتصال وشق الطرقات لتسهيل عملية الوصول إلى الأماكن المنكوبة. وما كان افتراضياً حدث واقعاً مراً بحريق اندلع مؤخراً في أراض زراعية مشجرة بأشجار الزيتون وحراجية بالصنوبر والسنديان، متوسطة مجموعة من القرى (اسقبولى، القطلب، بيت السلطان، الجوبة) ولا تبعد عن مدينة طرطوس سوى بضعة كيلو مترات.
بعد اتصال الأهالي بالجهات المعنية حضرت إلى الموقع الآليات والصهاريج وكل ما يلزم لعملية الإطفاء، ولكن المشكلة كانت عدم صلاحية الطرق الزراعية لعبور سيارات الإطفاء إلى مكان الحريق، والأسوأ من ذلك عدم مقدرة الجرافات على شق طرق جديدة بالسرعة المطلوبة زمنياً تواتراً مع شدة وسرعة انتشار الحريق، وبالتالي أصبحت عملية الإطفاء خاضعة للجهود الجبارة التي بذلها المواطنون المتواجدون، وعناصر من قسم الإحراج زودوا بمضخات فردية على ظهورهم، وعلى الرغم من أن الرياح تغيرت لمصلحة عملية الإطفاء إلا أن الخسائر لم تقل عن 25 دونماً، ومن ضمنها 1200 شجرة زيتون كبيرة، وعادت الآليات أدراجها دون أن تنهي المشكلة بعد أن تم إطفاء الحريق، وكأنهم يقولون إلى اللقاء في حريق قادم. بعد إخماد الحريق تعالت الأصوات مذكرة الجهات المسؤولة ضرورة وجود الطرق الزراعية، وهنا يتكرر الحديث الرسمي: «قدموا لنا كتاباً بموافقة الأهالي وتنازلهم، ونحن نشق الطرق الزراعية».
الطرق الزراعية كانت سابقا ممرات ضيقة عبر الزمن تمشي عليها المواشي والبشر، بعد عام من شقها كطرق زراعية لم تعد صالحة لا للآليات ولا للمواشي، وكل طريق زراعي يشق ولا يرصف ويعبد لا يبقى صالحاً بعد موسم أمطار واحد، بل يعود أسوا مما كان، وهذه الطرق التي لم تستطع الآليات السير عليها شقت منذ زمن طويل وتنازل الأهالي، ومنها أعيد تنظيفه أكثر من مرة، وفي كل مرة كان الأهالي يوقعون على الموافقة على الأضرار التي تصيبهم، ومن ناحية أخرى عندما تريد البلدية مد مجرور مثلاً عبر متعهد لا يحتاج الأمر إلى تنازل الأهالي، وكثيرا ما يصيبهم الضرر ولكنهم يسكتون، والظاهرة الأخرى أن هناك طرقاً زراعية شقت ورصفت وعبدت وأصبحت كالطرق الرئيسية تسير عليها كل أنواع السيارات لكنها لجهات معينة متنفذة.
إن المواطنين أصحاب هذه الملكيات يعانون الأمرين في الوصول إلى أراضيهم، يحملون السماد أثناء الحراثة والتسميد، وحصاد موسم الزيتون على ظهورهم أو ظهور حميرهم، فهل هذا ما يريد المسؤولون استمراره؟
■ محمد سلوم